أنا , وجميل بثينة

التفعيلة : حديث

كَبِرْنا ’ أَنا وجميلُ بُثَيْنَةَ , كُلٌّ
على حِدَةٍ’ في زمانين مُخْتَلِفَينْ….
هُوَ الوقْتُ يفعل ما تفعل الشمسُ
والريحُ: يَصْقُلُنا ثم يقتلُنا حينما
يحمل العقلُ عاطفةَ القلبِ , أَو
عندما يبلُغُ القلبُ حكمتَهُ

يا جميلُ ! أَتكبَرُ مِثْلَكَ , مثلي ,
بثينةُ ؟
تكبَرُ , يا صاحبي , خارجَ القلب
في نَظَر الآخرين . وفي داخلي تستحمُّ
الغزالةُ في نبعا المتدفّق من ذاتها

هِيَ , أَم تلك صُورَتُها ؟

إنها هِيَ يا صاحبي . دَمُها , لحمُها ,
واُسمُها . لا زمان لها . رُبّما استَوْقَفَتْني
غداً في الطريق إلى أَمسها

هل أَحبَّتْكَ ؟ أَم أَعْجَبَتْها استعارتُها
في أَغانيك ’ لؤلؤةً كُلَّما حدَّقتْ في
لياليكَ واُغرورقتْ… أَشرقَتْ قمراً قلبُهُ
حَجَر يا جميل؟

هو الحُبُّ , يا صاحبي , موتُنا المُنْتَقَى
عابرٌ يَتَزَوَّجُ من عابرِ مُطْلقاً….
لا نهايةَ لي , لا بدايةَ لي . لا
بُثَيْنَةُ لي وأَنا لبثينةَ هذا
هو الحبُّ , يا صاحبي . ليتني كُنْتُ
أَصغرَ منِّي بعشرين باباً لكان
الهواءُ خفيفاً عليَّ وصورتُها الجانبيَّةُ
في الليل أَوضحَ من شامةٍ فوق
سُرَّتها….

هل هَمَمْتَ بها , يا جميل , على عكس
ما قال عنك الرُواةُ , وهَمَّتْ بكَ ؟

تزوَّجتُها. وهَزَزْنا السماءَ فسالَتْ
حليباً على خُبْزِنا. كُلَّما فَتَّحَتْ
جَسَدي زهرةً زهرةً , وأَراق غدي
خمرَة قطرةً قطرةً في أَباريقها

هل خُلِقْتَ لها , يا جميل ,
وتبقي لها ؟

أُمِرْتُ وعُلِّمْتُ . لا شأنَ لي
بوجودي المُراقِ كماءٍ على جلدها
العِنَبيّ . ولا شأنَ لي بالخلود
الذي سوف يتبعُنا ككلاب الرعاة
فما أَنا إلاَّ كما خَلَقَتْني بُثَينَةُ

هل تشرَحُ الحُبَّ لي , يا جميلُ ,
لأَحفظَهُ فكرةً فكرةً ؟
أَعْرَفُ الناس بالحُبِّ أكثرُهُمْ حَيْرَةً ,
فاحترِقْ , لا لتعرف نفسك , لكن
لتُشْعِلَ لَيْلَ بُثَيْنَةَ….

أَعلى من الليل , طار جميل
وكسَّر عُكَّازتَيْه. ومال على أُذُني
هامساً: إن رأيت بثينةَ في اُمرأةٍ
غيرها’ فاجعل الموت , يا صاحبي ,
صاحباً. وتلألأ هنالك , في اُسم
بثينة , كالنون في القافيةْ !


نوع المنشور:

شارك على :

المنشور السابق

من أنا, دون منفى؟

المنشور التالي

قناع ... لمجنون ليلى

اقرأ أيضاً

الزهر معلم ند

الزَهرُ مُعلَمُ نَدٍّ مِنَ الرُبى في تُخوتِ مِن أَصفَرٍ صَندَلِيٍّ وَأَحمَرٍ ياقوتي فَاِشرَب عَلَيهِ عَقارا كَالعَنبَرِ المَفتوتِ فَشَملُهُ…