في قرية صغيرة وهادئة كان يعيش مجموعة من الناس,على الرغم من أنهم في مطلع القرن الحادي والعشرين, غير أنهم لايعرفون عن العالم الخارجي سوى مايشاهدونه أمامهم, ولكن أكثر مايميزهم هو روابطهم الغريبة ببعضهم البعض
,حيث تجدهم في تلك القرية يعيشون وكأنهم من أسرة واحدة, لافرق بينهم ولاينفك أحدهم أن يقيم مناسبة إلا ويدعو كل جيرانه دون إستثناء,وكذلك يغلب عليهم طابع العصبية القبلية فهم يرفضون رفضا قطعيا تزويج أبنائهم من خارج ذلك المحيط, وكان لهم فيها العم عثمان كبيرهم إذ أن عمره تجاوز المائة عام, ولايزال بدنه وكأنه عشرني أو ثلاثيني له من الاحفاد والاولاد مايكفي لبناء مملكة بأكملها,
وكان يفرض سلطته على القرية بأسرها, و له حفيدة تدعى أحلام كان يرى فيها جدتها, التي لم يشأ أن يتزوج بعد رحيلها رغم مرور ازيد من ثلاثين عام على ذلك فقد كانت ملامحها تشبهها إضافة الى افكارها وجرأتها وطموحها وكان والد أحلام ضعيفا هشا, لايتخذ قرارا الا وكان لوالده دخل فيه حيث كان ابنه الاصغر والمتبقي من اولاده على قيد الحياةحسب قوله, وقد كان العم عثمان يحتفظ بصورة قديمة لفتاة داخل غرفة مضلمة من غرف بيته, ويرفض دخول أي كان إليها مهما كان السبب لكن أحلام ذات يوم خالفته ودخلت اليها لتشاهد صور لفتاة فائقة الجمال,
كانت مثلها لم تتجاوز العشرين بعد ولم تكن حفصة جدتها المتوفية لانها تعرف صورتها حاولت أن تسأل والدها عن صاحبة الصورة فرفض اخبارها, وقال لها اياك أن تتكلمي عن هذا الموضوع أمام جدك ولاتسأليني أكثر عن ذلك, وكانت تلك القرية تنتهي بسياج من شوك يحاط بها على الضفة المقابلة للنهر, وقرب السياج يوجد اربع كلاب شرسة للعم عثمان يحرصون المنطقة حرصا شديدا وينهشون لحم أي شخص غريب تطأ قدمه المنطقة,
وكانت امرأة في الاربعين تأتي كل يوم محاولة الاقتراب من تلك القرية لكنها تتراجع خوفا من الكلاب, وذات يوم بينما كانت احلام تتجول قرب النهر لمحت حركة غريبة, تتبعتها واذ بها تبهت لما رأته فقد كانت تلك المرأة هي نفسها التي لمحتها في الصور ,فعطلت الكلاب ببعض بقايا الطعام وخرجت مسرعة خلف تلك السيدة الغريبة وامسكتها من ذراعها, قائلة لها لاتخافي ياعمة اريد أن اعرف فقط من تكونين فردت السيدة قائلة من المؤكد انك أنت احلام حفيدة عثمان والابنة البكر لاصغر أولاده,
ثم دعتها لمنزلها وعند دخول أحلام تفاجئت بشابين احدهما دخل الى المنزل, والاخر بقي يقف بعيدا وقال له ياخالد من هذه الغريبة التي تقف قرب منزلكم لابد أنها لصة, فإقتربت منه وصرخت فيه بأن صاحبة البيت من دعتهاوبعدها اقتربت منها تلك المرأة الاربعينية ,وقالت لها أنها عمتها وأن الجد عثمان هو والدها ولكن عندما اراد الجد بعد وفاة الجدة تزويج ابنته لاحد أقاربه هربت بعيدا, وبعدها تعرفت على شاب وتزوجت منه وانجبت منه ولدا وعاشت معه سعيدة,
ولكنها ارادت من والدها أن يسامحها قبل أن تموت فهي تعاني من سرطان الدم في مراحله الاخيرة, فوعدتها أحلام أنها ستقنع جدها بذلك ولكن العمة ألحت عليها ألاتخبر أحدا فمرضها سر حتى زوجها وابنها لايعرفانه, فقالت لها سأقنعه بطريقتي وسنساعدك عل وعسى يشفيك الله وعندما كانت احلام في طريق عودتها إلى تلك القرية الغريبة, صادفت في الطريق ذلك الشاب صديق إبن عمتها وتخاصمت معه مجددا وقالت له أنت عديم الذوق كيف تطردني من بيت ليس لك,
وفي البيت حدثت أمها عن الموضوع فتألمت وقالت لها لاأظن جدك سيسامحها, حتى عندما يعرف بمرضها فأنا أدرى الناس بقسوته وكبريائه, وأما والدها لم يعرف بمرض أخته لكنه قال لها لاتخبري جدك أنك كنت هناك فأنا لاأريد خسارة إبنتي, ولكنها ألحت وأصرت كعادتها وذهبت اليه وعندذكر إسم عمتها مباشرة ثار غظبه وصفعها للمرة الاولى, وقال لها سأضطر لتزويجك فهناك شاب تقدم لخطبتك من هذه القرية ففور سماعه لاسم ابنته ذعر وخاف أن يتكرر المشهد الذي أشعره بالاحباط والهزيمة والعار على حد قوله,
وعادت الى حظن امها تبكي وهي تقول لن أتزوج من ذلك الشاب مهما حصل وبنفس الطريقة التي خرجت بها من القرية سابقا تسللت مجددا, وذهبت لبيت عمتها وكانت تبكي ولا ترتدي معطفا والامطار تتهاطل بغزارة, واذا بمعطف يرتمي على ظهرها وقد كان عاصم صديق خالد فشكرته وقالت له لم أكن أعرف أنك مهذب الى هذا الحد, ودخلت لمنزل عمتها واعطته المعطف وبعد دخولها رحب بها ابن عمتها خالد وقالت لعمتها أنها تود البقاء معها بضعة أيام فوافقت,
وسمع خالد مافعله ذلك العجوز وغظب كثيرا وقرر أن يذهب اليه بعد أن عرف أنه جده, ولكن الكلاب نهشت لحمه قبل أن تطأقدمه مدخل السياج فقضي أجل خالد وعثر عليه والده جثة, وكان لخالد خطيبة هي شقيقة عاصم همست في أذن العمة بأن تطرد أحلام واصفة اياها بأنها سبب كل المصائب, فهم كانو يعيشون بهدوء الى حين قدومها إليهم وبعد ذلك قرر والد خالد الذهاب إلى الجد عثمان لمواجهته, حاول عاصم منعه لكنه أصر وذهب وكاد يهلك هو الاخر,
لكن عاصم تقدم وواجه الكلاب وهي تكاد تنهشه, لكنه لم يخف وقاومها بكل قوة فتقدم الجد منه بالبندقية وجائت ابنته بعدها ومعها خطيبة خالد المتوفي وحفيدته أحلام وكانت خطيبة خالد تحمل بيدها عشبة تتسبب في تشويه الوجه رمتها على وجه ذلك العجوز المسن,
ليتحول وجهه المشرق الى وجه محروق ومشوه بالكامل, فإنهالت الكلاب على عثمان لانهم لم يتعرفو على صاحبهم بينما نقل عاصم للمستشفى وتلقى العلاج الازم, وخطب أحلام أما الكلاب فعندما تفطنو لغياب صاحبهم ذعرو ورحلو عن القرية, وخارت قوتهم فجأة واصبح لاحول لهم ولا قوة وسكن الهدوء القرية لفترة ثم عجت بالنشاط وفتحت فيها مدارس ومستشفيات ومساجد كثيرة ,
وعاد الضجيج اليها بعد أن كانت تشبه المقبرة أما عن أحلام فقد تزوجت عاصم, واخته كانت ترفضها بشدة فقررت ترك البلدة بأكملها وأما عن العمة فقد باشرت علاجها وهي تقول أنها تتحسن, وتغيرت كل قوانين القرية المجحفة التي كانت سارية في عهد عثمان, واصبحت تلك القرية من أكثر القرى نشاطا في المنطقةوتحققت تلك الاحلام المكبوتة التي كانت بداخل كل سكان تلك القرية, فقد عمها السلام والسعادة, ولكن كان لابن احلام تصرفات انانية متعجرف ومتكبر شبيها لجدهم, مما جعل الكل متخوفين من أن يولد لهم عثمان اخر,
يعيد قريتهم الى عتمتها التي عاشو فيها قرابة مائة عام من العمر, ويهد كل ماقامو ببنائه فيعودون لنقطة البداية ولكن الاحلام لايمكن أن تموت أو تمحى وإن سيطرعليهاأحدهم لبعض الوقت, أو كبتها فلابد أن يأتي يوم وتنفجرو ذلك لايكون بالاستسلام أوالرضوخ ,وإنما بالجد والعمل. شخصيات القصة الشيخ عثمان, حفيدته احلام ,عمة احلام ,عاصم ,خالد , والدة احلام ووالدها ,خطيبة خالد ووالد خالد