حاشاك من عارية ترد

التفعيلة : البحر الوافر

حاشاك من عاريَّةٍ تُرَدُّ

اِبيضَّ ذاك الشَّعَرُ المسودُّ

أشرفَ بازيَّ على غرابه

حتى ذَوى الغصنُ ولان الجَعْدُ

أتعبني بخاضبٍ مُصدَّدٍ

لو كان من هُجومهِ يُصَدُّ

وثالمٍ بلقطه ثَنيَّةً

معروفةً من يومها تُسَدُّ

يصبغ سوداءَ ودون أخذه

بيضاءُ تَخفَى تارة وتَبدو

أَخلقَ جاهي في ذوات الخُمْرِ مذ

لِيثَ خمارٌ لِيَ مُستَجَدُّ

قلنَ وقد عتبتُ في وثائق

نقضنها ما غادةٌ وعهدُ

نافَى بك الشيبُ بِطالاتِ الصِّبا

الليلُ هزلٌ والنهارُ جِدُّ

فقلتُ نصلٌ لا يُذَمُّ عِتقُهُ

قلنَ فأينَ الماءُ والفِرِندُ

كان قناةً فغدا حنِيَّةً

ظهرُك ما القضيبُ إلا القَدُّ

سائل بني سعدٍ وأيّ مأثمٍ

لم يتقلَّدْ منكِ ظلماً سعدُ

أهندُ قالت ملَّني وحلَفتْ

تحلَّلي حالفةٍ يا هِندُ

أمْنُكِ بين أضلعي جنايةٌ

أعجبْ بها ناراً خَباها زَندُ

وعدُكِ لِمْ أُخْلِفَ يومَ بابلٍ

بل كان سحراً واسمُهُ لِي وعدُ

خصرُكِ ضعفاً واللسانُ مَلَقاً

دقَّاً عليك أن يصحَّ عَقدُ

ضاع الهوى ضياعَ من يحفَظُه

ومات مع أهل الوفاء الودُّ

اُنْجُ ربيحَ العِرضِ واقعدْ حَجرَةً

منفرداً إن الحسامَ فردُ

كم مستريحٍ في ظلالِ نعمةٍ

وأنت في تأميله تَكُدُّ

طالك بالمال ولو أريتَهُ

صَوناً رآك مَعَهُ تُعَدُّ

ملكتُ نفسي مذ هجرتُ طمعي

اليأسُ حُرٌّ والرجاءُ عبدُ

ولو علمتُ رغبةً تسوق لي

نفعاً لَخِفتُ أن يَضُرَّ الزهدُ

جرَّبتُ أخلاقَ الرجال فإذا

بسَمحِها مع السؤال نَكْدُ

ورمتُ أيديهم بكلِّ رُقيةٍ

تلين والأيدي معي تَشْتَدُّ

لم يُعبني فضلٌ أداريهم به

وإنما أعيا عليّ الجَدُّ

ما كان مَن شَعْشَعَ لي سرابَهُ

غَرَّ فَمِي وقلتُك ماءٌ عِدُّ

في الناس مَنْ معروفُهُ في عُنُقي

غُلُّ وفيهم مَن جَداه عِقدُ

مثلُ الحسينِ إن طلبتُ غايةً

فاتت وهل مِثْلٌ له أو نِدُّ

فات الرجالَ أن ينالوا مجدَه

مشمِّرٌ للمجدِ مستعِدُّ

غَلَّسَ في إثر العلا وأشمسوا

فجاء قبلاً والنجومُ بعدُ

ومن بني عبد الرحيم قَمرٌ

كلُّ لياليه تَمامٌ سعدُ

ما نطفةُ المزنِ صفَت طاهرةً

أطيبُ ممّا ضمَّ منه البُرْدُ

لايِنْهُ لا تُلفِ القضيبَ عاسياً

واصعُبْ يزاحمْك ثقيلاً أُحْدُ

من المحامين على أحسابهم

بمالِهم فالفقرُ فيهم مَجدُ

لا يتمنَّون على حظوظهم

أن يَجِدُوا دنيا إذا لم يُجدُوا

سخوا ولم تَبْنِ عليهم طيّىءٌ

وفصُحوا ولم تلدهم نَجْدُ

كانوا الخيارَ وفَرَعْتَ زائداً

والنارُ تعلو وأبوها الزَّندُ

يا مؤنسي بقربه سلْ وحشتي

بعدَك ما جرّ عليَّ البُعدُ

أكلَّ يومٍ للفراق فيكُمُ

تَعَمُّدٌ يسوءني أو قصدُ

ما بين أن يَحبُرَني لقاؤكم

حتى النوى فنَعْمَةٌ وجُهدُ

وكيف لا وأنتُمُ في نُوَبي

يدٌ وظَهرٌ وفمٌ وعَضْدُ

ريشُ جَناحي بكُمُ مُضاعَفٌ

وحبلُ باعِي منكُمُ ممتَدُّ

كم تحملون كُلَفِي ثقيلةً

كأنّ حَملي ليس مه بُدُّ

مبتسمين والثرى معبِّسٌ

بيضَ الوجوهِ والخطوبُ رُبْدُ

قد فَضَلَتْنِي سَرَفاً ألطافُكم

فحسبكم لكلِّ شيءٍ حَدُّ

أَبقُوا عليّ إنما إبقاؤكم

ذُخرٌ ليومِ حاجتي مُعَدُّ

شِيبُكُمُ والنُّصَفاءُ منكُمُ

والغُرُّ من شبابكم والمُرْدُ

في نجوةٍ أيدي الخطوب دونها

بُتْرٌ وأجفانُ الليالي رُمْدُ

أراك فيها كلَّ يومٍ لابساً

ثوباً من النَّعماء يستجدُّ

يزورك الشِّعرُ به في مَعرَضٍ

منشِدهُ يُحسبُ طِيباً يشدو

وربما أذكرُ ما أنساكَ من

رسمي اتفاقٌ ساءني لا عَمْدُ

سيفُكَ في الأعداء لِمْ خلَّفتَهُ

مجرَّداً ليس عليه غِمدُ

وكيف طِبتَ أن يُرَى فريسةً

نفساً وأيامُ الشتاء أُسْدُ

يَحتشِمُ النّيروزُ من إطلاله

والمهرجانُ يقتضيكَ بعدُ


نوع المنشور:

شارك على :

المنشور السابق

تظن ليالينا عودا

المنشور التالي

أقريش لا فلم أراك ولا يد

اقرأ أيضاً