لعلها واليأس منها أغلب

التفعيلة : بحر الرجز

لعلَّها واليأسُ منها أغلبُ

إن نأتِ اليومَ غداً تستقربُ

حاجةُ صدرٍ لك لا ملفوظةٌ

ولا تَسوغُ حُلوةً فُتشرَبُ

أَضْحَكُ من مواعِدِ الدهرِ بها

ممّا يجيءُ باطلاً ويذهبُ

ودونها أن ينتهِي لجَاجُها

ذو صِبغتْين دِينُه التقلُّبُ

في كلّ يومٍ مُرسَلٌ مغالِطٌ

لي عنده وشافِعٌ محبَّبُ

وحَلفةٌ كاذبةٌ وفي فمي

شكيمةٌ مِن أن أقولَ تكذبُ

مُلَّ فلا الحصاةُ من فؤاده

تلينُ لي ولا اللسانُ يَرطُبُ

اللهَ يا هيفاءُ لي في زمنٍ

نعيمُهُ بعدَكُمُ معذَّبُ

وكبِدٍ يصدَعُها كلُّ أسىً

بها الكبودُ القَرِحاتُ تُشعَبُ

لا سلوةُ البعدِ المُريحِ عِصمةٌ

منك ولا الهمّ المُراح يعزُبُ

وكلَّما أطمَعَ فيكِ سببٌ

آمُلُهُ أَيأسَ منكِ سببُ

يعيشُ قلبي وهو عيشٌ مؤلمٌ

ثم يموتُ وهو موتٌ طيِّبُ

نَفْسَكَ يا مُعطي الهوى قِيادَه

إنك في خَيط الهوانِ تُجنَبُ

وإن هَوِيتَ فانتصرْ بغَدرةٍ

عن ثقةٍ أنَّ الوفاءَ العطبُ

قالت على البيضاء أختُ عامرٍ

أسفرَ في فَودَيك ذاك الغيهبُ

ومن بلاياكِ وإن عبتِ به

شبابُ حُبِّي وعِذاري الأشيبُ

غدرُكِ والخمسونَ أيّ روضةٍ

قشيبةٍ بينهما لا تُجدِبُ

وما الذي أنكرتِهِ من ليلةٍ

يطلُعُ فيها قمرٌ أو كوكبُ

ما نَصَلَتْ إلا بماءِ مقلتي

فليتها بماءِ قلبي تُخضَبُ

وعاذلٍ لا سُقِيَتْ غُلَّتُهُ

بالغَور ما يُرْوى ولا ما يَعذُبُ

يزعمُ أن كلَّ دارٍ رامةٌ

وأنّ كلَّ ذاتِ حِجلٍ زينبُ

حلفتُ يومَ ينحرُ الناسُ بها

ساجدةً أذقانُها والركبُ

يُعطَى المُنَى منها الذي يَستامُهُ

طُلىً تَطيحُ وجُنوبٌ تجِبُ

مثل التلاعِ بازِلاً وحِقَّةً

قامَ عليهنّ الربيعُ المخصِبُ

والمُشرِفاتِ من مِنىً كأنّها

على ظُهور الهَضَباتِ حَدَبُ

وبالملبيِّنَ سعَوا فنفَضُوا

ذنوبَهم وجمَّروا وحصَبوا

وما حَوَى وأيُّ فضلٍ ما حوى

ذاك العتيقُ البارزُ المحجَّبُ

لو نُسبَ المجدُ لَمَا كان إلى

غير بني عبدِ العزيزِ يُنسَبُ

مِن أرضِهم طينتُهُ وفيهِمُ

رواقُهُ وبيتُهُ المطنَّبُ

أَقسمَ لا فارقَهم وأقسموا

ما دام خُلْداً مِن أبانَ مَنكِبُ

حيِّ على رغم البدورِ غُرَراً

تَقدحُ في فحم الدجى فَتثْقُبُ

ورِدْ نفوساً حُرّةً وأيدياً

تُحيلُ في المحلِ عليها السُّحُبُ

تبادروا الجودَ فلاطوا حوضَهُ

لهم ليالي وِردِه والقَرَبُ

وانتظموا سودَدَهم نظْمَ القنا

لكن صدورٌ ليس فيها أكعبُ

داسُوا بأعقابِهمُ هامَ العلا

واقتَعدوا ظهورَها واعتقَبوا

شُمّ الأنوفِ والسيوفِ قَصُرَتْ

دروعُهم وهي سِباغٌ تُسحَبُ

يَمشُونَ رَجْلَى فيُخالُ أنهم

من شَارةٍ ومن شَطَاطٍ رَكِبوا

توارثوا الملكَ فلا خلافةٌ

إلا لهم سريرُها والموكِبُ

ومنهُمُ في حربها وسلمها

رمحٌ يَخُطُّ ولسانٌ يخطبُ

حُليُّ كلِّ دولةٍ عاطلةٍ

وبِشْرُ كلِّ نعمةٍ تُقَطِّبُ

إذا الخطوبُ حُسِمتْ بخَدعةٍ

أو رَدعةٍ لانوا لها وصَعُبوا

إن كتبوا قلتَ اصطلاماً طعنوا

أو طعنوا قلتَ بلاغاً كتبوا

ترى الجبالَ في الحُبَي إن جَلَسوا

والأسدَ هِيجَ شَرُّها إن وَثبوا

لهم قُدامَى الفخرِ ما تنقُلُه

لك الرواةُ وتريك الكتبُ

وخيرُ ما استطرفْتُهُ حديثُهم

إذا الكرامُ زانهم ما أعقبوا

وَوَلدوا أبا الحسين فرأى ال

مجدُ به كيف نَموْا وأنجبوا

برزتَ في عِقدِهِمُ واسطةً

لها من الأبصار ما يُستلَبُ

بيضاءَ مما أَبغضَ الغَّواصُ في ال

فحص عليها أنفُساً تُحبَّبُ

ومَطَلَتهم دونها أُمنيَّةٌ

روّاغةٌ وحِقبٌ وحِقبُ

حتى قضى الصبرُ لهم قَضاءَهُ

واستحيتِ الأيَّام مما نَصبوا

فاستخرجوها تملأ الراحة وال

عينَ فقالوا دُرَّةٌ أم كوكبُ

وشَرُفَتْ فلُقِّبتْ فخرَ العلا

لو لم يَقعْ دون سناها اللقبُ

وكيف لا تطلعُ بدراً فيهِمُ

والشمسُ جدٌّ لك والنجمُ أبُ

ألقَى الكمالُ طائعاً عِنانَهُ

إليك يُرخِي تارة ويَجذِبُ

وأقعصَ الأقرانَ عنك قَلَمٌ

ممرَّنٌ وخاطرٌ مدرَّبُ

وقمتَ قُرحاناً فتيّاً بالعلا

قُيِّدَ عنك القارِحُ المجرَّبُ

وَرثتَ فضلاً لو قَنِعتَ لكفَى

لكن أَبيتَ غيرَ ما تكتسِبُ

كالليثِ لا تحلو له فريسةٌ

لا ينتقي فيها ولا يُخَلِّبُ

وكم سواك لم يجُزْ حِسابُهُ

أعدادَ ما تُملى عليه الحُسَّبُ

حَويتَ إعظاماً وقد مثَّلتَ لي

رائدَ عينيَّ وقلتَ تَكذِبُ

أَدُميَةٌ صيغتْ أم البدرُ هَوَى

وبَشَرٌ أم مَلَكٌ مُقَرَّبُ

معجِزةٌ جاء الزمانُ غلطاً

بها وآيٌ كلهُّنَّ عَجَبُ

وكرمٌ على اللسان حاضرٌ

يشِفُّ منه الكرمُ المُغيَّبُ

وراحةٌ مُطَلقةٌ طارحَها ال

عِرضُ المصونُ أن يهون النشبُ

سحرتَني ودارُ عِزِّي بابل

وقُدتني وأمُّ رأسي تصعُبُ

ومَلَّكَتْني لك نَشوانَ الهوى

خلائقٌ غِناؤهنّ مُطرِبُ

ملأتَ بالبِشرِ وِطابَ أمَلي

وبعضُهم بكيئةٌ لا تُحلَبُ

حتى رَقَى الحاوِي فأصغيتُ له

وكدتُ معْ شدّةِ زُهدي أرغبُ

وقلت عاش لزهيرٍ هَرِمٌ

وقام في أهل الزُّبَيرِ مُصْعَبُ

أرضيتني عن الزمان بعد ما

حرَّقَ أضلاعي عليه الغضبُ

وعاد بَرْداً وسلاماً بك لي

ما توِقد الدنيا وما تَحتطِبُ

أغنيتني قبلَ اللهُّا مودّةً

والودّ عندي خيرُ رِفدٍ يوهَبُ

وقرَّبَتْني منك أُولَى نظرةٍ

حتى كأنّا لم نزل نصطحبُ

فِراسةٌ أيقظك المجدُ لها

وفطنةٌ على سواك تعزبُ

وهمّةٌ إذا ركبتَ ظهرَها

أدركتَ من أخرَى العلا ما تطلُبُ

فاسمع أُقرِّطْك شُنوفاً دُرُّها

لغير آذانكُمُ لا يُثقَبُ

من المصوناتِ التي تَعنَّستْ

خلف الخدورِ وهي بِكرٌ تُخطَبُ

تنافسَ الملوكُ في مُهورها

واقتَرعوا في حُبِّها واحترَبوا

عندهُم الرغبةُ والودّ لها

وعندها الملالُ والتجنُّبُ

وزادها نزاهةً وورَعاً

منِّي أبٌ على البناتِ حَدِبُ

ليس عليه للتمنِّي طاعةٌ

ولا له في الشهواتِ أربُ

لا يمدح الناسَ ولكن مدحُكم

يَلزَمُ في دِين العلا ويجبُ


نوع المنشور:

شارك على :

المنشور السابق

نأت والأمانِي بها تقرب

المنشور التالي

على أي أخلاقِ الزمان أعاتبه

اقرأ أيضاً

أثرها وهي تنتعل الظلالا

أثِرْها وهْيَ تَنتَعِلُ الظِّلالا وإنْ ناجَتْ مَناسِمُها الكَلالا فليسَ بمُنحَنى العَلَمَيْنِ وِرْدٌ يُرَوّي الرَّكْبَ والإبِلَ النِّهالا وهَبْها فارَقَتْهُ…