أصيخوا فمن طور الهدى انبعث الندا

التفعيلة : البحر الطويل

أَصيخوا فَمِن طورِ الهُدى اِنبَعَثَ النَدا

وَشيموا فَإِنَّ النورَ في الشَرقِ قَد بَدا

هُوَ الفَتحُ قَد فاجا فَأَحيا كَأَنَّما

هُوَ القَطرُ لَم يَضرِب مَعَ الأَرضِ مَوعِدا

أَتى اليُسرُ يَسعى في طَريقٍ خَفِيَّةٍ

كَما طَرَقَ الإِغفاءُ جِفناً مُسَهَّدا

كَتَمتُ بِها هَديَ الإِمارَةِ مِدَةٍ

فَعالَ كَمّي يَذخُرُ السَيفَ مُغمَدا

وَلَمّا اِنتَضاهُ أَدرَكَ النَصرَ مُنتَهىً

بِحَدَّيهِ لَمّا اِستَقبَلَ الحَزمَ مُبتَدا

لَقَد نَسَقَت يُسرَينِ في العُسرِ بَيعَةٌ

حَوَت إِمرَةً عُليا وَعَهداً مُجَدَّدا

فَذي تَنشُرُ الرائين شَمساً مُنيرَةً

وَذا يَكنُفُ الآوينَ ظِلّاً مُمَدَّدا

وَذي مَعقِلٌ نائي الذُرى لِمَن اِنطَوى

وَذا مَرتَعٌ داني الجَنى لِمَن اِجتَدى

فَقَد طَلَعَ البَدرانِ بِالسَعدِ وَالسَنا

وَقَد مُزِجَ البَحرانِ بِالبَأسِ وَالنَدى

فَيا أَهلَ حِمصٍ أَيقِظوا مِن رجائِكُم

فَقَد جاءَ أَمرٌ لَيسَ يَترُكُكُم سُدى

وَقَد بَلَغَت شَكوى الجَزيرَةِ مُشفِقاً

وَوافى صُراخُ الحَيِّ شَيحانَ مُنجِدا

وَنيطت أَماني أَهلِ دينِ مُحَمَّدٍ

بِذي سِيَرٍ تُرضي النَبيَّ مُحَمَّدا

حَباكُم أَميرُ الهَديِ مِن أَهلِ بَيتِهِ

بِأَدناهُمُ قُربى وَأَبعَدِهِم مَدى

بِأَروَعَ حَلَّ البَدرُ مِنهُ مَفارِقاً

وَنَسجُ القَوافي مِعطَفاً وَالنَدى يَدا

فَأَرعِ بِهِ عَينَيكَ طَلعَةَ ماجِدٍ

تَخَتَّمَ بِالعَلياءِ وَاِعتَمَّ وَاِرتَدى

سَما حَيثُ لَم يُلحَق فَلَولا اِنفِرادُهُ

هُنالِكَ مِن تِربٍ لَخِلناهُ فَرقَدا

وَما ضَرَّ أَن غابَ الأَميرُ وَخَصَّكُم

بِتابِعِهِ قَولاً وَفِعلاً وَمَحتِدا

تَلُفُّهُما في العُنصُرِ الحُرِّ نِسبَةٌ

كَما قُبِسَ المِصباحُ أَو قُسِمَ الرِدا

وَما بَعُدَت شَمسُ الضُحى في مَحَلِّها

وَقَد أَلحَفَتكُم نورَها مُتَوَقِّدا

إِذا المُزنُ أَهدى الأَرضَ صَفوَ قِطارِهِ

فَقَد زارَ بِالمَعنى وَأَخفى التَمَهُدا

أَبا فارِسٍ حَسبُ الأَماني أَنَّها

نُجومٌ تَلَقَّت مِن قُدومِكَ أَسعُدا

طَلَعتَ فَأَبهَجتَ المَنابِرَ بِالَّتي

بَنَت فَوقَها أَعلى وَأَبقى وَأَرشُدا

فَلَو أَنَّ عوداً مادَ في غَيرِ مَنبَتٍ

لَأَبصَرتَها مِن شِدَّةِ الزَهوِ مُيَّدا

لَكَ الحُكمُ في دينِ الصَليبِ وَأَهلِهِ

تُسالِمُ مُمتَنّاً وَتَغدو مُؤَيَّدا

إِلَيكَ حَدا الإِسلامُ رَأياً وَرايَةً

فَأَوسِعهُما عَنهُ سَداداً وَسُؤدُدا

وَإِنّا لَنَرجو مِن مَضائِكَ هَبَّةً

تُعيدُ عَلى الدينِ الشَبابَ المُجَدَّدا

فَقَد أَنشَأَتكَ الحَربُ في حُجراتِها

كَما تَطبَعُ النارَ الحُسامَ المُهَنَّدا

أَلِفتَ مِنَ الأَعلامِ وَالدَمِ وَالظُبى

تَصِلُّ أَغاريداً وَظِلّاً وَمَورِدا

تَرى السَيفَ يَدمى وَالقَناةَ كَأَنَّما

تَرى مِعطَفاً لَدناً وَخَدّاً موَرِّدا

فَكَم مِن ضَجيعٍ رائِقٍ بِحَشيَّةٍ

تَعَوَضتَ مِنها أَجراداً وَمُجَرَّدا

تَهَشُّ إِلى الأَقرانِ حَتّى كَأَنَّما

تُلاقي لَدى الرَوعِ الحَبائِبَ لا العِدا

يَميناً لَأَنتَ اللَيثُ لَولا حَزامَةٌ

تُرينا بِعِطفِكَ الدَلاصَ المُسَرَّدا

سَرَيتَ مَسيرَ الصُبحِ لا يَعرِفُ الوَنى

وَلا يُنكِرُ الصيقَينِ بَحراً وَفَرقَدا

فَهَل خِلتَ غُبرَ البيدِ رَوضاً مُنَوَّراً

وَهَل خِلتَ لُجَّ اليَمِّ صَرحاً مُمَرَّدا

غَدا مِنكَ هَذا البَحرُ لِلناسِ ساحِلاً

أَصابَت بِهِ الغَرقى مَلاذاً مِنَ الرَدى

أَتى بِكَ أَفشى مِنهُ صيتاً وَهَيبَةً

وَأَغرَبَ أَنباءً وَأَندى وَأَجوَدا

أَما إِنَّ هَذا البَحرَ أَهداكَ حُجَّةً

لِمَن قالَ إِنَّ الغَيثَ مِنهُ تَوَلَّدا

أَآلَ أَبي حَفصٍ خُذوها بِقوَّةٍ

وَحُلّوا لَها في ساحَةِ الصِدقِ مَقعَدا

فَأَنتُم أُولوها ما لَكُم مِن مُنازِعٍ

وَإِن أَنكَرَت شَمسَ الضُحى عَينُ أَرمَدا

هَبوا غَيرَكُم نالَ الإِيالَةَ قَبلَكُم

وَأَصدَرَ فيها مُستَبِدّاً وَأَورَدا

كَذاكَ يَسوسُ البيضَ قَينٌ وَصَيقَلٌ

وَما فَخرَها إِلّا لِمَن قَد تَقَلَّدا

إِذا ما اِقتَدى الأَعلى بِمَن هُوَ دونَهُ

فُغَرُّ الغَوادي وَالدَراري لَكُم فِدا

وَإِن ضَحِكَت سِنُّ الهُدى عَن إِمارَةٍ

فَعَنكُم وَعَن أَيّامُكُم يَضحَكُ الهُدى

وَدونَكَ مِن دُرِّ الثَناءِ مُنَظَّماً

بِحَيثُ غَدا دُرُّ الهِباتِ مُبَدَّدا

قَوافٍ لَكَ اِنساغَت وَفيكَ تَيَسَّرَت

شِياعاً فَأَضحَت في ثَنائِكَ شُرَّدا

فَأَصبَحَ سُؤَلي مِن سَماحِكَ مُتهِماً

وَأَصبَحَ شِعري في مَعاليكَ مُنجِدا


نوع المنشور:

شارك على :

المنشور السابق

أما لك لا ترثي لحاله مكمد

المنشور التالي

أحلى من الأمن لا يأوي لذي كمد

اقرأ أيضاً

زار الفرزدق أهل الحجاز

زارَ الفَرَزدَقُ أَهلَ الحِجازِ فَلَم يَحظَ فيهِم وَلَم يُحمَدِ وَأَخزَيتَ قَومَكَ عِندَ الحَطيمِ وَبَينَ البَقيعَينِ وَالغَرقَدِ وَجَدنا الفَرَزدَقَ…