أُفٍّ لها دُنْيا فلا تستِقرّْ
وعيشُها بالطبعِ مُرٌّ كَدِرْ
جميلةُ المنظرِ لكنّها
أقبحُ شيءٍ عند مَنْ يختبِر
قد وَحِل العالم في سجنها
فكل جنسٍ تحت بؤس وضُرّ
فقيرُها يطلب نيلَ الغِنى
وذو الغِنى يجمعُ كيْ يَدَّخِر
فذاك للإملاقِ في حسرةٍ
وذاك خوفَ الفقرِ تحت الحَذر
والزاهد العابدُ في كُلْفةٍ
من شَعَث الصومِ وطولِ السَّهَر
وخوفِ مايلقاهُ من ربِّه
في آخر الأمرِ إذا ما حُشِر
وَهَمُّه في القوتِ من حِلِّه
صعبٌ شديدٌ مستحيلٌ عَسر
والفاسقُ المذنِبُ في وصمةٍ
مُسفَّه الرأيِ قبيح الأَثَر
ليس بمأمونٍ ولا آمنٍ
مُذمَّم في قومه محتقَر
منخِفض الرتبِة بين الوَرَى
يفتخِر الناسُ ولا يفتخِر
والحوتُ والطير ووَحْش الفَلا
في كُلَفٍ من وِرْدها والصَّدَر
فالوحشُ لا يأمَنُ من قانِصٍ
أو حابِل أو أسدٍ محتِضر
أو جارح يُدرِكها بَغْتةً
في الجو لا يضرِب إلا كَسَر
والطيرُ في الأقفاصِ سجنا لها
تَنوح فيه نَوْحَ صَبٍّ أُسِر
والملكُ الأعظم في خُطَّة
من شدةِ الأمرِ وطول السَّهَر
وخوفِه من ملكٍ غادرٍ
إذا رأى الفرصةَ فيه غدر
إما بسُمٍّ أو سلاحٍ فلا
يأمَنُ حاليْ سَفَرٍ أو حَضَر
يَستشعِر الخِيفةَ من مَلْبسٍ
أو مطعم أو مشرب أو خَضِر
فالناسُ في أمن به وهْو في
توهُّم الخوف فلا ينحصر
والحوتُ في اللُّجِّ على بُعْدِه
من مَلْمسِ الكفِّ ولَمْحِ البصر
يُدْلِي له الصيادُ خِيطانَه
والطُّعْم فيها فوق عُقْفِ الإِبَر
حتى إذا أَوْقَعه جَرَّه
جرَّ عنيف جار لما قَدَر
والبعضُ منها آكِلٌ بعضَه
فما جَفا يأكل ما قد صَغُر
مصائبٌ جَلَّتْ ولكنني
أوردتُ منها نُبذةَ المختِصر
تقديرُ من لا حُكْمَ إلا له
في كلِّ ما يأتِي وفيما يَذَر
حَذَّرتُك الدنيا فلا تحتِقر
نصيحتي عندك نصفُ الخَبر