الْعًمْرُ نَوْمٌ وَالْمُنَى أَحْلاَمُ
مَاذَا عَسَى أَنْ يَسْتَمِرَّ مُقَامُ
وَإِذَا تَحَقَّقْنَا لِشَيءٍ بَدْأَةً
فَلَهُ بِمَا تَقْضِي الْعُقُولُ تَمَامُ
وَالنَّفْسُ تَجْمَحُ فِي مَدَى آمَالِهَا
رَكْضَاً وَتَأْبَى ذَلِكَ الأيَّامُ
مَنْ لَمْ يُصَبْ فِي نَفْسِهِ فَمُصَابُهُ
بِحَبِيبِهِ نَفَذَتْ بِذَا الأَحْكَامُ
بَعْدَ الشَّبِيبِةِ كَبْرَةٌ وَوَرَاءَها
هَرَمٌ وَمِنْ بَعْدِ الْحَيَاةِ حِمَامُ
وَلِحِكْمَةٍ مَا أَشْرَقَتْ شُهْبُ الدُّجَى
وَتَعَاقَبَ الإِصْبَاحُ وَالإِظْلاَمُ
دُنْيَاكَ يَا هَذَا مَحلَّةُ نُقْلَةٍ
وَمُنَاخُ رَكْبٍ مَا لَدِيْهِ مَقَامُ
هَذَا أَمِيرُ الْمُسْلِمِينَ وَمَنْ بِهِ
وُجِدَ السَّمَاحُ وَأُعْدِمَ الإِعْدَامُ
سِرُّ الأَمَانَةِ وَالْخِلاَفَةِ يُوسُفٌ
غَيْثُ الْمُلُوكِ وَلَيْثُهَا الضِّرْغَامُ
قَصَدَتْهُ عَادِيَةُ الزَّمَانِ فَأَقْصَدَتْ
وَالْعِزُّ سَامٍ وَالْخَمِيسُ لُهَامُ
فُجِعَتْ بِهِ الدُّنْيَا وَكُدِّرَ شِرْبُهَا
وَشَكَا الْعِرَاقُ مُصَابَهُ وَالشَّامُ
أَسَفاً عَلَى الْخُلُقِ الْجَمِيلِ كَأَنَّمَا
بَدْرُ الدُّجُنَّةِ قَدْ جَلاَهُ تَمَامُ
أسفاً عَلَى الْعُمُرِ الْجَدِيدِ كَأَنَّهُ
زَهْرُ الْحَدِيقَةِ زَهْرُهُ بَسَّامُ
أَسَفاً عَلَى الْخُلُقِ الرَّضِيّ كَأَنَّهُ
زَهْرُ الرِّيَاضِ هَمى عَلَيْهِ غَمَامُ
أَسَفاً عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي مَهْما بَدَا
طَاشَتْ لِنُورِ جَمَالِهِ الأَفْهَامُ
يَانَاصِرَ الثَّغْرِ الْغَرِيبِ وَأَهْلِهِ
وَالأَرْضُ تَرْجُفُ وَالسَّمَاءُ قَتَامُ
يَاصَاحِبَ الصَّدَقَاتِ فِي جُنْحِ الدُّجَى
وَالنَّاسُ فِي فُرُشِ النَّعِيمِ نِيَامُ
يَاحَافِظَ الْحَرَمِ الَّذِي بِظِلاَلِهِ
سُتِرَ الأَرَامِلُ وَاكْتَسَى الأَيْتَامُ
مَوْلاَيَ هَلْ لَكَ للْقُصُورِ زِيَارَةٌ
بَعْدَ انْتِزَاحِ الدَّارِ أَوْ إِلْمَامُ
مَوْلاَيَ هَلْ لَكَ للْعَبِيدِ تَذَكُّرٌ
حَاشَاكَ أَنْ يُنْسَى لَدَيْكَ ذِمَامُ
يَا وَاحِدَ الآحَادِ وَالْعَلَمُ الَّذِي
خَفَقَتْ بِعِزَّةِ نَصْرِهِ الأَعْلاَمُ
وَافَاكَ أَمْرُ اللهِ حِينَ تَكَامَلَتْ
فِيكَ النُّهَى وَالْجُودُ وَالإِقْدَامُ
وَرَحَلْتَ عَنَّا الرَّكْبَ خَيْرَ خَلِيفَةٍ
أَثْنَى عَلَيْكَ اللهُ وَالإِسْلاَمُ
نِعْمَ الطَّرِيقُ سَكْتَ كَانَ رَفِيقُهُ
وَالزَّادُ فِيهِ تَهَجُّدٌ وَصِيَامُ
وَكَسَفْتَ يَا شَمْسَ الْمَحَاسِنِ ضَحْوَةً
فَالْيَوْمُ لَيْلٌ وَالضِّياءُ ظَلاَمُ
وَسَقَاكَ عِيدُ الْفِطْرِ كَأَسَ شَهَادَةٍ
فِيهَا مِنَ الأَجَلِ الْوُحِيِّ مُدَامُ
وَخَتَمْتَ عُمْرَكَ بِالصَّلاَةِ فَحَبَّذَا
عَمَلٌ كَرِيمٌ سَعْيُهُ وَخِتَامُ
مَوْلاَيَ كَمْ هَذَا الرُّقَادُ إِلَى مَتَى
بَيْنَ الصَّفَائِحِ وَالُّترَابِ تَنَامُ
أَعِدِ التَّحِيَّةَ وَاحْتَسِبْهَا قُرْبَةً
إِنْ كَانَ يُمْكِنُكَ الْغَدَاةَ كَلاَمُ
تَبْكِي عَلَيْكَ مَصَانِعٌ شَيَّدْتَهَا
بِيضٌ كَمَا تَبْكِي الْهَدِيلَ حَمَامُ
تَبْكِي عَلَيْكَ مَسَاجِدٌ عَمَّرْتَهَا
فَالنَّاسُ فِيهَا سُجَّدٌ وَقِيَامُ
تَبْكِي عَلَيْكَ خَلاَئِقٌ أَمَّنْتَهَا
بِالسِّلْمِ وَهْيَ كَأَنَّهَا أَنْعَامُ
عَامَلْتَ وَجْهَ اللهِ فِيمَا رُمْتَهُ
مِنْهَا فَلَمْ يَبْعُدْ عَلَيْكَ مَرَامُ
لَوْ كُنْتَ تُفْدَى أَوْ تُجَارُ مِنَ الرَّدَى
بُذِلَتْ نُفُوسٌ مِنْ لَدُنْكَ كِرَامُ
لَوْ كُنْتَ تُمْنَعُ بِالصَّوارِمِ وَالْقَنَا
مَا كَانَ رَكْبُكَ بِالْغِلاَبِ يُرَامُ
لَكِنَّهُ أَمْرُ الإِلَهِ وَمَا لَنَا
إِلاَّ رِضاً بِالْحُكْمِ وَاسْتِسْلاَمُ
وَاللهُ قَدْ كَتَبَ الْفَنَا عَلَى الْوَرَى
وَقَضَاؤُهُ جَفَّتْ بِهِ الأَقْلاَمُ
نَمْ فِي جِوَارِ اللهِ مَسْرُوراً بِمَا
قّدَّمْتَ يَوْمَ تُزَلْزَلُ الأَقْدَامُ
وَاعْلَمْ بِأَنَّ سَلِيلَ مُلْكِكَ قَدْ غَدَا
فِي مُسْتَقَرِّ عُلاَكَ وَهْوَ إِمَامُ
سِتْرٌ تَكَنَّفَ مِنْهُ مَنْ خَلَّفْتَهُ
ظِلُّ ظَلِيلٌ فَهْوَ لَيْسَ يُضَامُ
كُنْتَ الْحُسَامَ فَصِرْتَ فِي غِمْدِ الثَّرَى
وَلِنَصْرِ مُلْكِكَ سُلَّ مِنْهُ حُسَامُ
خَلَّفْتَ أُمَّةَ أَحْمَدٍ لِمُحَمَدٍ
فَقَضَتْ بِسَعْدِ الأُمَّةِ الأَحْكَامُ
فَهُوَ الْخَلِيفَةُ لِلْوَرَى فِي عَهْدِهِ
تُرْعَى الْعُهُودُ وَتُوصَلُ الأرْحَامُ
أَبْقَى رُسُومَكَ كَلَّهَا مَحْفُوظَةً
لَمْ يَنْتَثِرْ مِنْهَا عَلَيْكَ نِظَامُ
الْعَدْلُ وَالشِّيَمُ الْكَرِيمَةُ وَالتُّقَى
وَالدَّارُ وَالأَلْقَابُ وَالْخُدَّامُ
حَسْبِي بِأَنْ أَغْشَى ضَرِيحَكَ لاَثِماً
وَأَقُولُ وَالدَّمْعُ السَّفُوحُ سِجَامُ
يَا مَدْفَنَ التَّقْوَى وَيَا مَثْوَى الْهُدَى
مِنِّي عَلَيْكَ تَحِيَّةٌ وَسَلاَمُ
أَخْفَيْتُ مِنْ حُزْنِي عَلَيْكَ وَفِي الْحَشَا
نَارٌ لَهَا بَيْنَ الضُّلُوعِ ضِرَامُ
وَلَو أَنَّنِي أَدَيْتُ حَقَّكَ لَمْ يَكُنْ
لِي بَعْدَ فَقْدِكَ فِي الْوُجُودِ مُقَامُ
وَإِذَا الْفَتَى أَدَّى الَّذِي فِي وِسْعِهِ
وَأَتَى بِجُهْدٍ مَا عَلَيْهِ مَلاَمُ