إنما يبكي شجيٌّ شَجَنَهْ
لا كما يبكي خليٌّ دِمنَهْ
أيها المأمون من نسيانه
أكذا أُنسى ولو غبت سنه
لا تكن مولىً هواه في الأذى
لم يزل بالعبد حتى فتنه
ثم خلّاه وأهدى قلبه
للتباريح وأنْضى بدنه
هل يُعافي العبدَ من محذورِهِ
أنَّ أخلاقك أضحت جُنَنَه
لم أكن قطُّ أرى أني أَرى
سَكناً مثلك ينسى سكنه
أيها المُهدي لقلبي ظِنناً
لا تدعْ قلبي يناجي ظننه
مع أن الغدر شيءٌ لم أَخلْ
أنَّ أخلاقك مَسَّتْ دَرَنه
بل أرى العبدَ الذي استَعبدته
ثم سلَّطتَ عليه حَزَنَه
هو عبدٌ تشتهي تَضميرَهُ
بالمجافاةِ وتَقلى سِمَنَه
شعفاً بالقدِّ يا من قدُّه
أضحت الأغصانُ تحكي غُصنه
أبقِ منه لا تدعه خائفاً
كلما هَزَّ نسيمٌ فَنَنَه
بل أَرى أنك لي مُمتحنٌ
فارحمِ العبد وخفِّف مِحنه
لن يُطيق الهجرَ عبدٌ نفسُهُ
بهوَى سيدِه مُمتَحَنَه
هَب لأسبوعٍ رسولاً واحداً
إن في ذاك لقلبي أَمَنَه
وَيْحَ هذا القلب ما أَغفله
أيها المولى وأحلى وَسَنه
لو يُراعي الرُّسْلَ منكم عاشق
نفسُه عندكُمُ مُرتهَنه
وهوىً منه هواه كونُه
وطنيّاً لم يفارقْ وطنه
لا يلمْهُ لائمٌ في فعله
فله عُذرانِ عند الفَطَنه
هَمّه المسكين في عِرفانه
رأيُ مولىً لم يُبدِّل سُننه
أَوفِ مغبونَك يا غابنَه
لا يكن عذلك فيمن غبنه
كيفَ لا تُنزِلُه منزلةً
من خصوص الأنس تُشْجي زَمنه
هل توجَّدتَ على أخلاقه
أم غدا رأيك فيمن لعنه
هل تعتَّبتَ على أفهامِهِ
أم هل استقصرتَ يوماً لَقَنه
هل ترى الغفلةَ شابت حلمَه
أم ترى النكراء شابتْ فِطنه
هل ترى العِيَّ يؤاخي صَمْته
أم ترى الغَيَّ يؤاخي لَسَنه
هل ترى الشك عليه غالباً
عند حق أم تراه يَقَنَه
هل رأى منك قبيحاً بثه
أم رأى منك جميلاً دفنه
هل لديه لك سرٌّ ذائعٌ
أم أمانات غدت مُحتجنه
هل لديه تُحفةٌ مذخورة
عنك أم منفوسةٌ مُختزنه
لا يَجُر مولىً جليلٌ سنناً
في عُبيد لم يفارق سكنَه
إنه أخلَقُ منه للهدى
في معانيه لدى من وزنه
أنت من تسمو ذُراه أن تُرى
في ذَراه خِلَّة ممتهَنه
بيتُك البيتُ الذي من زاره
فابنُ عباسِك فيمن قَطَنه
من يكن أصبح من حُجاجه
فلقد أصبحتُ ممَّن سَدَنَه
أعذِر الطِرف الذي أجررتَه
في المعاني والقوافي رَسَنه
لا تلُمه في عتاب مسرف
أنت قَوَّيت عليه مُننه
أنت من يذكر ما قدَّمه
من مواعيدٍ وينسى إحنَه
أنت من نَزَّه نجوى نفسِه
عن جِوار الهفوةِ المُضطغنه
هل يُداجيني زُلالٌ قد صفا
وأبى طيبُ ثناه أَسنه
سيدٌ فات المداجاةَ به
سُؤددٌ ينفي تُقاه هُجنه
عرف اللَّه إلى أن خافه
ثم خاف اللَّه حتى أمِنه
فحكى غائبه شاهدَه
وحكى المكنونُ منه عَلَنه
ما رأى اللَّه خناً أطلقه
لا ولا غِلَّ ضميرٍ سجنه
يقبلُ الحمد ولا يوجبُه
وإن امتنَّ فأسنَى مننه
لا كمن يغلط في أحكامه
يَهَبُ العُرف ويبغي ثمنه
هكذا كلُّ كريم ماجد
جعل العرف صُراحاً دَدَنَه
ومتى راغ بشكرٍ رائغٌ
ذات يوم لم تجده شَجَنَه
عجبي من مادح يمَّنَهُ
وهو المُعتقُ قِدماً يَمَنَه
نبأٌ فاسأل به ذا يزنٍ
أو فسائل سيفَهُ أو يَزنه
يا بني وهبٍ حُلَى دهرِهمُ
كلَّما عدَّد دهرٌ زِينَه
يستميحُ العطفَ منكم عاشقٌ
لم تُنيلوه وكنتم فِتنه
هل رآه اللَّه أجرى ذمَّكم
ببيانٍ أو بلحن لحنه
هل رآه الفَحْصُ قِرناً لكُمُ
ببِرازٍ أو كُمونٍ كَمنه
هل تعيبون بناءً شاده
طوله أو عرضه أو ثِخَنَه
ليس بالمنكرِ إن لم تُجعَلوا
مُستقاه أن تكونوا شَطَنه
قد سألتُ الناس ما أسألكم
فأبت مسؤولَهم تلك الهَنَه
وإذا قد سلّموا المجد لكم
فحمى الحالبُ دوني لَبَنه
وغدا يمنع مني تافهاً
لا يرى شُكر بنيٍّ ثمنه
والعُلا وَفقٌ لأخلاقكُمُ
لا لأخلاقهمُ المؤتَفنه
هل يُعير الجود وغداً زينةً
ويعيرُ البُخْل حُرّاً أُبَنَه
كلُّ ثفر فله شُحنته
هكذا كان قَضى من شَحنه
هل يعير البرُّ بحراً عِيسَه
أو يعير البحرُ برَّاً سُفنه
قد بعثتمْ حربَ عَتْبٍ مُقلق
من وليٍّ فاستعدوا هُدَنه
والوزير الحق إن لم تنصفوا
لتُصكنَّ شكاتي أُذُنَه
فلكم من ماء وجهٍ صانه
ودمٍ قد كان يجري حَقنَه
أنتُم قومٌ إذا استخدمكم
مستعين الجاه كنتم مِهنه
وإذا رجَّم قومٌ فيكُمُ
بالندى والصفح كانوا كَهنه
فاخلُفوا الغيثَ إذا أخلَفنا
ومتى صاب فباروا مُزنه
أنتُم آفاتُ أموالكُمُ
بالعطايا إذ سواكم خزنه
سادةٌ في الحق قدماً قادةٌ
وعلى اللَّوْماء فيه مَرَنه
ونثا قومٍ دُخانات الندى
ولقد أضحى نثاكم دُخنه
جلَّ كاسي طينكُم صِبْغتَهُ
كيف صاغ الطينَ لمّا عَجنه
أوسعَ الأمرين فضلاً فأتت
صور الخلق تضاهي طِيَنَه
لا يُمنَّنَّ عليكم مادحٌ
بمديح فيه وشيٌ وَضَنه
فله من فعلكم أمثلةٌ
ينسِج الشعرُ عليها يُمَنه
ليَ مُدْنٍ منكُمُ مجتهدٌ
وصَل اللَّه بخيرٍ قَرنه
ومسوءٌ بدنُوِّي منكُمُ
ألزمَ اللَّه يديه ذَقنَه
يتظنَّى دُهْنَه في شَعَثِي
شَعَّثَ اللَّه له ما دهنه
قد أضاقت عَطَني نَكراؤُه
ضيَّق اللَّه عليه عَطَنَه
كم يُعَرِّينيَ من أفضالكم
ألبس اللَّه عدوي كفنَه
كم وكم بعدي من ظلكمُ
ظلل اللَّه عليه جننه
أنا من أنساكمُ خدمتَه
حين لا أجرتُه مُتَّزِنه
أنا من أسلف فيكم بعدما
نسي الطابِنُ فيكم طَبَنَه
عكف الرأيُ عليكم وحدكم
والهوى يَعبدُ جهلاً وثَنَه