أَتَعُزُّ أَنتَ عَلى رُسومِ مَغانِ
فَأُقيمُ لِلعَبَراتِ سوقَ هَوانِ
فَرضٌ عَليَّ لِكُلِّ دارٍ وَقفَةٌ
تَقضي حُقوقَ الدارِ وَالأَجفانِ
لَولا تَذَكُّرُ مَن هَويتُ بِحاجِرٌ
لَم أَبكِ فيهِ مَواقِدَ النيرانِ
وَلَقَد أَراهُ قُبَيلَ طارِقَةِ النَوى
مَأوى الحِسانِ وَمَنزِلِ الضَيفانِ
وَمَكانَ كُلِّ مُهَنَّدٍ وَمَجَرَّ كُل
لِ مُثَقَّفٍ وَمَجالَ كُلِّ حِصانِ
نَشَرَ الزَمانُ عَلَيهِ بَعدَ أَنيسِهِ
حُلَلَ الفَناءِ وَكُلُّ شَيءٍ فانِ
وَلَقَد وَقَفتُ فَسَرَّني ماساءَني
فيهِ وَأَضحَكَني الَّذي أَبكاني
وَرَأَيتُ في عَرَصاتِهِ مَجموعَةً
أُسدَ الشَرى وَرَبائِبَ الغِزلانِ
ياواقِفانِ مَعي عَلى الدارِ اِطلُبا
غَيري لَها إِن كُنتُما تَقِفانِ
مَنَعَ الوُقوفَ عَلى المَنازِلِ طارِقٌ
أَمَرَ الدُموعَ بِمُقلَتي وَنَهاني
فَلَهُ إِذا وَنَتِ المَدامِعُ أَوهَمَت
عِصيانُ دَمعي فيهِ أَو عِصياني
إِنّا لَيَجمَعُنا البُكاءُ وَكُلُّنا
يَبكي عَلى شَجَنٍ مِنَ الأَشجانِ
وَلقَد جَعَلتُ الحُبَّ سِترَ مَدامِعي
وَلِغَيرِهِ عَينايَ تَنهَمِلانِ
أَبكي الأَحِبَّةَ بِالشَآمِ وَبَينَنا
قُلَلُ الدُروبِ وَشاطِئا جيحانِ
وَتُحِبُّ نَفسي العاشِقينَ لِأَنَّهُم
مِثلي عَلى كَنَفٍ مِنَ الأَحزانِ
فَضَلَت لَدَيَّ مَدامِعٌ فَبَكيتُ لِل
باكي بِها وَوَلِهتُ لِلوَلهانِ
ما لي جَزِعتُ مِنَ الخُطوبِ وَإِنَّما
أَخَذَ المُهَيمِنُ بَعضَ ما أَعطاني
وَلَقَد سُرِرتُ كَما غَمَمتُ عَشائِري
زَمَناً وَهَنّاني الَّذي عَنّاني
وَأُسِرتُ في مَجرى خُيولي غازِياً
وَحُبِستُ فيما أَشعَلَت نيراني
يَرمي بِنا شَطرَ البِلادِ مُشَيَّعٌ
صَدقُ الكَريهَةِ فائِضُ الإِحسانِ
بَلَدٌ لَعَمرُكَ لَم أَزَل زُوّارَهُ
مَعَ سَيِّدٍ قَرمٍ أَغَرَّ هِجانِ
إِنّا لَنَلقى الخَطبَ فيكَ وَغَيرَهُ
بِمُوَفَّقٍ عِندَ الخُطوبِ مُعانِ
وَلَطالَما حَطَّمتُ صَدرَ مُثَقَّفٍ
وَلَطالَما أَرعَفتُ أَنفَ سِنانِ
وَلَطالَما قُدتُ الجِيادَ إِلى الوَغى
قُبَّ البُطونِ طَويلَةَ الأَرسانِ
وَأَنا الَّذي مَلَأَ البَسيطَةَ كُلَّها
ناري وَطَنَّبَ في السَماءِ دُخاني
إِن لَم تَكُن طالَت سِنِيَّ فَإِنَّ لي
رَأيَ الكُهولِ وَنَجدَةَ الشُبّانِ
قِمنٌ بِما ساءَ الأَعادي مَوقِفي
وَالدَهرُ يَبرُزُ لي مَعَ الأَقرانِ
يَمضي الزَمانُ وَما ظَفِرتُ بِصاحِبٍ
إِلّا ظَفِرتُ بِصاحِبٍ خَوّانِ
يا دَهرُ خُنتَ مَعَ الأَصادِقِ خُلَّتي
وَغَدَرتَ بي في جُملَةِ الإِخوانِ
لَكِنَّ سَيفَ الدَولَةِ المَولى الَّذي
لَم أَنسَهُ وَأَراهُ لايَنساني
أَيُضيعُني مَن لَم يَزَل لِيَ حافِظاً
كَرَماً وَيَخفِضُني الَّذي أَعلاني
خِدنُ الوَفاءِ وَلا وَفِيٌّ غَيرَهُ
يَرضى أُعاني ضيقَ حالَةِ عانِ
إِنّي أَغارُ عَلى مَكانِيَ أَن أَرى
فيهِ رِجالاً لا تَسُدُّ مَكاني
أَو أَن تَكونَ وَقيعَةٌ أَو غارَةٌ
مالي بِها أَثَرٌ مَعَ الفِتيانِ
سَيفَ الهُدى مِن حَدِّ سَيفِكَ يُرتَجى
يَومٌ يُذِلُّ الكُفرَ لِلإيمانِ
هَذي الجُيوشُ تَجيشُ نَحوَ بِلادِكُم
مَحفوفَةً بِالكُفرِ وَالصُلبانِ
البَغيُ أَكثَرُ ماتُقِلُّ خُيولُهُم
وَالبَغيُ شَرُّ مُصاحِبِ الإِنسانِ
لَيسوا يَنونَ فَلا تَنوا في أَمرِكُم
لا يَنهَضُ الواني لِغَيرِ الواني
غَضَباً لِدينِ اللَهِ أَن لاتَغضَبوا
لَم يَشتَهِر في نَصرِهِ سَيفانِ
حَتّى كَأَنَّ الوَحيَ فيكُم مَنزِلٌ
وَلَكُم تُخَصُّ فَضائِلُ القُرآنِ
قَد أَغضَبوكُم فَاِغضَبوا وَتَأَهَّبوا
لِلحَربِ أُهبَةَ ثائِرٍ غَضبانِ
فَبَنو كِلابٍ وَهيَ قُلٌّ أُغضِبَت
فَدَهَت قَبائِلُ مُسهِرِ بنِ قَنانِ
وَبَنو عُبادٍ حينَ أُحرِجَ حارِثٌ
جَرّوا التَخالُفَ في بَني شَيبانِ
خَلّوا عَدِيّاً وَهوَ صاحِبُ ثَأرِهِم
كَرَماً وَنالوا الثَأرَ بِاِبنِ أَبانِ
وَالمُسلِمونَ بِشاطِئِ اليَرموكِ لَم
ما أُحرِجوا عَطَفوا عَلى هامانِ
وَحُماةُ هاشِمَ حينَ أُحرِجَ صَدرُها
جَرّوا البَلاءَ عَلى بَني مَروانِ
وَالتَغلِبِيّونَ اِحتَمَوا عَن مِثلِها
فَعَدَوا عَلى العادينَ بِالسُلّانِ
وَبَغى عَلى عَبسٍ حُذَيفَةَ فَاِشتَفَت
مِنهُ صَوارِمُهُم وَمِن ذُبيانِ
وَسَراةُ بَكرٍ بَعدَ ضيقٍ فَرَّقوا
جَمعَ الأَعاجِمِ عَن أَنو شِروانِ
أَبقَت لِبَكرٍ مَفخَراً وَسَمالَها
مِن دونِ قَومِهِما يَزيدُ وَهاني
المانِعينَ العَنقَفيرَ بِطَعنِهِم
وَالثائِرينَ بِمَقتَلِ النُعمانِ