لمن طلل نائي المزار بعيده

التفعيلة : البحر الطويل

لمَنْ طَلَلٌ نائِي المَزارِ بَعيدُهُ

وعهْدٌ كَريمٌ لا يُذَمُّ حَميدُهُ

عَفا غَيْرَ نُؤْيٍ كالسِّوارِ ومَوْقِدٍ

كَما جَثَمَتْ بيضُ الحَمامِ وسُودُهُ

إذا أخْلَفَ الغيْثُ الأباطِحَ والرُّبا

فتَسْكابُ دَمْعِ المُقلَتَيْنِ يَجودُهُ

مَحَلٌّ لسُعْدَى والزّمانُ مُساعِدٌ

وجَفْنُ اللّيالي لا يَريمُ هُجودُه

وقَفْنا بهِ عُوجَ المَطيِّ كأنّهُ

عَليلٌ ومُجْتازُ الرِّكابِ يَعودُهُ

فلَوْلا نَسيمٌ رَدّ رَجْعَ جَوابِنا

فسَكّنَ منْ حَرِّ الأُوامِ بَرُودُهُ

لَما حَمَلتْ منّا الضّلوعُ غَرامَها

ولا كانَ هَذا الشّوقُ يَخْبو وَقودُهُ

وتاللّهِ لوْلا أنّةٌ تُشْهِرُ الجَوى

فأضْحى وسرُّ الحُبِّ بادٍ جُحودُهُ

لآثَرْتُ كَتْمَ الوجْدِ بيْنَ جَوانِحي

وبلّغْتُ في القَلْبِ الهَوى ما يُريدُهُ

خَليليَّ ما للرّكْبِ لا يَشْتَكي الوَجى

وما لِبِساطِ القَفْرِ يُطْوى مَديدُهُ

يحُثُّ جَناحَ السّيْرِ حتّى كأنّما

رَجاءُ أميرِ المُسْلِمينَ يَقودُهُ

أظنُّ ديارَ الحَيِّ منّا قَريبةً

وظمْآنُ هَذا البُعْدِ حانَ وُرودُهُ

وإلاّ فَما بالُ النّسيمِ كأنّما

أكبّتْ على النّارِ الكِباءَ هُنودُهُ

تأَرّجَ في الآفاقِ مَسْرَى هُبوبِهِ

كَما حَمَلَتْ عنْهُ الثّناءَ وُفودُهُ

وما بالُ هذا العِيسِ لا تَسْأمُ السُّرَى

كَما جُهِّزَتْ عنْدَ المَغارِ جُنودُهُ

أميرٌ كَفى الإسْلامَ كلَّ عَظيمةٍ

وقدْ شابَ منْ طولِ العَناءِ وَليدُهُ

وقادَ الى إصْراخِهِ كُلَّ سابِحٍ

مُعوّذَةٍ أنْ لا تُحَطَّ لُبودُهُ

وألّفَ أسْرارَ النّفوسِ على الُدَى

فأوْشَكَ منْ وَقدِ الشَّتاتِ خُمودُهُ

ولمّا عرَتْ هَذي الجَزيرةَ نَبْوَةٌ

وعُطِّلَ منْ فَرْضِ الجِهادِ أكيدُهُ

وأصْبَحَ ثَغْرُ الثّغْرِ بعْدَ ابتِسامِهِ

ولوْلا دِفاعُ اللّهِ فُضّتْ عُقودُهُ

تَبارَكَ آلُ النّصْرِ حِفْظَ ذَمائِهِ

فأعْقَبَ صِدّيقَ الجَلالِ شَهيدُهُ

وأنْجَبَهُ للدّينِ يحْمي ذِمارَهُ

كما أنْجَبَتْ لَيْثَ العَرينِ أسودُهُ

فقامَ بأمْرِ اللهِ ناصِرُ دينِهِ

ولا عِبْءَ يَثْني عَزْمَهُ ويُؤودُهُ

وأسْلكَ نهْجَ الحقِّ مَنْ حادَ بعْدَما

تُنوسِيَ ذِكْراهُ وضَلَّ سديدُهُ

إذا عُدِّدَ الأمْلاكُ مَجْداً ومَحْتِداً

فيُوسُفُ أنْصارُ النّبيّ جُدودُهُ

وإنْ قَعَدوا منْ دونِ مبْلَغِ غايةٍ

تَدانَى لهُ منْ كلِّ قَصْدٍ بَعيدُهُ

وأيُّ فؤادٍ مِنْهُمُ غيْرُ خافِقٍ

إذا خَفَقَتْ أعْلامُهُ وبُنودُهُ

لهُ فَتَكاتٌ ما تَجفُّ ظُباتُها

وعزْمُ اقْتِدارِ ما تُحَلُّ عُقودُهُ

ورأيٌ يَمُدُّ الشّمْسَ نوراً ومَشْهَداً

ملائِكَةُ السّبْعِ الطِّباقِ شُهودُهُ

فلِلنّاسِ في يومِ العَطاءِ هِباتُهُ

وللّهِ في اللّيلِ الطّويلِ هُجودُهُ

يَميناً لَما الأنْواءُ إلا يَمينُهُ

وما الجُودُ إلا ما سَقَى الأرْضَ جودُهُ

أميرَ العُلَى لوْلاكَ أصْبَحَ رَبْعُها

خَلاءً ودِينُ اللهِ وَاهٍ عَمودُهُ

ولَكِنْ نَهَجْتَ العَدْلَ منْ بعْدِ فتْرَةٍ

وقدْ دَرَسَتْ آثارُهُ وعُهودُهُ

وبَدّدْتَ شمْلَ الكُفْرِ بعْدَ ائتلافِهِ

فأضْحَى عَميداً في الرُّغامِ عَميدُهُ

وجاهَدْتَهُ في اللّهِ حَقَّ جِهادِهِ

فأذْعَنَ عاصِيهِ وذلّ عَنيدُهُ

فمُلْكُكَ مَنْصورُ اللِّواءِ سَعيدُهُ

وظِلُّكَ خفّاقُ الرواقِ مَديدُهُ

وسيْفُكَ مرْهوبُ الغِرارِ حَديدُهُ

وسَيْبُكَ مسْكوبُ النّوالِ عَتيدُهُ

فلوْلاكَ لمْ تنْهَلَّ بالغَيْثِ ديمةٌ

ولا راقَ من زَهْرِ الرِّياضِ مَجودُهُ

وأخْفَقَ مسْعَى كلِّ آمِلِ غايَةٍ

وأخْلَقَ منْ عَصْبِ الزّمانِ جَديدُهُ

هَنيئاً لكَ العيدُ الذي أنْتَ عِيدُهُ

وفي اللهِ ما تُبْديهِ أو ما تُعيدُهُ

أتَيْتَ المُصَلّى والجُنودُ رَوائِحٌ

تَغَصُّ بِها أغْوارُهُ ونُجودُهُ

وقد أبْصَرَتْ منْكَ النّواظِرُ مِلأَها

جَمالاً تَمُدُّ النَّيِّراتِ سُعودُهُ

وآيةُ نَصْرٍ في حِجابِ مهابَةٍ

تُدافِعُ عنْ دينِ الهُدى مَنْ يَكيدُهُ

فلمّا قَضَيْتَ النّحْرَ أقْبَلْتَ راضِياً

عنِ اللهِ تُعْلي ذِكْرَهُ وتُشيدُهُ

وأوْرَدْتَنا منْ جُودِ كفّيْكَ مَوْرِداً

يبَرِّدُ غُلاّتِ الظِّماءِ بَرودُهُ

وألْبَسْتَنا الآلاءَ بِيضاً سَوابِغاً

فزادَكَ مِنْها اللهُ ما تَسْتَزيدُهُ


نوع المنشور:

شارك على :

المنشور السابق

ألحظك أم سيف عمرو أعيدا

المنشور التالي

يمينا بيانع ورد الخدود

اقرأ أيضاً

عرفت ببرقة الوداء رسما

عَرَفتُ بِبُرقَةِ الوَدّاءِ رَسماً مُحيلاً طابَ عَهدُكَ مِن رُسومِ عَفا الرَسمَ المُحَيلَ بِذي العَلَندى مَساحِجُ كُلِّ مُرتَزِجٍ هَزيمِ…