كاد الكمالُ يعودُ ربعاً بلقعا
حتى رفعتَ منارَهُ فترفّعا
ما كنت إلا البدرَ حجّبَ ضوءَهُ
سِتْرُ الغَمام ومن قريبٍ أقْشعا
شكراً لدهرٍ زاد عنك صروفَهُ
فثَناكَ محروسَ المحلِّ مرفّعا
يغدو من العارِ المدنّسِ عارياً
ويروحُ بالمجدِ الأثيلِ ملفّعا
أوضحتَ من سُبُلِ المكارمِ ما عَفا
وشددتَ من أركانِها ما ضُعْضِعا
وبنيتَ وجهَ العلمِ أبيضَ ناصعاً
وتركتَ وجهَ الجهلِ أسودَ أسْفَعا
ونزعتَ ثوبَ توعّكٍ لا ينثَني
ولبسْتَ خلعةَ صحةٍ لن تُخْلَعا
من بعدِ أن قال الحواسدُ إنها
نُزِعَتْ وظنّوا أنها لن تُرْجَعا
فكأنما كانتْ وقد عادت له
شمساً وكان لها هنالك يُشَعا
إن خفّ دوحٌ للمكارمِ أو ذَوى
فالآنَ أورقَ إذ شُفيتَ وأيْنَعا
عش للموالي والمعادي دائماً
تَهمي يداكَ ندىً وُسماً مُنقَعا
والى الذي والى نعيماً سرُّهُ
وغدا الى الأعداءِ بؤساً أوجَعا
الله أكرمُ أن يضيّعَ ما جدا
لولاه أبصرت الكمالَ مُضيّعا
إن جادَ للعافي أجادَ وإن سعى
في ضيقِ طُرْقٍ للسماحةِ أوسعا
عن نَشْرِه فاحَ النسيمُ معطّراً
وبشكرِه غنّى الحمامُ مرَجّعا
من مُبلغُ الأعداءَ عني أنني
بمديحِه نلتُ المحلَّ الأرفَعا
ولبستُ من حَلْيِ المفاخِرِ فائقاً
وسلكتُ من طُرْقِ المحامدِ مِهْيَعا
وأمِنْتُ من جورِ الزمان بمعْقِلٍ
ما قال حُظُّ لعاثرٍ إلا لَعا
يجري الزمانُ بما تشاءُ صروفُه
فيُبينُ من أردى ويرعى من رَعى
يا أحمدُ بنَ محمدٍ دعْوى امرئ
سقّيتَه ماءَ الندى فترعرعا
شتّتَ شملَ المالِ أيَّ تشتُّتٍ
لما رأيتَ الفضلَ منك تجمّعا
وأبحتَهُ لما علمتَ بأنه
بِدْعُ على شرعِ الندى لن يُمنَعا
حلّتْ مناقِبُك الحسانُ عُقودَها
من لَبّةِ العلياءِ جيداً أتْلَعا
لا تعدَمُ الأيامُ منكَ ولا الورى
يا بنَ الأكارمِ بارعاً متبرّعا
كم معركٍ للقولِ غادرَ جمعَهُ
إذ شامَ فضلَك صارماً متصدِّعا
وأسيرِ عُسْرٍ يُسْرَكَ بارقاً
فسقاهُ هاطلُ دَيْمةٍ تُقْلِعا
وغليلِ ظامٍ للعلومِ أباحَهُ
من علمِه الوضّاحِ بحراً مترَعا
إن طال بالغَ في المعالي وانتهى
أو قال أعجزَ في الكلامِ وأبدَعا
أما مدائحهُ عليّ فإنّها
فرضٌ إذا كان المديحُ تطوّعا
عادت إليه فلاحقتْه سعادةٌ
باتتْ تُقِضُّ من الحسودِ الأضلُعا