إذا فاتها روض الحمى وجنوبه

التفعيلة : البحر الطويل

إذا فاتها روضُ الحمى وجَنوبُهُ

كفاها النسيمُ البابليُّ وطِيبُهُ

وكم حُبَّ من وادٍ إلى العيش مجدِبٍ

وأُبغِضَ مَثْرى آخَر وخصيبُهُ

وما الجانبُ المسكونُ إلا وفاقُهُ

هَوَى النفسِ لا خضراؤه وعَشيبُهُ

فدعها تَلُسُّ العيشَ طوعَ قلوبها

فأمرعُ ما ترعاه ما تستطيبُهُ

وإن الثَمادَ البَرْضَ في عزِّ قومها

لأَنقعُ من جَمٍّ يُدَلُّ غريبُهُ

وأشبَعها ألاّ تكون طرائداً

إذا شُلَّ من سَرح المسيمِ عزيبُهُ

وأن كان حيّاً بالحمَى إن توفَّرتْ

من الوجد مُبرِي دائها وطبيبُهُ

وكلُّ هلالٍ ذو الأراك حجابُهُ

يسرُّ البدورَ الطالعاتِ مَغيبُهُ

تحولُ الرماحُ العامريَّةُ دونه

فيقنِطُ راجيه ويعيا طَليبُهُ

وأتعبُ من حاولتَ يا قلبُ وصلَهُ

حبيبٌ سِنانُ المهرىَ رقيبُهُ

يُصيبُ بعيداً سهمُهُ كلَّ من رمَى

وترميه أيدٍ حولَه لا تصيبُهُ

يلوم على نجدٍ ضنينٌ بدمعهِ

إذا فارق الأحبابَ جفَّتْ غروبُهُ

وهل طائلٌ في أن يُكثِّر عذلَهُ

إذا قلَّ من إصغاءِ سمعِي نصيبُهُ

وما الناسُ إلا مَنْ فؤادي فؤادُهُ

لأهلِ الغضا أو مَن حبيبي حبيبُهُ

سأرعَى الذي بيني وبينَ ملوَّنٍ

شرِبتُ على صفوي له ما يشوبُهُ

خذيني بغيرِ الغدرِ خُلْقاً وإن جنى

عليّ الوفاءُ قَرْفُهُ ونُدوبُهُ

فذلك طينُ الأرضِ لم تُبْنَ فِطرتي

عليها وما ماءٌ سقاني قليبُهُ

خُلقتُ يداً دون الصديقِ وجُنَّةً

يَرُدُّ بها عن صدره ما ينوبُهُ

ركودي إلى الجوّ العريض ركودُهُ

إذا رام أمراً أو هبوبي هبوبُهُ

وأصفحُ عنه عاذراً متأوِّلاً

وإن كثُرتْ زَلاّتُهُ وذنوبُهُ

ويُقنعني منه ظِهارةُ وجههِ

فلا أسأل التفتيشَ كيفَ مَغيبُهُ

ومن طال عن خُبرِ الأخلاَّء بحثُهُ

ليبلُوَهم لم يخلُ مما يريبُهُ

دعيني يكن خصمي زمانِيَ وحدَهُ

وتكفيِك لي أحداثُهُ وخطوبُهُ

هو الطِّرْفُ غرَّتْ رِحلتي خطواتُهُ

وزُمَّتْ فكان الليثَ صعباَ ركوبُهُ

أصافح من كفَّيه صِلَّ خديعةٍ

لغير التحايا أهلُهُ ورحيبُهُ

ولولا رجالٌ هم أساةُ جروحِهِ

جَرَتْ بدمي أظفارُهُ ونُيوبُهُ

لتسقِ بني عبد الرحيم أكفُّهم

فأَروَى الحيا وكَّافُهُ وصبيبُهُ

وما السيلُ ذو الدُّفَّاعِ يرغُو جُفاؤه

بأمرعَ من وادٍ نداهم يَصوبُهُ

هم القاتلونَ الأزْمَ والعامُ مسنتٌ

يقطِّبُ في وجهِ المُسيم جدوبُهُ

وهم إن شكا الفضلُ الغريبُ انفرادَه

قبائلهُ دون الورى وشُعوبُهُ

ملوكٌ على الأيَّام بيتُ علائهم

تُناط بأعناق النجوم طُنوبُهُ

رَبَا الملكُ طفلاً ناشئاً في حجورهم

وأشيبُ هذا الدهر بعدُ ربيبُهُ

لهم تاجُهُ المعصوبُ أيّامَ تاجِهِ

وفيهم أخيراً سيفُهُ وقضيبُهُ

مواريثُ فيهم نصُّها إن مضى أبٌ

يَسُدُّ الذي سدَّ ابنُهُ وينوبُهُ

وأمواتُهم فيهم كأحياءِ غيرهم

إذا ظلَعَ المركوبُ جاء جَنيبُهُ

إذا ما زعيم الدين حدَّثَ عنهُمُ

توارَدَ شُبّانُ الفخارِ وشيبُهُ

هو البُلجةُ البيضاءُ في وجه عزِّهم

إذا شان عِزَّ القوم بابنٍ شحوبُهُ

يَرَى نصرَهم ما سار من حسن ذكرهم

فتنشرُهُ أفعالُهُ وتُطيبُهُ

فتىً كمُلتْ فيه أداةُ اكتهالِهِ

وغصنُ الصِّبا لم يَعسُ بعدُ رطيبُهُ

تحمَّل أعباءَ الرياسة ناهضاً

فما لان من عرض الرجال صليبُهُ

ومن عجبٍ أن البِكَارَ جليدةٌ

وقد عُقِرَتْ بُزْلُ الطريق ونِيبُهُ

وكم سابقٍ فيهم ولم يَحْفَ رُسغُهُ

ولا ابتلَّ في شَوطِ الرِّهانِ سبيبُهُ

ومِن منجبٍ فيه أبوه وأمُّهُ

وما وَلَدُ الإنسانِ إلا نَجيبُهُ

لهم يومَ يحتدُّ الجلادُ كميُّهُ

ويومَ الترامي بالكلام خطيبُهُ

فلا محفِلٌ إلا وفيهم صدورهُ

ولا جحفَلٌ إلا وفيهم قلوبُهُ

أبا حسنٍ باهِلْ بهنَّ فضائلاً

لحاسدها حَرُّ الجوى ولهيبُهُ

يَعيبُك مَثنيٌّ على الغيظ صدورُهُ

خوافِقُهُ تَزوِي به ووجيبُهُ

وكيف يَنالُ العيبُ أطرافَ ماجدٍ

محاسنُ أبناءِ الزمانِ عيوبُهُ

وقال وهلْ في الناس من هو فوقه

فقلتُ نعم إن كان فيهم ضريبُهُ

كريمٌ إذا ما ظلَّ يَقسِم مالَهُ

فأنزرُهُ مستقسَماً ما يُصيبُهُ

يحبُّ ثراءَ المال حبَّاً لبذله

وليس كَسوبَ المالِ إلا وَهوبُهُ

أطلتَ يدي بالنصر في نَيلِ مطلبي

فأصبح لي أقصاه وهو قريبُهُ

وأمكنتني من ظَهر حظِّي وعُرفِهِ

فأسمحَ لي بعد الشِّماسِ رَكوبُهُ

وأغنيتني عن كلِّ مرعىً أرودهُ

وفَجٍّ على تيهِ الطريق أجوبُهُ

وكم جَمدَ الرزقُ البطيءُ على يدي

فسلستَ من كفَّيْك ماءً يُذيبُهُ

ولا خِلفَ إلا من عِصابِكَ دَرُّهُ

ولا جَفْرَ إلا من نداك ذَنوبُهُ

إذا روَّعتْ سَرحِي من الدهر رَوْعَةٌ

زأرتَ فلم يعسِلْ من الخوف ذيبُهُ

فقد صار يحبوني الذي ما سألتُهُ

ويَخطبُ منّي المدحَ مَن لا أجيبُهُ

فلا يَخْبُ من نُعماك بدرٌ أضاءَ لي

زماني ولا نجمٌ هداني ثُقوبُهُ

ولا تتغيَّرْ من وفائك عادةٌ

يَرَى المجدُ في أثنائها ما يعيبُهُ

ولا برِحتْ تطرو إليك شواردٌ

يَلين لها وعرُ الفلا وسُهوبُهُ

مُطبِّقَةٌ ما طبَّق الأفقُ سيرُها

بوصفك مسرى ليلِها ودؤوبُهُ

من الكَلمِ السهلِ المنيعِ مرامُهُ

على الناس والنَّزرِ الكثيرِ عجيبُهُ

تَرقرَقَ حُسناً فامتَرى كلُّ سامع

به وهو مخلوبُ الفؤاد طروبُهُ

أُسربِلُ منه المهرجانَ مُفاضةً

يُصان بها عُريانُهُ وسليبُهُ

ينوبان من ناديك أمنعَ جانبٍ

وأنضرَ رَيعٍ غضُّهُ وقشيبُهُ

مدى الدهر ما هبَّ النسيمُ لناشقٍ

ودبَّ على وجه الصعيدِ دبيبُهُ

على شَرْطِ عزٍّ لا تحولُ رسومُهُ

وسَرحِ نعيمٍ لا تُراعُ سُروبُهُ


نوع المنشور:

شارك على :

المنشور السابق

عزفت فما أدرى الفتى كيف يرغب

المنشور التالي

أبلغ بها أمنية الطالب

اقرأ أيضاً