وَظَلماءَ مِن لَيلِ التَّمامِ طَوَيتُها
لأَلْقى أَناةَ الخَطوِ مِن سَلَفَيْ سَعدِ
أُمَزِّقُ جِلبابَ الظَّلامِ كَما فَرى
أَخو الحُزنِ ما نالَت يَداهُ مِنَ البُردِ
وَقَد عَبَّ في كأسِ الكَرى كُلُّ راكِبٍ
فَمالَ نَزيفاً وَالجيادُ بِنا تَردِي
وَحَلَّ عِقالَ الوَجدِ شَوقٌ كَأَنَّهُ
شَرارَةُ ما يَرفَضُّ مِن طَرَفِ الزَندِ
وَأَوقَرَ أَجفاني دُموعٌ نَثَرتُها
عَلى مِحمَلي نَثرَ الجُمانِ مِنَ العِقدِ
فَلَم يُبقِ مِنّي الحُبُّ إِلّا حشاشَةً
يُجاذِبنيها ما أُعاني مِنَ الوَجدِ
وَظَمياءَ لا تَجزي المُحِبَّ بِوُدِّهِ
وَلِلَّهِ ما يُخفيهِ مِنهُ وَما يُبدي
وَتوهِي مَريراتِ العهودِ خِيانَةً
لِمُصفي الهَوى راعي المَوَدَّةِ وَالعَهدِ
وَتَرتاحُ لِلواشي بأُذنٍ سَمِيعَةٍ
تَلَقَّفُ مِنهُ ما يُنيرُ وَما يُسدي
وَتُنكِرُ حَتىّ لَيلَةَ الجِزعِ بِالحِمى
لَيالينا بِالسَّفحِ مِن عَلَمَيْ نَجدِ
وَقَد زُرتُها وَالباتِراتُ هَواتِفٌ
بِنا وَأَنابيبُ الرُدَينيَّةِ المُلْدُ
وَذُقتُ لَها أَستَغفِرُ اللَهَ ريقَةً
كَبَيضاءَ قَد شيبَت بِحَمراءَ كالوَردِ
وَنِلتُ حَديثاً كادَ يَغشى مَواقِفي
مِنَ القُلَّةِ الشَّماءِ بالأَعصَمِ الفَردِ
وَلَمّا اِفتَرَقنا كانَ ما وَعَدَتْ بِهِ
سَراباً وَمَن بِالماءِ مِن حَجَرٍ صَلْدِ
وَمِن عَجَبٍ أَن تُخلِفَ العَهدَ غادَةٌ
أَبي وَأَبوها مِن بَني صادِقِ الوَعدِ
وَبِالقَلبِ وَشمٌ مِن هَواها وَلَم يَكُن
لِيَمحُوَهُ غَدري حَياءً مِن المَجدِ
أَحِنُّ إِلَيها وَالعُلَيمِيُّ عاذِلي
هُذَيمُ أَفِقْ مِن مَنطِقٍ حَزَّ في جِلدي
فَلَولا ابنَةُ السَعيدِّ لَم يَكُ مَنزِلي
بِحَيثُ العَرارُ الغَضُّ يَلتَفُّ بِالرَّندِ
وَلا هاجَ شَوقي نَفحَةٌ غَضَوِيَّةٌ
غَداةَ تَلَقَّتها العَرانينُ مِن نَجدِ
وَمن أَجلِها أُبدي الخُضوعَ لِقَومِها
وَأَمحَضُهُم وُدِّي وَأُوطِئُهُم خَدّي
وَلي شيمَةٌ عَسراءُ تَرأَمُ نَخوَةً
تُحَلِّىءُ سَيفي عَن مُضاجَعَةِ الغِمدِ