نعمنا بوصل من حبيب مساعد

التفعيلة : البحر الطويل

نَعِمْنا بوصْلٍ منْ حَبيبٍ مُساعِدِ

وقدْ أقْلَقَ النّفْسَ انتظارُ المَواعِدِ

وبِتْنا كما شاءَ الهَوى عقِبَ النّوى

على رَغْمِ أنْفٍ منْ عدُوٍّ وحاسِدِ

وحفَّ بِنا جُنْحُ الظّلامِ كأنّما

أحاديثُ سرٍّ ضمّها قلْبُ جاحِدِ

نُجاذِبُ أهْدابَ العِتابِ لَطيفَةً

فنَسْقي بعِهْدِ الدّمْعِ ذِكْرى المَعاهِدِ

ونَمْزُجُ كأسَ الرّاحِ تُتْرَعُ بيْنَنا

شَمولاً بمَعْسولٍ من الرّيقِ بارِدِ

ونلْثِمُ ما بيْنَ النّحورِ الى الطُّلا

وإنْ هيَ غصّتْ بالحُلى والقلائِدِ

وتنْهَلُ منْ وِرْدِ اللّمى غُلّةَ الظّما

فيا لَكَ منْ رَيٍّ لغُلّةِ وارِدِ

وتنْعَمُ منْ وصْلِ الحبيبِ بجنّةٍ

هيَ الخُلْدُ لكنّ الفَتى غيرُ خالِدِ

ولمّا استَمالَ النّوْمُ والكأسُ جَفنَهُ

وألْقى لسُلْطانِ الكَرى بالمَقالِدِ

نضَحْتُ على نِيرانِ قلْبي بقُرْبِهِ

ووسّدْتُهُ ما بيْنَ نحْري وساعِدي

وكانتْ الى ذِكْرِ الفِراقِ التِفاتَةٌ

قدَحْتُ بها زنْدَ الأسى غيرَ خامِدِ

فأيْقَظَهُ قلْبٌ خَفوقٌ ومُقْلَةٌ

تَجودُ بدُرٍّ ذائِبٍ غيرِ جامِدِ

وريعَ وقد شدّ العِناقُ وَثاقَهُ

كما ريعَ ظبْيٌ في حِبالةِ صائِدِ

فأقْبَلَ يشْكو ضعْفَ ما أنا أشْتَكي

ويسألُ منْ أشْواقِه كلَّ شاهِدِ

ويُقْسِمُ لي أنْ لا يخونَ مَواثِقاً

تخِذْتُ علَيْهِ مُحْكَماتِ المَعاقِدِ

وقال تهَنّ الوَصْل منّي فإنّما

يهونُ الى المحْبوبِ خوْضُ الشّدائِدِ

الى أن دَعا داعي الصّباحِ وأقْبَلَتْ

طَلائِعُ فجْرٍ للدُّجُنّةِ ذائِدِ

فعانَقْتُ منْهُ الغُصْنَ في كُثُبِ النّقى

وقبّلْتُ منهُ البدْرَ بينَ الفَراقِدِ

وودّعْتُهُ كرْهاً وداعَ ضَرورةٍ

وحُكْمُ النّوى يجْري على غيْرِ واحِدِ

وقامَ كما هبّ النّسيمُ بسَحْرَةٍ

فمالَ بمَمْطورٍ منَ البانِ مائِدِ

وولّى فرَدّ الطّرْفَ نحْوي مُسلِّماً

بهِ بيْنَ أتْرابٍ حِسانِ النّواهِدِ

فأما اصْطِباري فهْو أوّلُ راحِلٍ

وأمّا اشْتِياقي فهْوَ أوّلُ قاعِدِ

فيا قَلْبِ صَبْراً إنّ للدّهْرِ رجْعَةً

لعلّ لعَهْدِ الوصْلِ عوْدَةَ عائِدِ


نوع المنشور:

شارك على :

المنشور السابق

سألتك عبد الله إيضاح مشكل

المنشور التالي

دعا عزماتي والمطية والوخدا

اقرأ أيضاً