قضت ببعادي ربة التيه والعجب

التفعيلة : البحر الطويل

قَضت بِبِعادي رَبَّةُ التيه وَالعُجبِ

فَبِاللَهِ يا حادي المَطايا لَها عج بي

عَساها إِذا شَكواي بثّت صَبابَتي

بَصبِّ دُموع العَين تَحنو على الصَبِّ

مَهاة بأَشراك النَدى رَمت صَيدَها

عَلى غِرّةٍ فَاِصطادني شرك الهدبِ

وَحاوَلت في سحر اللِسان وصالها

فَلَمّا رَنت ألحاظها سَحرت لبّي

بِنَفسي الَّتي أَسلَمتها النَفس طائِعاً

فَلم تَرض إِلّا أَخذَها بِيَد الحَربِ

نَبيّة حسن لَحظها وَقَوامها

بنا فَتكا في مَوقف الطَعن وَالضَربِ

دَعَتنا فَآمنّا بِمرسل لَحظها

فَما زالَ في العُشّاقِ ينصر بِالرعبِ

أَموجبةً قَلبي وَسالبة لَهُ

تَحكّمتِ بِالإِيجاب فيَّ وَبِالسَلبِ

أَطلت صُدودي وَالتَجنّي وَطالَما

لِعزّك ذلّ اللَيث يا ظبية السربِ

وَعَن مالك لَمّا رَوى خَبر الهَوى

جَمالك أَحشائي رَوَتهُ عَن الشَعبي

عَلاقة حُبٍّ خَصَّها فالق النَوى

بِحبَّةِ قَلبي فَهيَ مِن فالِقِ الحبِّ

فَحَتّى مَتى يا منية القَلب تَمنعي

عُيونيَ عمّا هامَ في حُبّهِ قَلبي

وَما سَبَب الإِعراض عَنّي أَهكَذا

يَكون جَزا هَذا المُحبّ عَلى الحُبِّ

محيّاك مِغناطيس أَفئدة الوَرى

لما أَوجَد الباري بِهِ قُوّة الجَذبِ

دَعي العقد يا ذاتَ الدَلال فَإِنَّهُ

غَنيٌّ جَمال الشَمس عَن زينة الشُهبِ

وَلا تَتَواري بِالحِجاب فَطالَما

سناؤك في الأبصار أَغناكِ عَن حجبِ

تَذكّرت عَهدي بالحِمى فَاِستَفاضَني

دُموعاً كَفَيض الوَبل مِن مقل السُحبِ

وَنَهنهت أَجفاني لِتَنفيس كُربَتي

فَسالَت دَماً فَاِزددتُ كَرباً عَلى كَربِ

تَعَوّذت بِالصَبرِ الجَميل فَعِندَما

أَغار عليَّ البَين كانَ مِن النَهبِ

فَلَولا اِنتِزاع البَين درع تَصبّري

لَما جَسرت خَيل الخُطوب عَلى حَربي

دَعوا لِلنَوى يَوماً أَحبّاي فَاِنبَرى

فُؤادي صَباً يَشدو عَلى أَثر الركبِ

سأَصبر حَتّى لا تَظنَّ عَواذِلي

بِأَنّي أَرى تَعذيبهم لَيسَ بِالعَذبِ

وَأضرب صَفحاً عَن عِتابي وَرُبَّما

أَرى فَرجاً لِلقَلب مِن قبلِ العتبِ

أَحبّايَ ما هَذي القَطيعة وَالجَفا

وَذا البُعد ما جرمي لَدَيكُم وَما ذَنبي

يَولّد إنشائي الثَناءَ عَلَيكُمُ

فَيَخرُج مِن بَينَ التَرائب وَالصُلبِ

وَما الودّ إِلّا بِالجِنان وَإِنَّما

تترجمُ أَنباء اللِسان عَن القَلبِ

نَأَيتُم وَما النائي سِوى القَلب قَبلَكُم

وَيا رُبَّما صادَفتُموه عَلى الدَربِ

لِمَن اِشتَكى دَهري فَلَم يَشك دَهره

إِليَّ وَينبيني بِأَضعاف ما أُنبي

وَمَن ذا الَّذي مِن دَأبِهِ بَذل سَعيهِ

بِنَفعِ مُحبّيه كَما هُوَ مِن دَأبي

أَلا مَن لِمثلي في الأَنام بِمثله

صَديقاً حماه اللَه مِن وَصمة الكذبِ

خَبرت بَني الأَيّام حَتّى كَأَنَّما

جَليسي بِهم عَن أَيمني علة الجَنبِ

وَعالجت أَدواء النُفوس فَلَم أَجد

دَواءً لِداء الجَهل في كُتب الطبِّ

حذاريَ أَدنى الناس مِنكَ فَإِنَّما

رَجاك بِهِ أَدنى مِن الشَرق لِلغَربِ

أَلا لا رَعى الرَحمن ذمّة معشرٍ

إِذا لَم يُراعوا ذمّة الآلِ وَالصحبِ

وبُعداً لِقَومٍ لا اِنتِفاع بِقربهم

عَلى أَنّ ذاكَ البُعد خَير مِن القُربِ

فَكَم في بَني عجل فَتىً قَد صحبته

إِلى أَن بَدا لي أَنَّهُ مِن بَني كَلبِ

إِذا لَم أَنَل بِالحلم حَقّي فَإِنَّني

سَأَطلبه بِالسمهريّ أَوِ العضبِ

وَكُلّ كَميٍّ فَوقَ كُلّ طمرَّةٍ

مِن النجبِ الجرد المطهّمة القُبِّ

عِتاب الفَتى لِلدَهر محض جَهالةٍ

وَإِلّا فَعجز ظاهر في ذَوي العتبِ

وَما الدَهر إِلّا ساعَةٌ بَعدَ ساعَةٍ

تَمُرُّ بِلا سَمع لَدَيها وَلا لُبِّ

ألا إِنَّما الأَقدار تَجري بِأَمر مَن

لَهُ الأَمرُ في مُستسهل الأَمر وَالصَعبِ

عَذيري بِما فاه اليراع فَإِنَّني

وَضَعتُ هَناء القَول في مَوضع النقبِ

عَفا اللَه عَمَّن قَد عَفت بَعدَ بُعدِهم

دِيارٌ وَعَفو اللَهِ يُرجى بِلا ذَنبِ


نوع المنشور:

شارك على :

المنشور السابق

من لعين اروقة لا تنام

المنشور التالي

يا مشير الدولة العليا ومن

اقرأ أيضاً

كم موقف متسربل

كَم مَوقِفٍ مُتَسَربِلٍ ثَوبَ العَجاجِ الأَسحَمِ وافَيتُهُ لَمّا تَبَس سَمَ عَن ثَنايا الأَسهُمِ فَخَضِبتُ أَطرافَ القَنا فيهِ بِحَنّاءَ…

طائر الأماني

لو بَقِيَتْ لي لحظةٌ واحدةً فَسوفَ أحياها لأَقصاها آخُذُها بشَوقِ مأَخوذ بها شُكراً لِمَنْ مَنَّ فأعطاها. أُفرِغُ مِن…

سفر ايوب

لكَ الحـَمدُ مهما إستطالَ البـــلاء ومهمــا إستبـدٌ الألـم لكَ الحمدُ إن ٌ الرزايـا عطـــاء وإنٌ المَصيبــات بعض الكـَـــرَم…