حدق الحسان رمينني بتململ

التفعيلة : البحر الكامل

حَدقُ الحِسانِ رَمَينَني بِتَمَلمُلِ

وَأَخذنَ قَلبي في الرَعيلِ الأَوَّلِ

غادَرنَني وَإِلى التَفَزُّعِ مَفزَعي

وَتَرَكنَني وَعلى العويل مُعَوَّلي

لَو أَنَّ ما أَلقاهُ حُمِّلَ يَذبُلاً

قَد كانَ يَذبُلُ مِنهُ رُكنا يَذبُل

ما زِلتُ أَرعى اللَيلَ رَعيَ مُوَكَّلٍ

حَتّى رَأَيتُ نُجومَهُ يَبكينَ لي

فَحَسِبتُها زَهَراتِ روضٍ ضاحِكٍ

متبسِّمٍ قد أَلقِيَت في جَدوَل

يَنقَضُّ لامِعُها فَتَحسَب كاتِباً

قَد مَدَّ سَطراً مُذهَباً بِتَعَجُّلِ

وَيَغيبُ طالِعُها كَدُرٍ قَد وَهى

مِن سِلكِ غانيةٍ مَشَت بِتَدَلُّل

حَتّى إِذا ما الصُبحُ أَنفذَ رَسلَهُ

أَبدَت شُجونَ تفرُّقٍ وَترحُّل

وَالفَجرُ من رَأدِ الضِياءِ كَأَنَّهُ

سُعدى وَقد بَرَزَت لَنا بِتَبَذُّل

وَمَضى الظَلامُ يَجُرُّ ذَيل عُبوسِهِ

فَأَتى الضِياءُ بِوَجهِهِ المُتَهَلِّل

وَبَدا لَنا ترس من الذَهَبِ الَّذي

لَم يُنتَزَع من مَعدنٍ بِتَعَمُّل

مِرءآةُ نورٍ لَم تُشَن بِصِياغَةٍ

كَلّا وَلا جُلِيَت بكفِّ الصَيقَل

تَسمو إِلى كَبِدِ السَماءِ كَأَنَّها

تَبغي هُناكَ دِفاعَ كربٍ مُعضِل

حَتّى إِذا بَلَغت إِلى حيثُ انتَهَت

وَقَفت كَوَقفَةِ سائِلٍ عَن مَنزِلِ

ثُمَّ انثَنَت تَبغي الحُدورَ كَأَنَّها

طَيرٌ أَسَفَّ مَخافَةً من أَجدَلِ

حَتّى إِذا ما اللَيلُ كرَّ بِبَأسِهِ

في جَحفَلٍ قَد أَتبَعوهُ بِجَحفَل

طرب الصَديقُ إِلى الصَديقِ وَأَبرِزَت

كَأسُ الرَحيق وَلم يُخَف من عُذَّل

فَالعودُ يُصلَحُ وَالحَناجِرُ تُجتَلى

وَالدُرُّ يُخرَزُ من صُراحِ المِبزَلِ

وَالعَينُ تومىءُ وَالحَواجِبُ تَنتَجي

وَالعَتبُ يَظهَرُ عطنُهُ في أَنمل

وَالأُذنُ تَقضي ما تُريد وَتَشتَهي

مِن طِفلَةٍ مَع عودِها كَالمُطفِل

اِن شِئتَ مرَّت في طَريقَة مَعبَدٍ

أَو شِئتَ مَرَّت في طَريقَة زَلزِلِ

أَتَغنيكَ عَن اِبداعِ بِدعَةِ حُسنِ ما

وُصِلَت طَرائِقُهُ بِفنِّ المَوصِلي

فَالرَوضُ بَينَ مُسَهَّمِ وَمُدَّبَّجٍ

وَمُفَوَّفٍ وَمُجَزَّعٍ وَمُهَلَّل

وَالطَيرُ أَلسِنَةُ الغصون وَقد شَدَت

لِيَطيبَ لي شُربُ المَدام السَلسَلِ

من حُمَّرٍ أَو عَندَليبٍ مُطرِبٍ

أَو زُرزُرٍ أَو تَدرُجٍ أَو بُلبل

فَأَخَذتُها عادِيَّةً غَيلِيَّةً

تُجلى عَلَيَّ كَمِثلِ عينِ الأَشهَلِ

قَد كانَ ذاكَ وَفي الصِبا مُتَنَفَّس

وَالدَهرُ أَعمى لَيسَ يَعرِفُ مَعقَلي

حَتّى إِذا خَطَّ المَشيبُ بِعارِضي

خَطَّ الاِنابَةِ رُمتُها بِتبتُّل

وَجَعَلتُ تَكفيرَ الذُنوبِ مَدائِحي

في سادَةٍ آلِ النَبِيِّ المُرسَلِ

في سادَةٍ حازوا المَفاخِرَ قادَةٍ

وَرَقوا الفُخارَ بمقولٍ وَبمنصُل

وَتَشَدُّدٍ يَومَ الوَغى وَتَشَرُّرٍ

وَتَفَضُّلٍ يَومَ النَدى وَتَسَهُّلٍ

وَتقدُّمٍ في العِلمِ غيرِ مُحَلَّلأٍ

وَتحققٍ بِالعِلمِ غَيرِ مُحَلحَل

وَعِبادَةٍ ما نالَ عَبد مِثلَها

لِأَداءِ فرضٍ أَو أَداءِ تَنَفُّلِ

هَل كَالوَصِيِّ مَقارِع في مَجمَعٍ

هَل كَالوَصِيِّ مُنازِع في مَجفِلِ

شَهَرَ الحسامَ لِحَسمِ داءٍ مُعضِلٍ

وَحَمى الجُيوشَ كَمِثلِ لَيلٍ أَليَل

لَمّا أَتَوا بَدراً أَتاهُ مُبادِراً

يَسخو بمهجَةِ محربٍ متأَصل

كَم باسِل قَد رَدَّهُ وَعَلَيهِ من

دَمِهِ رِداء أَحمرٌ لَم يُصقَل

كَم ضَربَةٍ من كَفِّهِ في قَرنِهِ

قَد خيلَ جَريُ دِمائِها من جَدوَلِ

كَم حَملَةٍ وَالى عَلى أَعدائِهِ

تَرمي الجِبالَ بِوَقعِها بِتَزَلزُل

هذا الجِهادُ وَما يُطيقُ بِجهده

خَصم دِفاعَ وُضوحِهِ بِتَأَوُّل

يا مَرحَباً اِذ ظَل يَردي مَرحباً

وَالجَيش بَينَ مكبِّرٍ وَمُهَلِّل

وَإِذا انثَنَيتُ إِلى العُلوم رَأَيتُهُ

قَرمَ القُرومِ يَفوقُ كلَّ البُزَّل

وَيَقومُ بِالتَنزيلِ وَالتَأويلِ لا

تَعدوهُ نُكتَة واضِحٍ أَو مشكِل

لَولا فَتاويهِ الَّتي نَجَّتهُمُ

لَتَهالَكوا بِتَعَسُّفٍ وَتَجَهُّلِ

لَم يَسأَلِ الأَقوامَ عَن أَمرٍ وَكم

سَأَلوهُ مُدَّرعينَ ثَوبَ تَذّلُّل

كانَ الرَسولُ مَدينَةً هو بابُها

لَو أَثبَتَ النُصّابُ قَول المُرسَل

قَد كانَ كَرّاراً فَسُمِّيَ غَيرُهُ

في الوَقتِ فَرّاراً فَهَل من معدل

هذي صُدورُهُمُ لِبغضِ المُصطَفى

تَغلي عَلى الأَهلَيِ غَليَ المِرجَل

نَصبت حقودُهُمُ حُروباً أَدرَجَت

آلَ النَبِيِّ عَلى الخطوبِ النُزَّل

حُلّوا وَقد عَقَدوا كَما نَكَثوا وَقد

عَهَدوا فَقُل في نَكثِ باغٍ مُبطل

وافوا يخبِّرُنا بِضَعفِ عُقولِهم

أَنَّ المُدَبِّرَ ثَمَّ رَبَّةُ مَحمِلِ

هَل صَيَّرَ اللَهُ النِساءَ أَئمةً

يا أُمَّةً مِثلَ النَعامِ المُهمَلِ

دَبَّت عَقارِبُهُم لِصِنوِ نَبِيِّهم

فَاِغتالَهُ أَشقى الوَرى بِتَخَتُّلِ

أَجروا دِماءَ أَخي النَبِيِّ محمدٍ

فَلتُجرِ غَربَ دُموعِها وَلتَهمِلِ

وَلتَصدُرِ اللَعناتُ غَيرَ مزالةٍ

لِعِداهُ من ماضٍ وَمن مُستَقبَل

لم تُشفِهِم من أَحمدٍ أَفعالُهُم

بِوَصِيِّهِ الطُهرِ الزكيِّ المفضلِ

فَتجرَّدوا لِبَنيهِ ثُمَّ بَناتِهِ

بِعظائِمٍ فَاِسمَع حَديثَ المقتلِ

مَنَعوا حسينَ الماءَ وَهو مجاهِد

في كَربَلاءَ فَنُح كَنَوحِ المُعوِلِ

مَنَعوهُ أَعذبَ مَنهَلٍ وَكَذا غَداً

يَرِدونَ في النيرانِ أَوخَمَ منهلِ

يُسقَونَ غَسلَيناً وَيُحشَرُ جَمعُهُم

حشراً متيناً في العِقابِ المُجمِل

أَأَيحزُّ رَأسُ ابنِ الرَسولِ وَفي الوَرى

حيّ أَمامَ رِكابِهِ لم يُقتَلِ

تُسبي بناتُ محمدٍ حَتّى كَأَن

نَ محمداً وافى بملَّةِ هرقلِ

وَبَنو السِفاحِ تَحَكَّموا في أَهلِ حَي

يَ عَلى الفَلاحِ بِفُرصَةٍ وَتَعَجُّل

نَكَتَ الدعيُّ ابنُ البَغِيِّ ضَواحِكاً

هِيَ لِلنَبِيِّ الخَيرِ خَيرُ مُقَبَّلِ

تُمضي بَنو هندٍ سُيوف الهِندِ في

أَوداجِ أَولادِ النَبِيِّ وَتَعتَلي

ناحَت مَلائِكَةُ السَماءِ عَلَيهُمُ

وَبَكَوا وَقد سُقّوا كُؤوسَ الذُبَّل

فَأَرى البكاءَ مدى الزَمانِ مُحَلَّلاً

وَالضحك بَعد السبط غيرَ محلَّل

قَد قلتُ لِلأَحزانِ دومي هكَذا

وَتَنَزَّلي بِالقَلبِ لا تَتَرَحّلي

يا شيعَةَ الهادينَ لا تَتَأَسَّفي

وَثِقي بِحَبلِ اللَهِ لا تَتَعَجّلي

فَغَداً تَرونَ الناصِبينَ ودارُهُم

قَعرُ الجَحيمُ من الطباقِ الأَسفَلِ

وَتُنَعَّمون مَع النَبِيِّ وَآلِهِ

في جَنَّةِ الفردوس أَكرَم موئلِ

هذي القَلائِدُ كَالخَرائِدِ تُجتَلى

في وَصفِ عَلياءِ النَبِيِّ وَفي علي

لقريحةٍ عَدلِيَّةٍ شيعِيَّةٍ

أَزرَت بِشعرِ مُزرِّدٍ وَمُهَلهل

ما شاقَها لما أَقمت وِزانَها

أَن لَم تَكُن لِلأَعشَيين وَجرول

رامَ ابنُ عَبّادٍ بِها قُربىً إِلى

ساداتِهِ فَأَتَت بِحُسنٍ مُكمَلِ

ما يُنكِر المَعنى الَّذي قَصدت لَهُ

إِلّا الَّذي وافى لعدَّة أَفحُل

وَعَلَيكَ يا مَكِيُّ حسن نَشيدِها

حَتّى تَحوزَ كَمالَ عيشٍ مُقبِل


نوع المنشور:

شارك على :

المنشور السابق

أحب النبي وآل النبي

المنشور التالي

يا زائرا سائرا إلى الكوفه

اقرأ أيضاً