أعزيزَ بغدادٍ أعِدْ نظَراً لنا
فلقد سَمعْتَ عزيزَ مصْرٍ ما فَعَلْ
ولقد أبَى دِينٌ غَدوْتَ عَزيزَه
أن تُستضامَ رجالُه أو تُستذَلْ
ولنا حُقوقٌ إن لحَظْتَ وكيدةٌ
سيَما ولاحِقُها بسابقها اتَّصَل
حَقّانِ قد وجَبا عليكَ فسالفاً
حَقُّ الودادِ وآنِفاً حقُّ الأمَل
فامنُنْ وأوْفِ لنا بِملْءِ رَجائنا
كَيْلاً لعَمْري فيه قَبلَك لم يُكَل
إنّا لنسأَلُ منك مَنْ في طَبْعهِ
أن يَبْتدي كَرماً وإن هو لم يُسَل
وأقَلُّ فِكْرِك في أجلِّ أُمورِنا
كافٍ ولكنْ هل لنا ذاك الأقَلّ
خَلَلاً إليك وخَلّةً نشكو فمُرْ
بسَدادِ خَلَّتِنا وتَسديدِ الخَلَل
فالدّهرُ كالقلَمِ الّذي لكَ طاعةً
ما قُلتَ قامَ برأْسهِ لك وامتْثَل
جِئْنا نُحاكِمهُ إليك فلا تَمِلْ
ونُطيلُ شَكواهُ عليكَ فلا تَمَلّ
زمَنٌ أطاعَك فاعتلَى بك قَدْرُه
لِمْ صار يَقْصِدُنا ونحن لك الخَوَل
حُيّيِتَ غَيثَ فضائلٍ وفَواضِلٍ
ما شِيمَ بَرقُ سَحابهِ إلاّ هَطَل
مَولىً إذا كَفَلَتْ عِنايتُه بنا
نِلْنا المُنَى كَمَلاً وإلاَّ لم نَنَل
مُذْ صِرْتُ مُتَّكِلاً عليه غَفلْتُ عن
نَفْسي إليه وقلتُ نِعْمَ المُتَّكَل
فكأنّني بحَوائجي مَقْضِيّةً
مَقْطورةً تَسري إليَّ على عَجَل
مَزْفوفةٌ مثْلَ العَرائسِ أصبحَتْ
في الحَلْي نَجلوها عليك وفي الحُلَل
يا مالِكي بشَمائلٍ كَمُلَتْ له
لمّا رأَى صَدْري على الوُدِّ اشْتَمل
كَرمٌ إكْرامٌ لدَيك ولم يَزَلْ
وَحْشُ المَوَدّةِ بالكَرامةِ يُحتْبَل
فابْسُطْ على الإخْلالِ عُذْرَ مُقَصِّرٍ
فبِواجِب الإخلاصِ يوماً ما أخَلْ
إن لم يكُنْ لك باللّقاء مُواصلاً
فالمُتبغَى منه الدُّعاءُ وقد وَصَل
لو غابَ عنك لِنَظْمِ مَدْحِك غَيْبةً
قَعَدَتْ به فاعْذِرْ فَعنْك بهِ اشْتغَل
أبَتِ المدائحُ أَن تَزيدَكَ رتْبةً
حتّى لصارَ لك التّحلّي كالعَطَل
فُتَّ المدائحَ بالمَنائح واغْتدَى
بكَلامِنا وكِرامِنا منها خَجَل
فإذا منَنْتَ فَعَلْتَ ما لَم يَفْعلوا
وإذا شكَرْنا لم نَقُلْ ما لم يُقَل
قسَماً لأنتَ أجَلُّ مَن ألِفَ النَّدى
خُلُقاً فحُلَّ من العُلا أعلَى مَحَلّ
وهواكَ عندي مثْلُ شِعرٍ قُلتُه
فإذا ادَّعاهُ سِوايَ قلتُ قد انْتحَل
ووُقوفُ أَمْري فوقَ هذا رُبّما
سَمِعَ الحسودُ به ومَنْ يَسمَعْ يَخَل
دُمْ دِيمةً للجودِ واحْيَ حياً له
في ظلّ إقبال وعزٍّ مُقْتَبَل
كالشّمسِ لا كالبَدْرِ يَطلُعُ دائماً
فالبَدْرُ يَنقُصُ كُلّما قالوا كَمَل
في دَولةٍ مَوْعودةٍ بدَوامها
مَحْسودةٍ أيّامُها بَينَ الدُّوَل