ألا هل لقلب عنك قد فقد الصبرا

التفعيلة : البحر الطويل

ألا هل لِقَلب عَنك قَد فَقَد الصَبرا

تَجرّع مُرّ الصَبر يقضي بِهِ صَبرا

وَهَل لِعُيون قَرَّحتها يَد النَوى

وَقَد أَعجَز الداءُ المُداويَ أَن تَبرا

فَيا راحِلاً عَن دار هَمٍّ وَمِحنةٍ

لَكَ اللَه إني قَد أَقول لَكَ البُشرى

لعمرك ما الدُنيا بِدار كَرامَةٍ

يعزُّ بِها مَن عَزَّ بَين المَلا قَدرا

وَما الناس إِلّا مَيّت وابن مَيّتٍ

بِذا جرت الأَقدار سُبحان مَن أَجرى

فَمَن لَم يَمُت مِن يَومه ماتَ مِن غَدٍ

وَمَن لَم يَمُت طَوعاً قَضى نَحبه قَهرا

ألا ما البقا إِلّا لِمَن خَلق البَقا

معيداً لَنا بَعد الفَنا مرّةً أُخرى

وَلَيسَ الفَنا إِلّا لِمَن هُوَ لِلفَنا

سواء عَلى الخَضراءِ كانَ أَو الغَبرا

رُوَيداً فَما الدُنيا سِوى طَيف زائرٍ

إِذا ما حَلا لِلعَين هاجعةً مرّا

وَما أَقصرَ الآمال فيما لَدى الفَتى

طوالا وَلَحظ الدَهر يرمقه شَذرا

أَرى ميتة الصُعلوك في دار همّه

فَقيراً كما قَد ماتَ في مُلكه كِسرى

وَمَن نَظَر الدُنيا بِعَين بَصيرَةٍ

رَأى يسرها عُسراً وَأَرباحها خُسرا

وَما الحُكم إِلّا لِلإلهِ فَكُلّ مَن

يُعاتب دَهراً جَهله ظلم الدَهرا

فَيا مَوت إنّي إِن أَلُمك فَإِنّني

أُلامُ فَما أَحدثت ما بَينَنا إِمرا

فَكَم مِن قُبور مِنكَ آهِلَة غَدَت

وَكَم مِن قُصور جُزت فَاِنقلبت قَفرا

ألا يا حَمام الدَوح ما لكَ نائِحاً

هبِ النوح قَلبي إِن قَلبي بِهِ أَدرى

فَقَدنا أَديباً كانَ طرس يراعه

إِذا خَطّ سَطراً نالَ مِن حَظِّهِ شطرا

أَخا شيم قَد أَعجزت عَن مَديحها

لِساني فَأَمسى لا يُطيق لَها شُكرا

وَما كُنت يا مارون قَبلك زاعِماً

بِأَنّ الثَرى عَن أَعيُني يَحجب البَدرا

وَأيّة أَرض قَد حَللت فَإِنَّنا

لِنَعجب مِنها أَنَّها وَسِعت بَحرا

وَما أَنت بِالنائي الغَريب فَكلّنا

بِها غرباء الدار لَو نُحسن الفكرا

يُؤجّج نار الحُزن ذكرك في الحَشا

فَيوشك دَمع العَين أَن يُطفئ الجَمرا

وَلَو كُنت تُفدى لاِفتدتك عَلى الوَفا

بِها نَفسُ حُرّ لا تُباع وَلا تُشرى

يَقولون مَن في الناس خَلّف لَم يَمُت

فَقُلت إِذا ما ماتَ من خَلّف الذِكرا

إِذا لَم يَكُن كسب سِوى الذكر لِلفَتى

فَلا أَيمَنت يمن وَلا أَيسرت يسرى

فَكَم لَكَ في الآداب لُطف شَمائِلٍ

إِذا ما نَشَرنا ذِكرَها نَفحت نَشرا

وَكَم لَك مِن أَبيات شعر حريّةٍ

بِها أَن تحلّي جيدها الغادة العذرا

هِيَ الراح لَولا أَنَّهُم لَقّبوا الطلا

عَجوزاً لَكانَ الفكر لَقّبها بِكرا

أَلا يا بني النقّاش لا يحزننّكم

بكىً وَسَّع الأَجفان أَو ضَيَّق الصدرا

أَرى الدَهر لَمّا قسَّم الحُزن خصّنا

بِتسعة أَعشار وَحَمَّلكم عُشرا

وَيا ثَغر بَيروت تَعزَّ فَقَلّما

نَراك سُروراً بَعدَهُ باسِماً ثَغرا

سَتَبكي عُيوني الدَهر لا الحَول طاعَةً

لِحُكم لَبيدٍ لا فلم آلها عُذرا

وَآسف لَو كانَ التأَسّف نافِعاً

عَلَيهِ وَلَكنَّ الثَناء لَهُ أَحرى


نوع المنشور:

شارك على :

المنشور السابق

تقارن النيران الشمس والقمر

المنشور التالي

شجن تحار بدرك غايته الورى

اقرأ أيضاً