يا أيها القبر فيك الناس قد رقدوا

التفعيلة : البحر البسيط

يا أَيُّها القبرُ فيك النَّاسُ قد رَقَدوا

مُنذُ القديمِ ولكن لم يَقُمْ أَحدُ

فيا لهُ سَفَراً ما كانَ أَطوَلَهُ

ويالَها فُرقةً مِيعادُها الأَبَدُ

قَدِ استَوَى العبدُ والمَولَى على قَدَر

تحتَ الثَّرَى فتَساوَى الدُّرُّ والبَرَدُ

وليسَ يُعرَفُ مملوكٌ ولا مَلِكٌ

فلم تَكُنْ غَيرةٌ فيهمِ ولا حَسَدُ

النَّاسُ في الجِسمِ أَشباهٌ قَدِ اتَّفَقَتْ

والفَرقُ في النَّفسِ إذ لا يُفرَقُ الجَسَدُ

كُنا نرى ابنَ عُبَيدٍ بينَنا رَجُلاً

لكنْ يساوي رِجالاً ما لَهُمْ عَدَدُ

كانُ التُّقى والنَّقا والحِلمُ مُجتمِعاً

في شَخصِهِ واصطناعُ الخَيرِ والرَشَدِ

فلم يكُنْ طِيبُ خُلقٍ لا نراهُ بهِ

ولم يَكُن فيهِ عَيبٌ حينَ يُنتَقَدُ

قد كانَ غَوثَ اليَتامَى من مَكارِمِهِ

فلا يُهَمُّ لفَقْدِ الوالِدِ الوَلَدُ

وكانَ كَهْفَ العُفاةِ اللائذينَ بهِ

تُثنَى يدُ الدَّهرِ إذ تَمتَدُّ منهُ يَدُ

فُؤادُهُ كزُلالِ الماءَ حينَ صفَا

وغَيرةٌ فيهِ مثلَ النَّارِ تَتَّقِدُ

يبغي رضَى اللهِ مُهتمّاً بطاعتَهِ

وفي مَنافعِ خَلقِ اللهِ يَجتهدُ

هذا عَمُودٌ هَوَى من أوجِ رِفعِتِهِ

على البَسيطةِ فاهتزَّتْ لهُ العُمُدُ

قامَتْ لهُ ضجَّةٌ في مِصرَ فاندَفَعَتْ

بحيثُ لم يَخلُ من إرجافِها بَلَدُ

مَضَى إلى اللهِ مسروراً بغايتِهِ

وفي الدِّيارِ أَقامَ الحُزنُ والنَكَدُ

من بَعدِهِ أَدمُعُ الأَجفانِ قد كَثُرَتْ

وقَلَّ عِندَ القلوبِ الصبرُ والجَلَدُ

هذا الطريقُ الذي لا بُدَّ يَسلُكُهُ

جميعُ ما وَلَدَتْ أُنثَى وما تَلِدُ

إذا طَلَبنا لجُرحِ القلبِ فائدةً

تَشفي فغيرَ جَميلِ الصَبرِ لا نَجِدُ


نوع المنشور:

شارك على :

المنشور السابق

عليك كل اعتمادي أيها الصمد

المنشور التالي

لو أنصف الراثي وسار على هدى

اقرأ أيضاً