من الصدع في قلبي غداةَ تهدَّما
سمت نظراتُ الروح خلفك للسما
رأَيتك نوراً في علاها كأَنهُ
شعاعٌ لمصباح الجنان قد انتمى
عليه ابتسامُ الأمِّ في وجه طفلها
ولألأةُ اللحظين لما توسما
فلو ترسل الارواح في الجوِّ نورها
عرفتكِ بالنور الذي قد تبسما
أنا منك بين العالَمين كأَنني
أُشكك في الدنيا فما هي منهما
أراها خلاءً منكِ الاَّ محامداً
وآثار فضل حيةً وترحما
وقبراً أرى تلك المقابر كعبةً
وذاك بها الركن الكريم المعظما
امرُّ عليها خاشعاً مثلمساً
وأَحنو عليهِ خاضعاً متسلما
وألثمُ ترباً حين مستهُ أَدمعي
بروح البكا صلى عليك وسلما
بذا الدمع من هذا الفؤَاد محبة
أذاعت بهِ سرَّ الحياة المكتما
فلو اذن الله التراب غدا بها
فؤَاداً وصارت ذي الدموع بهِ دما
ولما استباحت موطن الصبر لوعتي
وقارع سيفُ الحزم حتى تثلما
وقفتُ فكانت وقفة العمر في الردى
على نَفس أَلقى بهِ وتصرَّما
وبين ضلوعي زفرتان من الأَسى
تثيهان في صدري فما بلغا الفما
كأَنهما خيطان بالقلب علقا
فان صعدا يصعد وان هبطا ارتمى
وارعدُ وَهناً كالجناح تهزُّهُ
حمامتهُ في عطفها مذ تحطما
وخيّل لي أن الفضاءَ يدور بي
وأَن طريقي مدَّ في الجوِّ سلما
فيا لهفتاكم عبرةٍ قد تردَّدت
بصدري ولو كانت بطودٍ تأَلما
تنفسُّ في قلبي فتلهبهُ اسى
وتذكيهِ اشجاناً تحرقهُ ظما
بكيتُ فأَلفيتُ البكاءَ كأَنهُ
حقيقةُ موت تستحيل توهما
وأوريتُ زندَ الدهر قدحاً فلم تزل
صواعقهُ حتى استنيرتُ وأَظلما
وكادت ترى عيناي في سحب ادمعي
متى ارتجفت برقاً من النار مضرَما
فيا دمع ايام الحداثة ليتني
حفظتك للبؤسى لقد كنت أَنعما
وكنت ندى فجري فمن لي بالندى
اذا الجوُّ من شمس الحياة تحدَّما
بكاءٌ بكيناهُ وصرنا لِضحكنا
فأَرَجعنا نبكي عليهِ تندُّما
جزعتُ ولولا أنَّ مثلكِ في النسا
قليلٌ لعاتبتُ الزمان المذمما
وكنت أَقول الارضُ صارت مآتماً
عليكِ لو أنَّ الارض تصلح مأتما
وما تسعُ الدارُ التي صار أَهلها
بطرفة عين يبلغون الى السما
ولو كان فيها للنفوس حقيقةٌ
لما كان يبقى ذلك الموتُ مبهما
وأَبغضتُ فيكِ الليل من أَجلِ كوكبٍ
على ظلمات الحزن فيهِ تبسما
وغاضبتُ فيكِ الروض من أَجل طائر
على أَدمع الأَنداءِ فيهِ ترنما
ولو أَن هذا الحزن علم لبثهُ
فؤَاديَ في الدنيا لكي تثعلما
فيا مَن لأَمرٍ لا يرَدُّ اذا مضى
ولا عِوَضٌ منهُ وان كان أَعظما
أذَلتُ لهُ دمعي الاَبيَّ وان يكن
أَعزَّ من الدنيا عليَّ واكرما
ولو بذلوا لي كلَّ بحر بدمعة
على الأرض عدَّت همتي الدمع مأثما
ولكنني ابكيك بالأعين التي
رأت طلعة الدنيا ابتسامك والفما
ومن كان مولوداً بأُمينِ فليلم
على جزعي وليرمني كيفما رمى