يا أيها القلب الخفوق بجانبي

التفعيلة : البحر الكامل

يا أيُّها القلبُ الخَفوقُ بجانبي

قد صِرتَ وَيحْكَ حاضراً كالغائِبِ

الحَقْ بأهلِكَ في العِراقِ وخَلِّني

بالشأمِ في أهلي فلستَ بصاحبي

فَتَنَتكَ أفئِدةُ الرِّجالِ فلم تكن

مِمَّنْ أُصيبَ بأعيُنٍ وحواجبِ

عاطيتَ لكنْ لا بكأسِ مُنادمٍ

فَسكِرتَ لكِنْ لا بخَمرةِ شاربِ

ذُقتَ الهَوَى صِرْفاً وما كُلُّ الهَوَى

يَجِدُ الفتى فيهِ السبيلَ لعائبِ

حُبُّ الكريمِ كَرامةٌ لمُحِبِّهِ

ونَباهةُ المطلوبِ مجدُ الطالبِ

قد شاقَكَ العُمَرِيُّ قُطبُ زَمانهِ

مُتباعداً في صُورةِ المُتقاربِ

مُتَواترُ الآثارِ أردَفَ كُتْبَهُ

فأتَتْ كتزكيةِ الشُّهودِ لكاتبِ

هذا إمامٌ في الأئمَّةِ ذِكرُهُ

قد شاعَ بينَ مَشارقٍ ومَغاربِ

ولَئنْ تأخَّرَ في الزَّمانِ فإنَّهُ

عَقْدٌ يلي الآحادَ عندَ الحاسبِ

نَجْني الفرائدَ من بحارِ قريضِهِ

منظومةً من صُنعِ فِكرٍ ثاقبِ

من كلِّ قافيةٍ شَرُودٍ بيتُها

ضُربَتْ لهُ الأوتادُ بينَ ترائبِ

أثْنى جميلاً مَن تَعوَّدَ سَمْعَهُ

فيهِ ولكن بالخَليقِ الواجبِ

أثْنى بما هُوَ أهلُهُ فكأنَّما

أهدَى لنا من نفسِهِ بمناقبِ

شَرَفٌ لَبِستُ طِرازَهُ فاهتزَّني

عُجباً إلى ما فوقَ فوقِ مراتبي

فإذا ادَّعيتُ جعلتُ ذلكَ شاهدي

وإذا افتخرتُ جعلتُ ذلكَ ناسبي

يا جابرَ القلبِ الكسيرِ بلُطفهِ

ماذا تَرَى في أمرِ قلبٍ ذائبِ

ما زالَ يقُعِدُهُ الهَوَى ويُقيمهُ

كالفعلِ بينَ جوازمٍ ونواصبِ

أُردُدْ فُؤاداً لي أراك غَصَبتَهُ

مني فإنَّ الرَدَّ حُكمُ الغاصبِ

ما كانَ أسمَحَني به لكنَّهُ

وَقفُ العِراقِ فلا يَصِحُّ لِواهبِ

شَوْقي إلى من لم تَراهُ نواظري

في قُطرِ أرضٍ لم تَطأهُ ركائبي

أحببتُ زَوراءَ العِراقِ لأجلِهِ

ولأجلِها أطرافَ ذاكَ الجانبِ

حَقُّ المحبَّةِ للقُلوبِ فقد أرَى

حُبَّ الوُجوهِ عليهِ لَمْحةُ كاذبِ

وإذا تَعرَّضَ دُونَ عينٍ حاجبٌ

فهُناكَ قلبٌ لا يُرَدُّ بحاجبِ

أفديكَ يا مَن ليسَ لي في حُبّهِ

فضلٌ فذاكَ علَيَّ ضَربةُ لازبِ

أحسنتَ في قَولٍ وفِعلٍ بارعاً

وكِلاهُما للنَّفسِ أكبرُ جاذبِ

أنتَ الذي نالَ الكمالَ موفَّقاً

مَن رازقٍ من شاءَ غيرَ مُحاسبِ

فإذا نظمتَ فأنتَ أبلغُ شاعرٍ

وإذا نثرتَ فأنتَ أفصحُ خاطبِ

وإذا نظرتَ فعن شِهابٍ ثاقبٍ

وإذا فَكَرْتَ فعن حُسامٍ قاضبِ

وإذا جَرَتْ لكَ في الطُروسِ يَراعةٌ

فسوادُ وَشمٍ في مَعاصِمِ كاعبِ

هذِهْ رَسولٌ لي إليكَ وليتني

كُنتُ الرَسولَ لها بَمعْرِضِ نائبِ

شاميَّةٌ من آلِ عيسى أقبلَتْ

في ذِمَّةِ العُمَريِّ تحتَ مَضاربِ

عذراءُ يَثْنيها الحَياءُ مهَابةً

وتَقُودُها الأشواقُ قَوْدَ جنائبِ

نَزَعتْ إلى ماءِ الفُراتِ وما دَرَتْ

كم أغْرَقَتْ صَهَواتُهُ من راكبِ

تلكَ البقيَّةُ من ذخائرِ أعجَمٍ

تَلقَى البقيَّةَ من كِرامِ أعاربِ

من كل نابغةٍ يُفيضُ كأنَّما

نُشِرَ الفَرَزْدَقُ في تميمَ لغالبِ

ماذا يقومُ ولو تَطاوَلَ قاصرٌ

بِمَدىً تُقصِّرُ فيهِ جُرْدُ سَلاهبِ

فلكَ الجميلُ إذا عَذَرتَ وإن تَلُمْ

فلقد أصَبْتَ وما المَلُومُ بعاتبِ


نوع المنشور:

شارك على :

المنشور السابق

سل مطلع القمرين من كبد السما

المنشور التالي

أسفا على أسف وليس بمنكر

اقرأ أيضاً

الغارة

طَفِّ النُّورْ طَفِّ النُّورْ فِيه صُفَّارة جايَّة الغارة طَفِّ النور صَف من الأقواس يتحرَّك لو دقَّقت تلاقي ناس…