جَسَدٌ ذاب نحولاً وسَقاما
وفؤادٌ زِيدَ وجداً وغراما
دَنِفٌ لولا تباريح الجوى
جَعَلَ اللائمَ في الحبّ إماما
ما الَّذي أوْجَبَ ما جئتم به
من صدود وعلاما وإلاما
يا أباة الضَّيم ما لي ولكم
أفترضون بمثلي أن يُضاما
أُظهِرُ الصَّبرَ وعندي غيره
غير أنِّي أَكتُمُ الوجد اكتتاما
وأراني جَلِداً فيما أرى
من أمور أَعْرَقَتْ مني العظاما
إنَّ برقاً شِمتُه من جانب العا
رض الوسميّ أبكاني ابتساما
ويح قلب الصّبّ لِمْ لا ينثني
فإذا قلت اسْتفق يا قلب هاما
ما بكى المغرم إلاَّ بدمٍ
بلَّ كُمَّيْهِ وما بلَّ أواما
قوَّض الرّكبُ وأبقى لي الأَسى
لا الجوى ولَّى ولا الصَّبر أقاما
ونَأَتْ سَلمى فهلْ من مبلغٍ
منكما عنِّي إلى سَلمى سلاما
خفرت من عاشقٍ ذَمَّته
إنَّ للعشَّاق في الحبّ ذماما
لستُ أنسى السّرب أشكو بَعْدَه
كَبِداً حرَّى ويُدميني قواما
أيُّها الرَّامي قلبي عَبَثاً
بُؤْتَ بالوزر وقُلّدت أثاما
ما لِمَنْ حَلَّلَ قتلي في الهوى
حَرَّم الوصل وما كانَ حراما
أَرأَيتم أَنَّني من بعدكم
في عذابٍ لم يكن إلاَّ غراما
إنْ يُلاقِ الصُّبحُ ما لاقيته
أَصبحَ الصُّبحُ لما يلقى ظلاما
بَرَزَتْ أَسماءُ أَو أَترابها
يُوقِرَنَّ السَّمْعَ عذلاً وملاما
يتناجَين بإيلام فتًى
ضَيَّعَ الحزم فلم يشدد حزاما
قلنَ لو رام وما في باعه
قِصَرٌ أدركَ بالسَّعي المراما
يا نساءَ الحَيِّ خاصَمْتُنَّني
حَسْبُكُنَّ الدَّهرَ منكنَّ خصاما
لو تنبَّهتُ لها مجتهداً
كيف بالحظِّ إذا ما الحظُّ ناما
أو رأى المقدور فينا رأيه
ما تكَلَّفْتُ نهوضاً وقياما
أبرح الدَّهر على ما لم أَرِدْ
ورزاياه اصطكاكاً واضطراما
لم يَلِنْ للدَّهر منِّي جانب
حيث لم أستعطف القومَ اللّئاما
وعناءٍ كلّها أُمنيتي
في زمانٍ أنْ أرى النَّاس كراما
بأَبي محمود ينبوع النَّدى
أُبْصِرُ الأَعلام أطلالاً ركاما
وأرى كلَّ عليٍّ دونه
فتعالى ذلك القرم الهماما
أُنْفِقُ العُمرَ جميلاً فليَدُمْ
وجميل الصّنع أنَّى دام داما
ويميناً إنَّه لوْ لمْ يَجدْ
في منام لم يذق قطّ مناما
فَسلُوه هلْ خلا ممَّا به
يصنَعُ البرَّ فيوليه الأَناما
أَمْ تَخلَّى من جميل ساعة
من زمان غير ما صلَّى وصاما
كم له من نظرةٍ في رأفَةٍ
أَيقَظَتْ لي أَعْيُناً كنَّ نياما
ذُلِّلَتْ مستصعبات لم يكَدْ
يملك القائد منهنَّ زماما
أُسْتَقِلُّ الأَنجمَ الزّهرَ له
أَنْ تُرى فيه نثاراً ونظاما
ولو أن كلَّمْتُه في لؤلؤٍ
ومن اللؤلؤ ما كانَ كلاما
تجتلي قَرماً إماماً بالنَّدى
بأَبي ذيَّالك القرم الإِماما
وحسام باترٍ لا سيَّما
إنْ هَزَزْناه على الخطب حساما
فنوال ناب عن وبل الحيا
وجمال يخجل البدر التماما
رفعةٌ قد شَهِدَ الخصمُ لها
قَعَدَ الغاربُ منها والسّناما
وإليه وإلى عليائه
أَنيق الرَّاجين أمست تترامى
وكأنِّي وكأن شعري له
مستميح حين شام البرق شاما
بالطَّويل الباع بالسَّامي الذّرى
عرف المعروف شيخاً وغلاما
وعلى ما هو فيه لم يزلْ
أو يقال التّبر قد عادَ رغاما
والكريم النَّفس لا عن غرض
أيُّها أَزكى شراباً وطعاما
هكذا النَّاس إذا قيل النَّدى
سحب تنشا جهاماً وركاما
من سوى أَيديه في فرط الظّما
لا أراني الله أَسْتَسْقي الغماما
كلَّما اعْوجَّتْ أُموري والْتوَتْ
قوَّم المعوَجَّ منها فاستقاما
يا أبا محمود يا من لم يزلْ
رحمةً للخلق برًّا باليتامى
غير ما خَوَّلْتَني من نِعمةٍ
أنا لا أملك في الدُّنيا حطاما
أَفْطَرَ النَّاس جميعاً غيرنا
وبَقينا نحن في النَّاس صياما
فلقد هُنِّيت بها
غُرَّة الأَعياد والشّهر الحراما
وابقَ للإِسلام ركناً سالماً
مُنْعِماً يا عيدنا عاماً فعاما