من طالب بي في الظباء العين

التفعيلة : البحر الكامل

مَنْ طالبٌ بي في الظباءِ العين

والثأرُ بين سوالفٍ وعيونِ

وسَمُوا بنعمَانَ الأسنةَ والقنا

لشقاي باسم كواعبٍ وغصونِ

واهتزّ كلُّ مرنَّح في رأسه

لحظٌ تسيل عليه نفسُ طعينِ

ضمِنَ الفتورَ لضعفه فوفت له

أحشاءُ كلِّ ممسَّدٍ ممنونِ

بِعنا صلاحَ قلوبنا بفسادها

يوم النقا برضاً من المغبونِ

وعلى الحمُول أهلّة شفّافةٌ

عن جوهر من حسنها المكنونِ

شقّوا الظلامَ بكلِّ أبلجَ واضحٍ

يزع الظلامَ بعارضٍ وجبينِ

حرّ الأديم يعيد لونُ بياضه

صِبغَ الدموع كثيرةَ التلوينِ

جعلوا صدورَ العيس قِبلَة لعلع

وحنِينهنَّ لدى الأراك حنيني

وتحرّفوا ذات اليمين بحاجرٍ

فصفَقتُ يأسا بالشمال يميني

واستخلفوني والجوى بي شاخصٌ

حيرانَ أسألُ منه غيرَ مبينِ

يَبلَى بلايَ ولو إليه لسانُه

لشكا اشتكايَ وأنَّ مثلَ أنيني

عبِقتْ به أرواحُهم فكأنه

بالأمس فُورقَ والفراقُ لحينِ

فوقفتُ أستسقي لمُوقدِ غُلَّتي

فيه وأستشفي بما يدويني

ومسفّهٍ حلمي أن استسعدته

في الدار وهو بنهيه يُغريني

خفِّضْ فمالك إن أطعتك حازما

عقلي الغداة ولا عليك جنوني

هل مبلغٌ بالروضتين سلامَنا

ظبيا على ما بيننا من بِينِ

ومع التحية أنَّ سِرَّ هواكُم

في الصدر خلفَ ممنّع مخزونِ

لم تدر من سَتْرِي له كبدي بمن

ذابت ولا لمن البكاءُ جفوني

أفذكرةٌ تُرضِي الوفاءَ على النوى

إذ لا رجاءَ لنظرةٍ تُرضيني

أم حبلُ كلِّ مودّة في راحة

نكَّاثةٍ بالغدر كلَّ قرينِ

كم أستغرُّ فأستجيرُ بآكلٍ

لحمي فأُعرَقُ وهو غير سمينِ

ويقودُني قَودَ الجنيبِ مدامجٌ

بريائه عن دائيَ المكنونِ

ولقد تحدَّث لو فطنتُ بقلبه ال

معلول لي في لفظه المشفونِ

اُشدُدْ على النكباء كفَّك كلَّما

قلتَ اعتلقتُ بصاحبٍ مأمونِ

وتمشَّ من أخويك يومَ أمانةٍ

ما بين ذئبِ غضاً وليثِ عرينِ

والناسُ عندك راتعٌ فيما ادّعى

غصبا ودافعُ حقّك المضمونِ

ذُمَّ الحِفاظَ فذو الصرامة عندهم

معطي الخلابِ ومانعُ الماعونِ

وسَرَى النفاقُ كأنه سلسالةٌ

في الماء أو صَلصالةٌ في الطينِ

أفأنت في سوء الظنون تلومني

عني فما عَدَتِ اليقينَ ظنوني

كِلْني إلى الرزق العزيز قليلُه

والذلُّ تحت كثيره الممنونِ

فإذا الذي فوقي بفَضلة ماله

لغنايَ عنه كأنه من دوني

حسبي وجدتُ من الكرام نشيدتي

متورِّعا وأصبتُ ما يكفيني

نُسِختْ شريعةُ كلِّ فضلٍ فانطوت

فأعاد دينَ المجد مجدُ الدينِ

وأرادني لنزاهتي وأردتُه

صبّا من العلياء ما يُصبيني

يقظانُ أبصَر والعيونُ عشيَّةٌ

فضلي فأبصرَ نقصَ ما يعدوني

وأرته أُولَى نظرة من رأيه

بالظن كيف حقيقتي ويقيني

واقتادني بِخزامة من خُلقهِ

ملكت خشونةَ مِقودي باللينِ

وعلِقتُ منه فطار بي متحلّقا

بقويّ قادمةِ الجنَاح أمينِ

بِرّاً وإكراما كما يحنو أبي

وكما احتبتْ رِبْعيَّةٌ تحبوني

أعطَى وقد نسِيَ العطاءَ وبيَّضتْ

كَفَّاه في ظُلَم الخطوب الجونِ

فطنَ الزكيُّ لغرسها فزكتْ له

فليهنه ظلِّي وما يجنيني

يا ابن الوصيّ أخي النبيّ عَنت لِيَ ال

دُنيا وصار الحظُّ ملكَ يميني

وغنيتُ حتى خفتُ سوراتِ الغنى

وخشيتُ جهل المال أن يطغيني

في كلّ يومٍ نعمةٌ تُعلِي يدي

وعطيَّةٌ عن أختها تُلهيني

وغريبةٌ مِرباعها ونشيُطها

من ماله ووداده يُصفيني

بأبي عليّ يومَ تستبقُ العلا

مُضرٌ تفوز بخصلها المرهونِ

لقضت قريشُ نذرَها فخراً به

وتحلّلت من حِنْثِ كلِّ يمينِ

فَضَلَ القبيلَ فقال غيرَ مراجَع

قولَ المطاع وكان غيرَ مَدينِ

ووفى بشرطِ سيوفها وضيوفها

في مجدها المفروض والمسنونِ

أو لم يَروا بالأمس آية موقفٍ

لك بين كفِّ مُنىً وسيفِ مَنونِ

لم يعدُ في كُوفانَ خصمُك أن رأى

فيه مقامَ أبيك في صِفِّينِ

أنتم ولاة الدين والدنيا لكم

سلطانُها في واضح التبيينِ

وإليكُمُ رَجْعُ الحسابِ ومنكُمُ

قارى الغريبِ ومُطعمُ المسكينِ

وإذا تكلَّم ذو الفخار مقصِّرا

طاولتُمُ بمكلِّم التِّنِّينِ

وأبوكُم المُفضِي إليه جدُّكم

ما كان من موسى إلى هارونِ

يرقَى بفضلكُمُ ويهبِط سادةُ ال

أملاك في طه وفي ياسينِ

مُحيِتْ خطيئةُ آدم بذريعةٍ

منكم وجاهٍ في الدعاء مُعينِ

ونجا بكم في فُلكه المشحونِ

نوحٌ وفُرِّجَ همُّه ذو النونِ

فلذاك من يعلَق بكم وبحبكمْ

يعلقْ بممتنع السَّنام حصينِ

ولذاك قد صدَقتْ إليك عِيافتي

يومَ استخارة طيرِها الميمونِ

وكما حمِدتك موليا ما سَرّني

فلتحمدَنّي في الذي توليني

ولتأتينّك بالثناء خوابطٌ

في الأرض تخبِط أظهرا ببطونِ

لا تستريحُ إلى السهول إذا رأت

عزَّ السرى في غِلظة وحزونِ

يبعثن للأعراض كلَّ كريمة

بُذلتْ وما بُذلتْ لغير مصونِ

ينظمنَ أبكارَ المعاني شُرَّدا

بيد الفصاحة في القوافي العُونِ

لو أنّ مهديَها يُوَفَّى حقَّها

أهدى بها فَقْراً إلى قارونِ

يبقَى الذي أعطتك منها ما ذكتْ

شمسٌ ويفنَى كلُّ ما تعطيني

تُحفُ الكريم وللحديث شجونه

من بعدُ فاسمع فيكَ بعضَ شجوني

حتام تُنبَذُ بالعراء مَواعدي

وتموتُ عندك بالمِطال ديوني

وبأيّ عدل أم بأيّ قضيةٍ

أنت المليُّ وأنت لا تقضيني

مخطوبة تدنو الوعودُ بدارها

فأقولُ جاءت أو غداً تأتيني

حتى إذا علِقَ الرجاء بها رمتْ

عن قوس نازحةِ المزار شَطونِ

فجميل قولك عاشقٌ يشتاقني

فيها وفعلُك تائه يجفوني

والناس مَسلاةٌ فليتك موسعا

طمعي أمرتَ الناس أن تسليني

فصلُ الشتاء وعُرِّيت أيامُهُ

بمواعدٍ ينظرنَ أن تكسوني

وأرى شهورَ الصيف تأخذ إخذَها

فيما تسوّفني وما تَلويني

إن أعيذك أن يضيع ثقيلُها

وخفيفُها في جودك المضمونِ

أو أن أرى الفصلين منك تظلّما

فشكا حزيران إلى كانونِ


نوع المنشور:

شارك على :

المنشور السابق

ليتها إذ منعت ماعونها

المنشور التالي

طاف عليه بالرقمتينِ

اقرأ أيضاً