أسفا على أسف وليس بمنكر

التفعيلة : البحر الكامل

أسَفاً على أسَفٍ وليسَ بمُنكَرِ

أسَفُ الكبير على الحبيبِ الأصغرِ

وأحَرُّ مَنْ فارَقتَ نارَ صبَابةٍ

من لم يُمَتِّعْ مُقلتيكَ بمنظرِ

هذا هلالٌ قد رَماهُ مُحاقُهُ

في صدرِ غُرَّتهِ كسَلخِ الأشُهرِ

جادَ الزَّمانُ بما استرَدَّ فما وَفى

جُودُ الكريمِ بلْهفةِ المتحسِّرِ

كُنّا نُحاذِرُ من عَدُوٍّ أزرَقٍ

حتى بُلينا بالعَدُوّ الأصفرِ

نَحِساتُ أيَّامٍ أثَرْنَ عَجاجةً

سَطَعَتْ ولكنْ لا بريحٍ صَرصَرِ

يَرِدُ الرَّدَى من كُلِّ بابٍ سالِكاً

كلَّ الفِجاجِ حَذِرتَ أم لم تَحذَرِ

وإذا ابتُليتَ بما بهِ نَفَذَ القَضا

فاصبرْ على بلواكَ أو لا تَصبِرِ

لا بُدَّ من يَومٍ سَيحضُرُ ذاكراً

مَنْ كانَ يَنساهُ وإن لم يذكُر

نجري إلى أجلٍ فكُلُّ مُقَدَّمٍ

منا يَجُرُّ عِنانَ كلِّ مؤَخَّرِ

يا سابقاً من دُونِ غايتِهِ المُنَى

أنتَ المقرَّبُ عِندَ رَبِّكَ فابشِرِ

قد ذُقتَ حُلوَ الطيّبات ولم تَذُقْ

مُرَّ الخبائثِ في الزَّمانِ الأغبرِ

خَلَّفتَ لي حُزناً عليكَ وفوقَهُ

حُزناً لثُكلِ أبيكَ ليسَ بمُقصِرِ

لو باتَ في عينيَّ دَمعٌ واحدٌ

رَفعاً لهُ عن سَقْيِ ماءِ العُنصُرِ

إن لم تكُنْ تُرْوِي ثَراهُ فإنَّها

تُروي فُؤادَ مُحبِّهِ المُستعبِرِ

يا مَن بَكيَتُ على صِباهُ مُقبِلاً

حَسْبي البُكاءُ على صِبايَ المُدبرِ

إنَّ الحياةَ هيَ الصِّبا فإذا انقضَى

عنّي فإني ميّتٌ لم يُقبَرِ

نَبغي بَلاغَ المُنذِرينَ وعِندنا

من كُلِّ مَيْتٍ قامَ أبلغُ مُنذِرِ

هذا الخطيبُ على الرُؤوس منادياً

جَهراً وذاك النَّعشُ عُودُ المِنْبَرِ

يا أيَّها النُوَّامُ هُبُّوا واخَلعوا

حُلماً تَغافَلَ عنهُ كلُّ مُعبِّرِ

المَيْتُ يَعرِفُ حالةً حَضَرَتْ لَهُ

والحَيُّ يَجَهلُ حالةً لم تَحضُرِ


نوع المنشور:

شارك على :

المنشور السابق

يا أيها القلب الخفوق بجانبي

المنشور التالي

فدى الجلابيب والأطمار من وبر

اقرأ أيضاً