خير الرثاء الذي بالقلب قد لطفا

التفعيلة : البحر البسيط

خيرُ الرِّثاءِ الذي بالقلبِ قد لَطَفا

ما أخمَدَ الحُزنَ لا ما هيَّجَ الأسَفا

والمُبكياتُ تَضُرُّ الحيَّ مُزعجةً

لهُ ولا تنفعُ الميْتَ الذي انصَرَفا

يَحِقُّ أن تُندُبَ الأحياءَ نائحةٌ

فالموتُ للكلِ بالمرصادِ قد وقفا

ما بينَ حيٍّ ومَيْتٍ شُقَّةٌ قَصُرَت

وربَّما صارَ منها يبلغُ الطَّرَفا

أمَرُّ ما ذاقَ حيٌّ من مَصائبِهِ

فَقْدُ الحبيبِ الذي مَن ذاقَهُ عَرَفا

وأنفعُ العملِ المطلوبِ حينئذٍ

صبرٌ جميلٌ لجُرْحِ القلبِ فيهِ شَفا

اليومَ رَدَّت علينا مِصرُ ما أخذَت

بالأمسِ منَّا ولكنْ بعدَما تَلِفا

وديعةٌ عندَها كانت فما سَمحَت

بالدُّرِ منها ولكنْ ردَّت الصَّدَفا

يا قبرَ كاتبةٍ أحسِنْ كرامتَها

فإنَّها تستحِقُّ المجدَ والشَّرَفا

كانت لَدى أعينِ النُقَّادِ جوهرةً

نفيسةً فأتاها البينُ مُختطِفا

كانت وكانت فبانت غيرَ عائدةٍ

كأنَّها لم تكن في عابرٍ سَلَفا

أبلَى الثَّرى ذلكَ الوجهَ الصبيحَ وما

أبلَى ثَناها الذي يبقى لها خَلَفا

مَن صاحبَ الدَّهرَ لا يأمَنْ غوائِلَهُ

فالشَّمسُ كم كَسَفتْ والبدرُ كم خَسَفا

ومَن يَعِشْ ليسَ تَخلو عينُهُ أبداً

من مَنظَرٍ شَقَّ أو من مدَمعٍ ذَرَفا

يا أيُّها النَّاسُ هُبُّوا من رُقادِكُمُ

لِسَفرةٍ بوقُها بالكلِّ قد هَتَفا

يا ويلَ من سار في هذا الطَّريقِ بلا

زادٍ ويا ويلَ من وَسْطَ الطريقِ غَفَا

هامَ الجَهولُ بدُنياهُ الغَرورِ وقد

شابت وشابَ فزادتْ نفسُهُ شَغفَا

صَبابةٌ كلَّما أيامُهُ قَصُرتْ

طالتْ عليهِ وتَقوَى كلَّما ضَعُفا

ويلاهُ من جَوْرِ هذا البينِ كيفَ بَغَى

فما نرى أحَداً في حكمِهِ انتَصفا

يَرَى الفتى في دُجَى ليلٍ فيطلُبُهُ

ولا يَرَى في الضُّحى الشَّيخَ الذي دَلَفا

يختارُ أفضلَ شخصٍ أن يكونَ لهُ

صَيداً فيطوي إليهِ الأرضَ مُعتَسِفا

كأنَّهُ وَسْطَ بُستانٍ يدورُ بهِ

على الثِّمارِ فما يحلو لهُ قَطَفا

يا رحمةَ اللهِ جودي وامطُري كَرَماً

على ضَريحٍ بهِ غُصنٌ قد انقصَفا

وجاوري مَن بهِ حلَّت مُعانِقةً

ذاكَ القَوامَ كلامٍ عانَقتْ ألِفا

لَئِنْ تَكُن كَدَّرَتْ عيشَ الحزينِ فقد

نالت مَقاماً بهِ عيشُ النَّزيلِ صَفا

هذِهْ هي الغايةُ القُصَوى التِّي خُلِقَت

لها وذلك منها حَسبْهُا وكَفَى


نوع المنشور:

شارك على :

المنشور السابق

إذا ذهب الكثير من الكثير

المنشور التالي

أرى الدهر يقضي كل يوم ديونه

اقرأ أيضاً

كانت عيون الريب الساهره

كَانَتْ عُيُونُ الرِّيَبِ السَّاهِرَهْ تَرْمُقُ تِلْكَ الطِّفْلَةَ الطَّاهِرَهْ مَنْ هِيَ بِنْتٌ مِنْ بَنَاتِ الأَسَى مَعْرُوضَةٌ لِلصَّفْقَةِ الخَاسِرَهْ يُطْمِعُ…