تحت الثرى سيصير من فوق الثرى

التفعيلة : البحر الكامل

تحتَ الثَّرَى سيصيرُ مَن فوقَ الثَّرَى

وسينتهي كلُّ الجديدِ إلى البِلَى

يمضي الفتى كالشَّيخِ عندَ وفاتِهِ

والشَّيخُ يمضي مثلما يمضي الفَتى

كُنَّا نَظُنُّ العَيشَ يقظةَ ساهرٍ

فإذا بهِ حُلْمٌ تَراءَى في الكَرَى

يومٌ وليلٌ يذهبانِ كلاهُما

والنَّاسُ بينهُما تمرُّ كما تَرَى

تحتَ الحَصَى مِمَّن طوَتهُ أرضُنا

عَدَدٌ يكادُ يزيدُ عن عَدَدِ الحَصَى

لو قامتِ الأمواتُ من أرماسِها

لم يبقَ مَوْضِعُ وقفةٍ مَعَها لَنا

نبني ونَغرِسُ في الدِّيارِ لنازِلٍ

من بعدِها وكذاكَ أسلَفَ من مَضَى

ما كانَ أحسَنَ دارَنا لو لم تكُنْ

سيموتُ بانيها ويخرَبُ ما بَنَى

نِعمَ الفَتى من ماتَ وا أسفَا وما

مات النُّواحُ على صِباهُ والبُكا

ولَّى وأبقَى حَسرةً لفراقهِ

كادت تُذيبُ بحرِّها شحمَ الكُلَى

أسفاً على ذاكَ الشَّبابِ فإنَّهُ

بدرٌ على أثَر التَّمامِ قد اختفَى

ولَّى فكانَ كأنَّهُ في الأرضِ لم

يُولَد ولكن عاشَ مولودَ السَّما

والموتُ ليسَ بغافلٍ في النَّاسِ عَن

طِفلٍ ولا شيخٍ يَدِبُّ على العصا

كلٌّ كصاحِبهِ يموتُ وإنَّما

شَتَّانَ ما بينَ الثُّرَيَّا والثَّرَى

هذا الذي خُلِقَ الأَنامُ لأجلِهِ

ولذاكَ تُدعَى دارُنا دارَ الفَنَا

النَّاسُ مَوْتَى في الحياةِ فإنَّ ما

لا بُدَّ أن يأتي يُعَدُّ كما أتى

من فاتهُ شَرُّ الصَّباحِ فإنَّهُ

لا شَكَّ ليسَ يفوتُهُ شَرُّ المَسا

أقصَى الجُنونِ إذا تَبصَّرنا بهِ

عُمرٌ قصيرٌ غاصَ في طول المُنَى

ومن المَساخرِ أنْ تقولَ مُعزِّياً

عمَّن يموتُ لأهلهِ لكمُ البَقا


نوع المنشور:

شارك على :

المنشور السابق

واحد في الحمى فدته ألوف

المنشور التالي

ليس يجري غير ما الله كتب

اقرأ أيضاً