عالم القطط

ريحٌ سوداءُ
تُزمجِرُ بالوَيل
قِطةُ عِشقٍ
في الشارعِ
تَنتَظِرِ الليل
تَكشُفُ عن فَخذٍ
وتُغَطّي
سَتَرَ اللهُ عَلينا
وعلى القِطةِ بالذَّيل
ٌتُستَدعى للمخفَرِ
يَنكَحُها القِسمُ المُختَصُّ
بتَدعيمِ بُنانا التَّحتِيةِ
شاهَدَت القِطةُ
مِن شَقِّ الحائطِ
قِطّاً وطَنِياً يُنفَخُ
بالغازِ الوطنِيّ الفاخِرِ
ويُخصى
رفَعَت يَدَها
لِتُحَيي المنفوخَ
وغَنَّت :
“وطني حبيبي
وطني الأكبر”
يوم ورا يوم
والقِطةُ تضحَكُ
والضحكةُ تَنتَحِب
فَقَدَت سِنَّينِ
خِلالَ التعذيبِ
وقيلَ لها :
كان يُشاعُ بأن
السُّلُطاتُ بها جَرَبٌ
خَرجَ الغازُ الوطنيّ الفاخِرُ
مِن عَينَيهِ ولم يَتكلم
دُوِّنَ في المَحضَرِ أيضاً
إن القطةِ قَد بَقِيَت
صامِدةً يومينِ
وإن قُطِعَ الذَّنَبُ
سَعَلَ المأمورُ
وطارَ التحقيقُ
وكان الجَلّادُ
له شنَبٌ طارَ وعادَ
إلى مَوضعِهِ الشَّنَبُ
أيُّ سُعالٍ هذا؟
ماذا أكلَ المأمورُ
وماذا رُتبَتُهُ؟
ما دامَ السُّلطَةُ
في السُّلطَةِ
فالضَّرطاتُ لها رُتَبُ
بعض المُنهارينَ
اعترَفوا بحياءٍ
أن القِطةَ بالأصلِ
بِلا ذَنَبٍ
ذَنَبٌ ذنبٌ
رُتَبٌ رُتَبٌ
عَجَبٌ عَجَبُ
في تلكَ الليلةِ
مِن شَهر شباطَ القارِصَ
عَطَّرَ الجَلّادُ عَورَتَهُ
تأنَّقَ تَحتَ السِّروالِ
وزَجَّجَ حاجِبَهُ
نامَ بزَوجَتِهِ المسكينَةِ
لا يُمكن إطلاقاً
عبثاً
ظَلَّ الشيءُ
كما ذَنَبُ القِطةِ
يَنسَحِبُ
تَفَّ بأصبَعهِ
حاولَ أن يَفتلَ شارِبَهُ
ظَلَّ الشارِبَ
مكسور الخاطِر
لا يَنتَصِبُ
حارَبَ مَيمنَةً
حارَبَ مَيسرةً
عَنتَرَ عَنتَرَةً
بَزَّقَ غَرَّبَ شَرَّقَ
هيهات
فَما بالشَّارِبِ
بل بالرّوحِ العَطَبُ
شاهَدَ في الحُلُمِ ذُيولاً
شاهَدَ أفعى مَيِّتَةً
بَغلاً يُخصى
عَجَبٌ عَجَبُ
حَوبَةُ ذَيلُ القِطةِ
يا مأمورُ هي السَّبَبُ
هَبَّ نَسيمُ الصُّبحِ رَخِياً
لم يَكُ في الشارعِ
إلّا حاوِيَةَ الزّبلِ
وهِرٍّ مُحترمٍ
لاحَظَ أن القِطةَ
تَخرُجُ من بابِ الدَّولَةِ
في خَفَرٍ
عَدَّلَ جَلسَتَهُ
تَركَ الإفطارَ
ومَدَّ خُيوطَ الشارِبِ
يَلتقِطُ الأخبارَ
تَسلَّقَ حاوِيةَ الزِّبلِ
ولكن خانَتهُ الرُّكَبُ
أغلقَ إحدى عينَيهِ
تَعَوَّذَ باللهِ
محالٌ – لا يُمكِنُ هذا
ليسَ لها ذَنَبٌ
يَستُرُ عَورَتَها
ودَنا حَذِراً
قال :
مِيَو سيدتي
أطرَقَت القِطةُ
لو تَنشَّقُ الأرضُ وتَبلعُها
نَغَّمَ والشَّبقِ الشرقيِّ
بَعينَيهِ : مِيَو عيني
مِيَو
ذَنَبي مَولايَ
مِيَو للهِ
لهُ الشُّكرُ لهُ الحَمدُ
سلامَةُ رأسَكِ
لم يُقطَع سيدتي
تلك علاماتُ السّاعةِ
سَيّدتي اختَبئي
صاروخُ وَساخاتٍ يَقترِبُ
لاحَظَ أن الجَلّادَ
يسيرُ حزيناً
لا يرفعُ عَينيهِ
وفي مشيتِهِ عَطبُ
ركضَ الهِرُّ
ومِن خَلفِ البرميلِ
تَجَشّأ
أخرجَ للجَلّادِ فُحولتَهُ
وتمايَلَ كالرَّقاصِ
مِيَوّاهُ
مِيَوّاهُ
فواحِدَةٌ يا جَلّادُ بواحِدَةٍ
ركَبَ الجَلّادُ الخَبَلُ
أفرغَ فيهِ مُسدسَهُ
قُتِلَ الهِرُّ
عليهِ الرَّحمةُ
والصحفُ الرسميةُ
قالت : لم يُقتَل
وافاهُ الأجَلُ
ألصِقَت النَّعوَةُ
بالحيطانِ وبالأبوابِ
وحاوِيَةَ الزِّبلِ
“لقد دُهِسَ المغفورُ لهُ
في رَيعانِ صِباهُ”
رئيسُ نقابَةِ
جُرذانِ الزِّبلِ نَعاهُ
وتَوالى الخُطَباءُ
وصاحَت قِطَطُ الحارةِ :
واهِرَّاهُ
ناحَت واحِدةٌ
لا ذَيلَ لها
عوقِبَ مأمورُ السجنِ
بِتَرفيعِ شَوارِبِهِ
رحِمَ اللهُ القِطَّ
دَفَنّاهُ
ويُقامُ عزاءٌ
في حاوِيَةِ الحارَةِ
إن شاءَ اللهُ
تلكَ علاماتِ الساعَةِ
قالتها الكُتُبُ
عَجَبٌ عَجَبُ
وطنٌ عَجَبُ.

نوع المنشور:

شارك على :

المنشور السابق

إذا كان أردى الزمان بمثله

المنشور التالي

ولم أدر من ألق عليه رداءه

اقرأ أيضاً