يُنادي مَنِ الساري إِلَيَّ وَمُزعِجي
فَقُلتُ جَوادٌ ذو مَحَلٍّ وَسُؤدَدِ
حُسامٌ عَلى الأَعداءِ ماضٍ غِرارُهُ
وَمَلكٌ لَدى ذي خُلَّةِ المُتَوَدِّدِ
أَتَيتُكَ أَطوي الأَرضِ شَرقاً وَمَغرباً
عَلى ضامِرِ الأَحشاءِ كَالبَرقِ أَجرَدِ
فَقالَ وَما تَبغي فَقُلتُ مُدامَةٌ
تُشَتِّتُ شَملَ الهَمِّ عَن كُلِّ مُكمَدِ
فَقالَ نَعَم عِندي سُلافَةُ كَرمَةٍ
كَوَجنَةِ مَعشوقِ الشَمائِلِ أَغيَدِ
وَأَبرَزَها عَذراءَ أَحلى مِنَ المَنى
كَشَمسِ الضُحى أَو كَاللَظى المُتَوَقِّدِ
إِذا مُزِجَت أَبدَت حَباباً كَأَنَّهُ
مِنَ الدَرِّ طَوقٌ في غِلالَةِ عَسجَدِ
قَسِرتُ بِها وَهيَ الحَياةُ لِرَوضَةٍ
تَروحُ عَلَيها الغادِياتِ وَتَغتَدي
كَأَنَّ البَهارَ الغَضَّ فيها مَداهِنٌ
مِنَ المتِبرِ صيغَت في غُصونِ زَبَرجَدِ
كَأَنَّ اِنتِثارَ القَطرِ وَالزَهرُ زاهِرٌ
عَلى الوَردِ دَمعٌ فَوقَ خَدٍّ مُوَرِّدِ
وَتُزهى بِمَنثورٍ يَلوحُ كَجَوهَرٍ
عَلى نَمَطٍ بَينَ الرِياضِ مُبَدَّدِ
وَأَطيارُها تُغنى النَديمَ إِذا شَدَت
عَلى الأَيكِ عَن شَدوِ الغَريضِ وَمَعبَدِ
وَنَرجِسُها بَينَ الشِقائِقِ شاخِصٌ
يُرَدِّدُ لَحظَ المُستَهامِ المُسَهَّدِ
فَما زِلتُ بِالإِبريقِ أَقبِضُ روحَها
مِنَ الدَنِّ ما بَينَ الرُبى بِتَمَرُّدِ
وَأَشرَبُها حَتّى اِنثَنَيتُ مُجَدَّلاً
صَريعاً عَلى شَدوِ الحَمامِ المُغَرِّدِ
أَنا ذاكَ أُعطي اللَهوَ ما عِشتُ مِقوَدي
وَأَعدَلُ عَن تَفنيدِ كُلِّ مُفَنِّدِ