دعا عزماتي والمطية والوخدا

التفعيلة : البحر الطويل

دَعا عَزَماتي والمطيّةَ والوَخْدا

وإلاّ فكُفّا الشّوْق عنّي والوَجْدا

ولا تطلُبا دمْعي بتَجْريحِ مُقْلَتي

فدَمعيَ مقْبولٌ على القلْبِ ما أدّى

ألمْ تَرَياني كلّما هبّتِ الصَّبا

أبُلُّ بِها من نارِ لوْعَتيَ الوَجْدا

وأصْبو الى البرْقِ الحِجازيِّ كلّما

أجالَتْ أكُفُّ الأفْقِ في السُّحُبِ الزَّنْدا

وما كان قبْلَ اليومِ جفْنيَ ساهِداً

نعَمْ هجْرُ سُعْدى علّمَ المُقْلَةَ السُّهْدا

ولمّا تَفانى الصبْرُ إلا صُبابَةً

تسهِّلُ من وقعِ الحوادثِ ما اشْتَدّا

ولمْ يبْقَ منّي غير رعْيِ مواقِفٍ

تعلّمَ منْها الآسُ أن يحْفظَ العَهْدا

حنَنْتُ الى العهْدِ القديمِ الذي قضى

حَميداً فما أغْنى الحَنينُ ولا أجْدى

لي اللهُ كمْ أهْذي بنجْدٍ وحاجِرِ

وأكْني بدَعْدٍ في غَرامي أو سُعْدى

وما هي إلا زَفْرَةٌ هاجَها الجَوى

وأبْدى بِها تذْكارَ يثْرِبَ ما أبْدى

وكم قد كتَمْتُ الشّوْقَ لوْلا مدامِعٌ

ترَوّي مَجاريها المحاجِرَ والخَدّا

وتُخْرِجُ منْ بحْرِ الجُفونِ جَواهِرا

تُحاجُ بها مَنْ أنْكرَ الجوْهَرَ الفَرْدا

أبْعدَ سُرى الرّكْبِ الحِجازيّ موْهِناً

أمُدُّ لنَفْسي في تَعَلُّلِها مَدّا

وأرْجعُ عُمْري منْ زَماني لِقابِل

كأنّيَ قد أحْصَيْتُ أيّامَهُ عَدّا

ألا يا حُداةَ الرّكْبِ يبْغونَ يثْرِبا

ويَلْقونَ في اللهِ السّآمَةَ والجُهْدا

بِما بيْنَنا منْ خُلّةٍ طابَ ذكْرُها

إذا فرَعَتْ عُوجُ المطيِّ بكُمْ نجْدا

وأبْصَرْتُمُ نورَ النّبوّةِ ساطِعاً

قدِ اكْتَنَفَ التّرْبَ المقدَّسَ واللّحْدا

وناجَيْتُما منْ مطْلَع الوحْيِ روْضَةً

أعَدّ لَها اللهُ السّعادَةَ والخُلْدا

ولا قلْبَ إلا خافِقٌ في شِغافِهِ

بِها وكَساها منْ نَسيجَتِهِ بُرْدا

وهَبّ العَليلُ اللَّدْنُ مُستَشْفِياً بها

فكانَ الدّواءُ البانَ والشّيحَ والرَّنْدا

ودارٍ أقامَ الوحْيُ في عَرَصاتِها

فلمْ يَبْقَ عنْها بعْدَ خُلَّتها بُعْدا

فقولا رسولَ الله يا خيْرَ خَلْقِهِ

وأكْرَمَ مُخْتارٍ أبانَ به الرشْدا

غَريبٌ بأقْصى الغَرْبِ طالَ اشْتِقاقُهُ

فلَوْلا تعِلاّتُ المُنى لقَضى وجْدا

يؤمِّلُ نيْلَ القُرْبِ والذّنْبُ مبْعِدٌ

وقد سدّ من طُرْق التخلُّصِ ما سَدّا

ولوْ أخذَ المِقْدارُ منْكَ مُرادَهُ

وشافَه منْك القُرْبَ لاسْتَوْجَبَ الرّدّا

ولكنّهُ يرْجو الذي أنْتَ أهْلُهُ

وأنتَ الذي أعْطى الجَزيلَ وما أكْدى

وأنتَ ملاذُ الخلْقِ حيّاً وميِّتاً

وأكْرَمُهُمْ ذاتاً وأعْظَمُهُمْ مجْدا

فلوْلاكَ ما بانَ الضّلالُ منَ الهُدى

ولا امْتازَ في الأرضِ المكِبُّ منَ الأهْدى

ولمّا محَتْ آيَ الشرائِعِ فترةٌ

وأصْبَحَتِ الأهْواءُ لا تعرِفُ القصْدا

وتعبُدُ منْ دونِ الإلاهِ حِجارةً

طَغامُ رِجالٍ يجْعَلونَ لهُ نِدّا

وقد شُنّتِ الغاراتُ منْ كلِّ تلْعَةٍ

فأصْبَحَ حُرُّ القوْمِ عنْ كَثَبٍ عبْدا

أرادَ بكَ اللهُ إنْحِكامَ شَتاتِهِم

وسَلَّ وشيكاً من صُدورِهِمُ الحِقْدا

وفاضَ على الأدْيانِ دينُكَ واحْتوَتْ

جُنودُكَ أقْصى الشّامِ والصّينَ والهِنْدا

وأنْحَتْ على مُلْكِ العِراقَيْنِ وانْتهَتْ

بثُبَّتَ حتى واجَهَتْ خيْلُها السّدّا

وكمْ قد تجشّمْتَ الخُطوبَ كَوالِحاً

وصابَرْتَ ليْلَ الرّوْعِ وهْوَ قدِ ارْبَدّا

وآذَتْكَ في اللهِ العشيرةُ جُهْدَها

فجادَلْتَها بالحقِّ ألسِنَةً لُدّا

وكم قد جلَوْتَ المُعْجِزاتِ عليهِمُ

شُموساً أقاموا دونَها اللُّبْسَ والجُحْدا

وما يُثْمِرُ البُرْهانُ إلا لَجاجةً

إذا لَقيَتْ أنْوارُهُ أعيُناً رُمْدا

فصلّى عليْكَ اللهُ يا خيْر راحِمٍ

وأشْفَقَ مَنْ يَثْني على رأفَةٍ كبْدا

ويا لَيْتَ أنّي في جِوارِكَ ثاوِياً

أوَسِّدُ منْهُ المِسْكَ والعَنْبَرَ الوَرْدا

وإنْ فسحَ الرّحْمانُ في العُمْرِ برْهَةً

فلابُدّ من حثِّ المطيّةِ لابُدّا

خليليَّ ماذا يحْصُرُ القوْلُ إنْ غَلا

وماذا عسى يُحْصي الكلامَ وإنْ ندّا

وماذا يعدُّ الوصْفُ منْ مُعْجِزاتِهِ

وآيُ رسولِ اللهِ تستَغْرِقُ العَدّا

سَما فوْقَ أطْباقِ السّماءِ مُناجِياً

وكلّمَ تكْليماً بها الأحَدَ الفرْدا

وما زاغَ منْهُ الطّرْفُ كَلاً ولا طَغى

فللّهِ ما أجْلى وللّهِ ما أهْدى

ولمّا دَعا بالجِذْعِ أقبَلَ خاضِعاً

إلَيْهِ وشقّ البدْرَ واسْتَنْطَقَ الصّلْدا

ولمّا شَكا لهُ اللُّهامُ منَ الظَّما

أسالَ لهُ منْ ماءِ أنْمُلِهِ وِرْدا

وأثْبَتَ منْهُ الرّيقُ عيْنَ قَتادَةٍ

فأحْكَمَها من بعْدِ ما ذَهَبَتْ ردّا

وفي ليلَةِ الميلادِ أكْبرُ آيةٍ

تخِرُّ الجِبالُ الراسياتُ لها هَدّا

أشادَتْ بِها الكُهّانُ قبلَ طُلوعِها

ومِنْ هوْلِها إيوانُ كِسْرى قدِ انْهَدّا

فيا لَيلَةً قد عظّمَ اللهُ قدْرَها

وأنْجَزَ للنَّورِ المُبينِ بها وعْدا

وصيّرَ أوْثانَ الضّلالةِ خُضَّعا

إلَيْها فلمْ يتْرُكْ سُواعاً ولا وُدّا

وعاجَلَ بالإخْمادِ ناراً لِفارِسٍ

فلمْ ترَ للنّيرانِ منْ بعْدِها وَقْدا

أعَدّكَ مِيلاداً لخاتَمِ رُسْلِهِ

وأطْلَعَ في آفاقِكَ الشّرَفَ العِدّا

فصولي على مرّ الزّمانِ وفاخِري

بهَذا النّبيِّ الحالَ والقَبْلَ والبَعْدا

حَقيقٌ عليْنا أنْ نحُلَّ لكِ الحُبى

ونَقْريكِ منّا البِرَّ والشُّكْرَ والحَمْدا

ونجعَلُ منْك اليومَ عيداً ومَشْهَداً

نُشيعُ منَ الذّكْرِ الحَكيمِ بهِ شُهْدا

وَنَخْلَعُ منْ أمْداحِ أحْمَدَ حُلّةً

علَيْك ومِنْ منْظومِ آياتِهِ عِقْدا

وفِينا سَليلُ النّصْرِ يحْفَظُ منْكَ ما

أُضيعَ ويَلْقى فيكَ بالبَدرِ الوَفْدا

إمامٌ أفاضَ اللهُ في الأرضِ عدْلَهُ

فأوشَكَ فيها الضّدُّ أنْ يألَفَ الضِّدّا

أقامَ على حُبّ النّبيِّ وآلِهِ

وأشْرِبَ تقْوى ربِّهِ الحلَّ والعَقْدا

نَما سيّدُ الأنْصارِ سعْدٌ وسدّدَتْ

يدُ اللهِ في أغراضِهِ النّصْرَ والسّعْدا

وأوْرثَ حقَّ النّصْرِ لا عنْ كَلالَةٍ

وللسّبْطِ في المشروعِ أن يرثَ الجَدّا

أيوسُفُ يا حامي الجزيرَةِ حيثُ لا

نَصيرٌ ومُصْلي بأسِها الضُّمّر الجُرْدا

أفاضَ عليْها اللهُ مُلْكَكَ ديمةً

وروّى ثَراها منْكَ مُنْسكِباً عِهْدا

فمُلْكُك فيها ما أجلَّ جلالَهُ

وسيْفُكَ ما أسْطى وكفُّكَ ما أنْدى

صدَعْتَ بأمْرِ اللهِ في جَنَباتِها

فألْبَسَكَ التّقْوى وقلّدَكَ العَهْدا


نوع المنشور:

شارك على :

المنشور السابق

نعمنا بوصل من حبيب مساعد

المنشور التالي

يا مصطفى الرحمان والنور الذي

اقرأ أيضاً

سواي يكون عرضة مستريث

سِوايَ يَكونُ عُرْضَةَ مُسْتَريثِ وَيَصْدِفُ عَنْ نِداءِ المُسْتَغِيثِ وَيَأْلَفُ غِمْدَهُ الذَّكَرُ اليَمانِي وَيَنْبو نَبْوَةَ السَّيْفِ الأنِيْثِ وَإِنْ لَبِسَ…