لمن المضارب في ظلال الوادي

التفعيلة : البحر الكامل

لِمَنِ المَضارِبُ في ظِلالِ الوادي

مثلُ الجِبالِ تُشَدُّ بالأوتادِ

تكسو الذَّبائِحُ كُلَّ يومٍ أرضَها

بِدَمٍ فتَسْتُرُهُ بثَوبِ رَمادِ

حُفَّتْ بِغاباتِ الرِّماحِ وإنَّما

تِلكَ الرِّماحُ عَرِينةُ الآسادِ

تَخشَى اشتِعالَ العُودِ منها إذ تَرَى

لَيلاً أسِنَّتها كوَرْي زِنادِ

تِلكَ الدِّيارُ ديارُ طَيٍّ حَوْلها

أحياءُ جُلهُمَةٍ ورَبْعُ إيادِ

حَفَّت بها زُمَرُ الكُماةِ كأنَّها

دارُ السَّعيدِ تُحَفُّ بالأجنادِ

دارٌ بأرضِ الشُّوفِ قام بِناؤها

وظِلالُ هَيبْتِها على بَغْدادِ

إنْ لم تكُنْ كُلَّ البلادِ فإنَّها

نِصفُ البِلادِ وفَخْرُ كُلِّ بلادِ

هيَ كَعْبةُ القُصَّادِ بل هيَ منَهلُ ال

وُرَّادِ بل هيَ غُصَّة الحُسَّادِ

كَتبَتْ يمينُ الحقِّ في أبوابهِا

لا تَنْسَ أنّ اللهَ بالمِرْصادِ

يَممَّتُ صاحِبَها السَّعيدَ فقيلَ لي

أنتَ السَّعيدُ ظَفِرْتَ بالإسعادِ

إن كُنتَ طالبَ حاجةٍ فَقدِ انقَضَتْ

ما لم تَكُنْ مَلطوخةً بِفَسادِ

أهديتُهُ مِثلَ العَرُوسِ قَصيدةً

لكنَّها طَلَعَتْ بثَوبِ سَوادِ

حَزِنتْ لذُلِّ الشِعر حتى أيقَنَت

بِمَماتهِ فتَسربلَتْ بحِدادِ

ولقد هَمَمتُ بتَرْكهِ لو لم تَكُنْ

غَلَبَتْ عَلَيَّ صَبابةٌ بفُؤادي

ما كُنتُ أعرِفُ قبلَ مَعرِفتي بهِ

نَفْسي فكانَ كتوْأم المِيلادِ

قد قَلَّ في هذا الزَّمانِ رَواجُهُ

حَتَّى ابتُلِيْ مَعَ رُخصِه بكَسادِ

ولَئنْ تَكُنْ كَثُرَتْ معايبُهُ فَقد

ستَرَت عليها قِلَّةُ النُقَّادِ

يا واحداً غَلَبَ الأُلوفَ فأصبَحَت

رُتَبُ الأُلوفِ رَهينةَ الآحادِ

مَن كانَ يُجهِدُ في قِتالكَ نَفسَهُ

فبِسَيفِ ذُلٍّ لا بِسَيفِ عِنادِ

إنّي دَعَوتُكَ فاستَمَعْتُ إجابةً

بالقَلبِ قبلَ الأُذْنِ عِندَ بِعادي

حاشاكَ أنْ لا تَستَجِيبَ مُنادِياً

ونَرَى الإلهَ يُجيبُ حينَ تُنادي


نوع المنشور:

شارك على :

المنشور السابق

للشعر في كل عصر مركب خشن

المنشور التالي

إذا طلع النهار أرى الرجالا

اقرأ أيضاً