هذا هو العُرس الذي لا ينتهي
في ساحة لا ينتهي
في ليلة لا ينتهي
هذا هو العُرْشُ الفلسطينيُّ
لا يصل الحبيبُ إلى الحبيبْ
إلاّ شهيداً أو شريرا
دَمُهم أمامي….
يسكن اليوم المجاورَ
صار جسمي وردةً في موتهمْ….
وذبلتُ في اليوم الذي سَبَقَ الرصاصةَ
وازدهرتُ غداةَ أكملتِ الرصاصةُ جُثَّتي
وجمعتُ صوتي كُلَّهُ لأكون أهدأ من دمٍ
غطّى دمي…
دَمُهم أمامي
يسكن المدنَ التي اقتربتْ
كأنَّ جراحهم سفنُ الرجوعِ
ووحدهم لا يرجعون …
دَمُهم أمامي…
لا أراهُ
كأنه وطني
أمامي … لا أراهُ
كأنه طُرُقات يافا
لا أراهُ
كأنه كُلَّ نوافذ الوطن اختفتْ في اللحمِ
وحدهمُ يرون
وحاسَّةُ الدم أينعتْ فيهم
وقادتهم إلى عشرين عاماً ضائعاً
والآن , تأخذ شكلها الآتي
حبيبتُهم…
وترجعهم إلى شريانها
دَمهُم أمامي….
لا أراهُ
كأنَّ كل شوارع الوطن اختفتْ في اللحمِ
وحدهمُ يرون
لأنهمْ يتحررون الآن من جلد الهزيمةِ
والمرايا
ها همُ يتطايرون على سطوحهم القديمةِ
كالسنونو والشظايا
ها هُم يتحررون….
طوبى لشئ غامضٍ
طوبى لشئ لم يصل
فكّوا طلاسمه ومزَّقهُمْ
فأرَّخْتُ البداية من خطاهم
(ها هي الأشجار تزهرُ
في قيودي )
وانتمت إلى رؤاهم
(ها هي الميناء تظهرُ
في حدودي )
والحلم أصدق دائماً. لا فرق بين الحلمِ
والوطن المرابط خلفَهُ…
الحلم أصدق دائماً . لا فرق بين الحلمِ
والجسد المخبَّأ في شظيَّهْ
والحلم أكثر واقعيَّهْ
السفحُ أكبر من سواعدهمْ
ولكنْ…
حاولوا أن يصعدوا
والبحر أبعد من مراحلهم
ولكنْ….
حاولوا أن يعبروا
والنجمُ أقرب من منازلهم
ولكن….
حاولوا أن يفرحوا
والأرض أضيقُ من تصورهم
ولكن …
حاولوا أن يحلموا
طوبى لشئ غامض !
طوبى لشئ لم يصلْ
فكّوا طلاسمه ومزَّقهم
فأزّخْتُ البداية من خطاهم
وانتميت إلى رؤاهم
آه.. يا أشياء ! كوني مبهمهْ
لنكون أوضح منك
أفلست الحواسَّ وأصبحتْ قيداً على أحلامنا
وعلى حدودِ القدسِ ’
أفلست الحواسَّ, وحاسَّةُ الدم أينعت فيهم
وقادتهم إلى الوجه البعيد
هربت حبيبتهم إلى أسوارها وغزاتها
فتمردوا
وتوحدوا
في رمشها المسروق من أجفانهم
وتسلّقوا جدران هذا العصرِ
دقوا حائط المنفى
أقاموا من سلاسلهم سلالمْ
ليقبِّلوا أقدامها
فاكتظَّ شعبٌ في أصابعهم خواتمْ
هذا هو العرس الذي لا ينتهي
في ساحة لا ينتهي
هذا هو العُرسُ الفلسطينيُّ
لا يصل الحبيبُ إلى الحبيبْ
إلاّ شهيداً… أو شريدا
من أي عامٍ جاء هذا الحزن ؟
من سَنةٍ فلسطينيةٍ لا تنتهي
وتشابهتْ كل الشهور , تشابه الموتى
ما حملوا خرائط أو رسوماً أو أغاني للوطن
حملوا مقابرهم …
وساروا في مهمتهم
وسرنا في جنازتهم
وكان العالم العربيُّ أضيق من توابيت الرجوع
أنراك يا وطني
لأن عيونهم رسمْتكَ رؤيا … لا قضيَّهْ !
أنراك يا وطني
لأن أصابع الشهداء تحملنا إلى صفدٍ
صلاةٍ .. أو هويَّهْ
ماذا تريد الآن منّا
ماذا تريد؟
خذهم بلا أجرٍ
ووزِّعهم على بيّارة جاعت
لعلَّ الخضرة انقرضت هناك
الشئُ .. أم هُمْ ؟
إن جثة حاؤسٍ صمّامُ هاوية التردّي
(هكذا صار الشعار ’ وهكذا قالوا )
ومرحلةٌ بأكملها أفاقتْ – ذات حلم –
من تدحرجها على بطن الهزيمة ’(هكذا ماتوا)
وهذا الشئ .. هذا الشئ بين البحرِ
والمدن اللقيطة ساحلٌ لم يتَّسع إلاّ لموتانا’
ومروا فيه كالغرباء (ننساهم على مهل)
وهذا الشئ … هذا الشئ بين البحرِ
والمدن اللقيطة حارسٌ تعبت يداه من الإشارة
لم يصل أحدٌ ومروا من يديه الآن
فاتسعتْ يداهُ
كلُّ شئ ينتهي من أجل هذا العرسِ…
مرحلة بأكملها أفاقت – ذات موتِ
من تدحرجها على بطن الهزيمهْ…
الشئُ..أم هُمْ ؟
يدخلون الآن في ذرات بعضم ’
يصير الشئ أجساداً ,
وهم يتناثرون الآن بين البحر والمدن
اللقيطة
ساحلاً
أو برتقالا
كلُّ شئ ينتهي من أجل هذا العرسِ…
مرحلة بأكملها …. زمانٌ ينتهي
هذا هو العرس الفلسطينيّ
لا يصل الحبيب إلى الحبيب
إلاّ شهيداً أو شريدا.