في هوى آرام جرعاء الحمى

التفعيلة : البحر الموشح

في هَوى آرام جَرعاء الحِمى

بِعت نَفسي بِالنَفيس الأَنفسِ

ناثِراً ياقوت دَمعي حَيثما

ينظمُ اللؤلؤَ ثَغر الأَلعسِ

بِأَبي أَحوى حَوى كُلّ البها

ذو جَمالٍ وَدَلال وَكَمال

أَغيدٌ تَسلب جفناه النُهى

حَيث تَكسو الجسم سقماً وَاِنتِحال

لا تَقولوا ما دَرى أَن قَد وَهى

جَلَدي ما كُلّ ما يُدرى يُقال

أَنا إِن متّ أَسىً لا جَرَما

أنَّني مِن وَصلهِ لَم أَيأسِ

قَدُّهُ العادل كَم قَد ظَلَما

وَهوَ عِندي مَحسن غَير مسي

يا غَزالاً علّم الظَبي النفار

أَنتَ مَألوفيَ مِن عَهد الصِبا

جُلُّ ناري حينَ يَزهو جُلّنار

خَدّك المائيِّ يَذكو لَهَبا

جَنّة ما جمعت ماء وَنار

قَطّ إِلّا لترينا عَجَبا

فَكَليم القَلب مِنها عِندَما

همّ يَأتي بِشهاب قَبسِ

أَمَّها مِن جانب الطور فَما

شَكَّ أَن آنس روحَ القدسِ

يا أَنيس القَلب ما هَذا البعاد

وَالتَجَنّي فَلَقَد طالَ المَدى

أَنا لا أَنفكُّ عَن حفظ الوِداد

لا تُضيّع حُرمَةَ الودِّ سُدى

بِأَبي أَنتَ أَنِل قَلبي المُراد

مِنكَ لا تشمت بِمُضناك العِدا

وَاِتّخذ قَهر اللَواحي مَغنما

فَالأَسى مِن لُؤمِها لا ينتَسى

كَم أَراشَت بِملامٍ أَسهماً

فَتَكَت في القَلب عَن غَير قسي

هاتِ شَمس الراح يا بَدر الدجا

وَاِعص مَن يَنهى النهى عَن شربِها

إِنّ لِلتَوبة باباً أرتجا

إِذ بَدَت شَمس الطلا مِن غربها

لا تَلمني أَنَّني بِعت الحجا

وَعَذيري أَنتَ كن مُنتَبِها

فلعمري قَد بَررت القسَما

إِنَّها ذات مَقام أَقدسِ

فَلِما عذَّبتَ يا عَذب اللَمى

جَسَداً مِن سقم جفينك كُسي

حَبّذا صَبوة أَيّام الصِبا

وَزَمانٌ بالتَصابي قَد مَضى

وَصَبابات لَها الصَبُّ صَبا

لَيسَ يَبغي القَلب عَنها عوضا

كَم لها أَذكت نسيمات الصبا

في الحَشا مِن لاعِجي جَمر الغَضا

يا زَماناً كانَ لي مغتنما

وَلَهُ قَد كُنت كَالمُختَلسِ

مَدمَعي نمَّ إذ الوَجد نَما

غَير أَنّ القَلب لَم يَستيئسِ

قُم بِنا لِلرَوض نَسعى يا نَديم

حَيث يُهدي نَشره عطر الشَذا

وَأَعد ذكرى جَوى العَهد القَديم

وَحَديث الشَوق عَن قَلبي خذا

وَاِستَقم إنّي عَلى العَهد القَديم

لَست بِالنابذ فيمَن نَبَذا

لا وَمَن قَلّدَ جيدي نعما

وَهباتٍ في المَلا لَم تنتَسِ

الأمير المُنتمي مَن قَد سَما

بَدر أُفق المَجد شَمس المَجلسِ

الأَمير الأَوحد السامي وَمَن

تَتَباهى بِمعاليهِ الرُتب

كَيف لا وَهوَ الأَمين المؤتمن

مَن لهُ العزّ اِنتَمى حَيث اِنتَسَب

درّة العَلياء في جيد الزَمَن

وطِراز الفَخر ما بَين العَرب

مَن غَدا فَضل علاه عَلما

وَنَداهُ مَنهلاً لِلمُحتَسي

يا لَهُ مِن مَنهل يَروي الظَما

لَم تَزَل فيهِ حَياة الأَنفُسِ

كَعبة الآمال كَم حجَّ إِلى

بابها من للندى لَبّى وَطاف

رَوضة الفَضل الَّتي بَينَ المَلا

قَطّ لَم يَنبت بِها دَوح الخلاف

سِدرَةٌ فرع علاها قَد عَلا

يانِعاً داني الجنى للإقتطاف

لَيسَ بدعاً لَو نَما ذا المُنتمي

حَيث ينمي الغُصن طَيب المغرسِ

إِنَّما البدعُ بِمَن يَنمو وَما

أن تَحاشى عرقه عَن دَنسِ

بَحر حلم لَم يَزَل تَيّارُهُ

يَجمَع الدُرَّ وَيَرمي بِالصَدف

وَبعلم الكيميا أَنظارُهُ

لَم تَزَل تَصنع إكسير الشَرَف

حيدريٌّ في الوَغى بتّارُهُ

يَفلقُ الهام وَيَبرى كُلّ كَفّ

حَيدريٌّ حَوزَةَ المَجد حَمى

صائِلاً كَالأَسد المُفترسِ

فَاِتّخذ ساحَة ناديهِ حِمى

عَن يَد الدَهر تَكُن في حرسِ

مظهر الحَقّ الَّذي لَمّا اِنجلى

نورُهُ أَخفى ظَلام الباطلِ

جَوهَر الصدق الَّذي زان حلى

عقده جيد الزَمان العاطلِ

الهمام المُرتَجى غَوث الملا

ذُو العلا غَيث النَوال الهاطلِ

لَيسَ غَيثاً لا وَلا بَحراً طَمى

فَكلا ذينِ بِهِ لَم يقسِ

لَو بِهِ ناظرت كلّا مِنهُما

ما وَفى معشار عشر الخمسِ

يا أَميراً خلقُهُ الأَسنى حَوى

شِيماً طابَ علاها عُنصرا

وَالَّذي عَن حَزمِهِ العَزم رَوى

هِمماً قَد سَعدت بَينَ الوَرى

هاكَ حَمداً لَم يَكُن يَبغي السِوى

طالِباً مِن بَعد عينٍ أَثَرا

إِنَّما أَمدَح مَولىً مُنعما

عزّ مَدحي فيهِ لَم يستبخسِ

مَن رقى أَوج المَعالي سُلَّما

كَرُقيّ البَدر تَحتَ الغَلسِ

كَم أَيادٍ لكَ يا كنز النَدى

وَصفها تَعجز عَنهُ الأَلسُنُ

وَسَجايا لَيسَ تُحصى عَدَدا

وَأَرى تِعدادها لا يحسنُ

إِن يَكُن شُكري لَها فَرضاً غَدا

فَهيَ في شَرع المَعالي سننُ

سننٌ عقد ثَناها اِنتَظما

فَتَحلَّت مِنهُ أَسنى مَلبسِ

وَبَدَت تَزهو جَمالاً مِثلَما

تَزدَهي في حللٍ مِن سُندُسِ

هاكَها قَد بَرزت تَحتَ الستور

غادَةً بِاليمن وافَت وَالمُنى

عَين خدر كم تَلَت آيات نور

تُبهرُ العين سَناء وَسَنى

وَبعيد الفطر إِذ عَمَّ السُرور

أَقبَلَت تَنشُر رايات الهَنا

فَاِرتشف كَأس التَهاني وَاِغنَما

وَاِحتسي مِن راحِها ما تَحتَسي

فَبمسك المَدح أنسي ختما

كُلَّما فضَّ ختامُ الأَكؤُسِ


نوع المنشور:

شارك على :

المنشور السابق

قاتلي من بشر عنا

المنشور التالي

خليلي إن نلت المعالي فلا تكن

اقرأ أيضاً