جَدِّد اللّذَّة حتَّى نتجدَّدْ
واسقنيها من لجين الكأس عَسْجَدِ
وخُذِ اليوم بها لذَّتنا
وأعدها يا نديمي لي في غد
بين ندمانٍ كأزهار الرُّبى
كلُّ فرد منهم بالفضل مفرد
نظمت شملهم كأس الطّلا
فهو كالعقد وكالدّرّ المنضد
برزَ الروض بأبهى هيبةٍ
فتهيَّا للسرور اليوم واعتدِ
ولقد جرّد من غمد الدُّجى
صارم الفجر عياناً فتجدُّد
وبقايا غلس أبصرتها
ما تبقى من دخان العود والغد
نبّه الورقاء حتَّى نبّهت
للحُميَّا أعيُناً للشرب هجّد
أطرَبتْنا الوُرقُ في ألحانها
يا فدتها في الغواني أُمُّ معبد
في رياضٍ نضراتٍ أنبتت
ورق الياقوت من قضب الزبرجد
ولكم عدنا إلى أمثالها
بعد حينٍ فوجدنا العَوْدَ أحمد
وشهدنا مشهد الأُنس بها
وقعدنا للهوى في كل مقعد
وقضينا جباً من روضةٍ
شرب الغصنُ فما للطير عربد
ومُدير الكأس في أرجائها
قمر يبدو وغصن يتأوّد
إنَّ أشهى الرَّاح ما تأخذه
من يَدَيْ ساق نقي الخدّ أمرد
خِلْتُ ما في يده في خدِّه
فسواء بين ما في اليد والخدّ
بابليُّ الطَّرف حلويّ اللّمى
ليِّن الجانب قاسي القلب جلمد
ألعسٌ مُذْ بردتْ ريقته
أورثتنا نار شوقٍ تتوقَّد
فشربنا خدّه من يده
واقتطفنا منه غصن الآس والورد
واتَّخذناه وإنْ يأبَى التُّقى
صنماً لكنَّه للحُسن يعبد
يبعث الوجد إلى كلّ حشا
لِخَلِيٍّ من هواه حيث لا وجد
لو رآه تائب من ذنبه
قد تبدَّى وهو مثل البدر لارتد
جحدت أعينُه سفك دمي
وعليه حدّه في الوجه يشهد
لستُ أدري أيّما أمضي شباً
في فؤادي ذلك الطرف أم القد
إنَّ هاروت وماروت لقد
أخذا عنه حديث السَّحر مسند
ليِّن الأَعطاف حتَّى إنَّه
كادَ من شدَّة ذاك اللِّين يعقد
يا له من مطربٍ يعجبني
غزلي فيه ومدحي لمحمد
ذي يدٍ طولى فشكراً ليدٌ
من عريق في المعالي الغرِّ ذي يد
ضمَّ برداه تقيًّا ماجداً
وجد التّقوى مزاداً فتزوَّد
قد نظرنا جدَّه أو جَدَّه
فنظرنا بالعلى ما يصنع الجدّ
يقتفي آثار آباءٍ له
أثر المجد اقتفى عنهم وقلَّد
وعلى ما عُوِّدت آباؤُه
عوّدته من قديم فتعوَّد
علماءٌ عملوا في علْمِهم
مَهَّدوا الدِّين من المهد إلى اللّحد
ولكم حُلَّ بهم من مشكل
وهم إذ ذاك أهل الحلّ والعقد
رفعت آثاره أعلامَهم
فبنى بي معاليهم وشيّد
ماجدٌ يعلو على أقرانه
وقد احتلَّ رعان العزّ والمجد
ليس يخفى فهمه أو علمه
لاح للعالم مثل العلم الفرد
قَصَدَتْ وُفَّاده إحسانَه
قلَّ من يُرجى لإحسانٍ ويُقْصَدِ
غير بدعٍ إنْ تحرّينا له
مكرمات من كريم الأَب والجد
فإذا أفسد حالاً زمنٌ
أصْلَحَتْ ما أقصد الدهر وأفسد
وأمدَّتْني يداه بالنَّدى
وكذاك البحر يوم الجزر والمدّ
إذ حلَلْنا نادياً حلَّ به
لم نحلّ إلاَّ بغاب الأسدِ الورد
وإلى ناديه في يوم النَّدى
أدبٌ يُجبى ومال يتبدّد
عارض من فضله ممطرنا
لا كما العارض إنْ أبرقَ أو أرعد
فَلَكَ الأَيدي على طول المدى
أبداً بيضٌ بجنح الخطب أسود
فتولَّ من ثنائي مدحةً
أيُّها المولى فقد لاذَ بك العبد
قد مضى الشَّهر صياماً وتقًى
فابقَ واسلمْ دائم العزِّ مخلّد
واهنأ بالعيد فقد عاد بما
تشتهيه أنت من عزٍّ وسؤدد
لستُ أدري أؤهَنِّيك به
أمْ أُهنِّي بك في إكرامك الوفد
وجزاك الله عنِّي خير ما
جُوزيَ المنعِمُ بالشّكران والحمد