كَمُصْغٍ إلى وَحْيٍ خفيّ , أُرهف السمع
إلى صوت أوراق الشجر الصيفيّ … صوتٍ
خَفِرٍ مُخَدَّر مُتَحدِّرٍ من أَقاصي النوم…
صوتٍ شاحب ذي رائحة حنطية قادم
من عزلة ريفيّة.. صوتٍ متقطعٍ مُوَزِّع
بتقاسيمَ مرتجلةٍ على أوتار نسيم مُتَمَهِّل.
لا يسترسل ولا يطيل الفواصل. لصوت
أوراق الشجر في الصيف تَقَشُّف الهمس
وتعفُّف النداء . كأنَّ الصوت هذا لي
وحدي, يخطفني من ثقل المادة إلى خفّة
الإشراق : هناك وراء التلال , وما
بعد الخيال , حيث يتساوى الظاهر والباطن ,
أَسبح خارج ذاتي في ضوء بلا شمس
بعد غفوة تشبه الصحوة , أو بعد
صحوة تشبه الغفوة , يعيدني حفيف
الشجر إلى ذاتي معافىً مُصَفّىً من
الوساوس والهواجس . لا أَسأل
عن معنى هذا الصوت : هل هو نجوى ورقة
إلى أختها في هذا الخلاء , أم هو حنين الهواء إلى
قيلولة ؟ صوت بلا
كلام يهدهدني ويمسّدني ويحولني
وعاء ينضح بما ليس منه… ولا فيه.
كأنه عاطفة تبحث عن عاطفيّ … شبيهِ !
اقرأ أيضاً
أمام حجرة عائشة ـ رضي الله عنها ـ
حَصَانٌ أيُّها الأعمى رَزَانُ يشير إلى فضائلها البَنَانُ رآها المجدُ أوَّل ما رآه مبجَّلةً لها في الخير شانُ…
كأن عمرو بن ثربى لم يعش ملكاً
كأَنَّ عمروَ بن ثَربى لَم يَعِش مَلِكاً وَلَم تكن حولَه الراياتُ تَختَفِقُ لاقى جَذيمةَ في جأواءَ مُشعَلةًٍ فيها…
شعفت بعهد ذكرته المنازل
شُعِفتَ بِعَهدٍ ذَكَّرَتهُ المَنازِلُ وَكِدتَ تَناسى الحِلمَ وَالشَيبُ شامِلُ لَعَمرُكَ لا أَنسى لَيالِيَ مَنعِجٍ وَلا عاقِلاً إِذ مَنزِلُ…
اسمع ثنائي فإني لست ممتدحا
اِسمَع ثَنائي فَإِنّي لَستُ مُمتَدِحاً إِلّا اِمرَأً مِن يَدَيهِ الخَيرُ يُنتَظَرُ وَأَنتَ ذاكَ الَّذي تُرجا نَوافِلُهُ عِندَ الشِتاءِ…
لمن طلل برامة لا يريم
لِمَن طَلَلٌ بِرامَةَ لا يَريمُ عَفا وَخَلا لَهُ حُقُبٌ قَديمُ تَحَمَّلَ أَهلُهُ مِنهُ فَبانوا وَفي عَرَصاتِهِ مِنهُم رُسومُ…
نحن أناس نوالنا خضل
نُحنُ أُناسٌ نَوالُنا خَضِلٌ يَرتَعُ فيهِ الرَجاءُ وَالأَمَلُ كُلُّ فَتىً لَيسَ في مَوَدَّتِهِ مَذقٌ وَلا في خِلالِهِ خَلَلُ…
لمن والليالي غير معتبة الفتى
لِمَن وَاللَيالي غَيرُ مُعتِبَةِ الفَتى وَأَهلُ اللَيالي كَاللَيالي أَعاتِبُ وَلَو سَمِعَت أَو لَم تَدَبَّرَ أَهلُها عِتابي لَكانَ البَحرَ…
أقول لسعد وهو للمجد مقتن
أَقولُ لِسَعْدٍ وَهْوَ لِلْمَجْدِ مُقْتَنٍ وَلِلْحَمْدِ مُرْتادٌ وَلِلْعَهْدِ حافِظُ أُخَيَّ أَمَا تَرْتاحُ لِلسَّيْرِ إِذْ بَدا سَناً لِحُشاشَاتِ الدُّجُنَّةِ…