يمشى على الشارع ذاته , في الموعد ذاته ,
مكتفياً بما يمنحه المساء من تذوّق متهّل
لطعم الهواء . يأسف كلما لاحظ النقصان
المتزايد في الأشجار الزيتون , حيث تزداد
البنايات ارتفاعاً كآلامنا وتُقَلِّص كمية الفضاء .
لكن الفتيات الصغيرات يكثرن ويكبرن وينضجن
دون أن يخشين الزمن المتربِّص بهن عند
نهاية الشارع النازل إلى الوادي , ينظر
إليهن بلا اشتهاء . وينظرون إليه بفضول ,
ويقلن له : مساء الخير يا عم ! يُحِبُّهنَّ
بلا غصَّةٍ سفرجليَّة , ويحتفي بجمال نضارتهنَّ
وبنضارة آمالهنّ , كما يحتفي بموسيقى, وبلوحة
مائية , وبطائر أزرق الذيل . هُنَّ يستعجلن
الزمن ليصبغن أظافرهن بالأحمر المتحرّش
بثيران خفيّة , ولينتعلن الكعب العالي لكسر
ثمار الجور وإيقاظ النائم . وهو يستمهل
الزمن ليطيل متعة المرور بينهن جاراً لجمال
مستقلّ . ولا بأس في أن يتذكر أنه
عندما كان أَصغر كان يغبط نفسه كلما
مشى برفقة مُهْرَةٍ على طرق أخرى((هل
كُلُّ هذا الكليّ لي؟)) ثم يواصل المشي
على الشارع وحيداً. يَعُدُّ على أصابع يديه
ما تبقَّى من أشجار الزيتون , ويفرج بغزلان
تتقافز حوله بحياد متبادل . لا يغبط
نفسه على شيء! .. ولا يحسد غيره !
اقرأ أيضاً
من الفرنسيس قيد العين صورتها
مِنَ الفَرنسيسِ قَيدَ العَينِ صورَتَها عَذراءَ قَد مُلِأَت أَجفانُها حَوَرا كَأَنَّما وَهَبَتها الشَمسُ صَفحَتَها وَجها وَحاكَت لَها أَسلاكَها…
لك الخير شأن الجفن يحرس عينه
لك الخير شأنُ الجفن يحرسُ عينَه وهذا بعين الله يحرس دائماً تبيتُ له خمسُ الثريا مُعيذةً تُقلِّدُه زُهرُ…
يا نفس إن الحق ديني
يا نَفسُ إِنَّ الحَقَّ ديني فَتَذَلَّلي ثُمَّ استَكيني فَإِلى مَتى أَنا غافِلٌ يا نَفسُ وَيحَكِ خَبِّريني وَإِلى مَتى…
قد نظم الماء لؤلؤ الحبب
قَد نَظَمَ الماءُ لُؤلُؤَ الحَبَبِ عِقداً لِأُمِّ السُرورِ وَالطَرَبِ فَاِستَجلِها في رُبى تَرائِبِها قَد حُلِّيَت بِاللُجَينِ وَالذَهَبِ وَالزَهرُ…
ما يفعل العبد والأقدار جارية
ما يَفعَلُ العَبدُ وَالأَقدارُ جارِيَةٌ عَلَيهِ في كُلِّ حالٍ أَيُّها الرائي أَلقاهُ في اليَمِّ مَكتوفاً وَقالَ لَهُ إِيّاكَ…
عسى للصبا علم برسم المعالم
عسى للصّبا عِلْمٌ برَسْمِ المعالمِ فَتُبْرِدَ حَرّاً من صَبَابَةِ هائمِ ربوعٌ رَبَعْتُ اللهوَ والكاسَ والصِّبا بها مُكْرَماً بالوصلِ…
أمسى الخلابيس قد عزوا وقد كثروا
أَمسى الخَلابيسُ قَد عُزّوا وَقَد كَثَروا وَاِبنُ الفُرَيعَةِ أَمسى بَيضَةَ البَلَدِ جاءَت مُزَينَةُ مِن عَمقٍ لِتُخرِجُني إِخسي مُزَينَ…
سألت أخي أبا عيسى
سَأَلتُ أَخي أَبا عيسى وَجِبريلَ لَهُ عَقلُ فَقُلتُ الخَمرُ تُعجِبُني فَقالَ كَثيرُها قَتلُ فَقُلتُ لَهُ فَقَدِّر لي فَقالَ…