بكى عليك الحسام والقلم

التفعيلة : البحر المنسرح

بَكى عَلَيكَ الحُسامُ وَالقَلَمُ

وَاِنفَجَعَ العِلمُ فيكَ وَالعَلَمُ

وَضَجَّتِ الأَرضُ فَالعِبادُ بِها

لا طِمَةٌ وَالبِلادُ تَلتَطِمُ

تُظهِرُ أَحزانَها عَلى مَلكٍ

جُلُّ مُلوكِ الوَرى لَهُ خَدَمُ

أَبلَجُ غَضُّ الشَبابِ مُقتَبِلُ ال

عُمرِ وَلَكِنَّ مَجدَهُ هَرِمُ

مُحَكَّمٌ في الوَرى وَآمِلُهُ

يَحكُمُ في مالِهِ وَيَحتَكِمُ

يَجتَمِعُ المَجدُ وَالثَناءِ لَهُ

وَمالُهُ في الوُفودِ يُقتَسَمُ

قَد سَئِمَت جودَهُ الأَنامُ وَلا

يَلقاهُ مِن بَذلِهِ النَدى سَأمُ

ما عُرِفَت مِنهُ لا وَلا نَعَمٌ

بَل دونَهُنَّ الآلاءُ وَالنِعَمُ

الواهِبُ الأَلفِ وَهوَ مُبتَسِمٌ

وَالقاتِلُ الأَلفِ وَهوَ مُقتَحِمُ

مُبتَسِمٌ وَالكُماةُ عابِسَةٌ

وَعابِسٌ وَالسُيوفُ تَبتَسِمُ

يَستَصغِرُ العَضبَ أَن يَصولَ بِهِ

إِن لَم تُجَرَّد مِن قَبلِهِ الهِمَمُ

وَيَستَخِفُّ القَناةَ يَحمِلُها

كَأَنَّها في يَمينِهِ قَلَمُ

لَم يَعلَمِ العالِمونَ ما فَقَدوا

مِنهُ وَلا الأَقرَبونَ ما عَدِموا

ما فَقدُ فَردٍ مِنَ الأَنامِ كَمَن

إِن ماتَ ماتَت لِفَقدِهِ أُمَمُ

وَالناسُ كَالعَينِ إِن نَقَدتَهُمُ

تَفاوَتَت عِندَ نَقدِكَ القِيَمُ

يا طالِبَ الجودِ قَد قَضى عُمَرٌ

فَكُلُّ جودٍ وُجودُهُ عَدَمُ

وَيا مُنادي النَدى لِيُدرِكَهُ

أَقصِر فَفي مَسمَعِ النَدى صَمَمُ

مَضى الَّذي كانَ لِلأَنامِ أَباً

فَاليَومَ كُلُّ الأَنامِ قَد يَتموا

وَسارَ فَوقَ الرِقابِ مُطَّرَحاً

وَحَولَهُ الصافِناتُ تَزدَحِمُ

مُقَلَّباتِ السُروجِ شاخِصَةٌ

لَها زَفيرٌ ذابَت بِهِ اللُجُمُ

وَحَلَّ داراً ضاقَت بِساكِنِها

وَدونَ أَدنى دِيارِهِ إِرَمُ

كَأَنَّهُ لَم يَطُل إِلى رُتَبٍ

تَقصُرُ مِن دونِ نَيلِها الهِمَمُ

وَلَم يُمَهِّد لِلمُلكِ قاعِدَةً

بِها عُيونُ العُقولِ تَحتَلِمُ

وَلَم تُقَبِّل لَهُ المُلوكُ يَداً

تَرغَبُ في سِلمِها فَتَستَلِمُ

وَلَم يَقُد لِلحُروبِ أُسدَ وَغىً

تَسري بِها مِن رِماحِها أَجَمُ

وَلَم يَصِل وَالخَميسُ مُرتَكِبٌ

عَبابُهُ وَالعَجاجُ مُرتَكِمُ

أَينَ الَّذي كانَ لِلوَرى سَنَداً

وَرُحبُ أَكنافِهِ لَها حَرَمُ

أَينَ الَّذي إِن سَرى إِلى بَلَدٍ

لا ظُلمَ يَبقى بِهِ وَلا ظُلَمُ

أَينَ الَّذي يَحفَظُ الذِمامَ لَنا

إِن خُفِرَت عِندَ غَيرِهِ الذِمَمُ

يا ناصِرَ الدينِ وَاِبنَ ناصِرِهِ

وَمَن بِهِ في الخُطوبِ يُعتَصَمُ

وَصاحِبَ الرُتبَةِ الَّتي وَطِئَت

لَها عَلى هامَةِ السُهى قَدَمُ

تُثني عَليكَ الوَرى وَما شَهِدوا

مِنَ السَجايا إِلّا بِما عَلِموا

يَبكيكَ مَألوفُكَ التُقى أَسَفاً

وَصاحِباكَ العَفافُ وَالكَرَمُ

لَم يَشقَ يَوماً بِكَ الجَليسُ وَلا

مَسَّ نَداماكَ عِندَكَ النَدَمُ

أَغنَيتَني بِالوِدادِ عَن نَسَبي

كَأَنَّما الوُدُّ بَينَنا رَحِمُ

لَولا التَسَلّي بِمَن تَرَكتَ لَنا

أَلَمَّ بي مِن تَدَلُّهي لَمَمُ

وَفي بَقاءِ السُلطانِ تَسلِيَةٌ

لِكُلِّ قَلبٍ بِالحُزنِ يَضطَرِمُ

المَلِكُ الصالِحُ الَّذي ظَهَرَت

مِنهُ السَجايا وَطابَتِ الشِيَمُ

لازالَ يُغني الزَمانَ في دَعَةٍ

وَالذِكرُ عالٍ وَالمُلكُ مُنتَظِمُ


نوع المنشور:

شارك على :

المنشور السابق

عيون لها مرأى الأحبة إثمد

المنشور التالي

يا ليت شعري وقد أودى بك القدر

اقرأ أيضاً