هاتها كالمنار لاح النهار

التفعيلة : البحر الخفيف

هاتِها كَالمَنارِ لاحَ النَهارُ

وَبَكَت مَصرَعَ الدُجى الأَطيارُ

وَكَأَنَّ الرِياضَ تُجلى عَروساً

وَعَلَيها مِنَ النَباتِ نِثارُ

وَالطِلا وَالحُبابُ وَالرَوضَةُ الغَ

نّاءُ خَدٌّ وَمَبسَمٌ وَعِذارُ

أَكؤُساً ما أَرى بِأَيدي سُقاةٍ

أَم نُجوماً تَسعى بِها أَقمارُ

وَكَأَنَّ الإِبريقَ جيدُ غَزالٍ

دَمُ ذاكَ الغَزالِ فيهِ العُقارُ

قَهوَةٌ إِن جَرى النَسيمُ عَلَيها

كادَ يَعلوهُ مِن سَناها اِحمِرارُ

نالَ مِنها الضَنى وِلايَةَ سِكرٍ

فَلِهَذا يُعزى إِلَيها العِثارُ

حَثَّها مِن كُؤوسِهِ رانِياتٍ

عَن فُتورٍ في لَحظِهِ خُمّارُ

فِتنَةٌ في العُيونِ تُدعى بِغُنجٍ

حَيرَةٌ لِلنُهى وَقيلَ اِحوِرارُ

كَيمينِ اِبنِ خالِدٍ حينَ تُدعى

راحَةً وَهيَ ديمَةٌ مِدرارُ

لَستُ أَدري يُسرينِ لِلعُسرِ إلّا

راحَتَيهِ إِذا اِعتَرى الإِقتارُ

بِدَرُ المالِ كَالبُدورِ وَلَكِن

نالَها مِن نَدى يَدَيهِ السِرارُ

جودُهُ لُجَّةٌ لَآلِئُها المَد

حُ وَرَوضٌ طُيورُهُ الأَشعارُ

وَلِذاكَ الثَناءُ فيهِ اِنتِظامٌ

وَلِذاكَ العَطاءُ فيهِ اِنتِثارُ

يَسكُبُ الجودَ عِندَ نَغمَةِ عافٍ

كَالرَحيقِ عَلى الغِناءِ يُدارُ

رَجِّهِ فَالمُنى طِوالٌ لِراجي

هِ وَأَيدي الخُطوبِ عَنهُ قِصارُ

تَستَمِدُّ السَحابُ بِالبَحرِ لَكِن

بِعَطاياهُ تَستَمِدُّ البِحارُ

ماجِدٌ حازَ في المَعالي اِحتِفالاً

هُوَ في طُرُقِهِ إِلَيها اِختِصارُ

عودُهُ في الأَصحابِ عودٌ نُضارٍ

وَسَجاياهُ إِن سَمَحنَ قِطارُ

شِيَمٌ قَد تُخُيِّرَت فَلَها مِن

كُلِّ ما يَنتَمي إِلَيها الخِيارُ

هِيَ في المِسكِ نَفحَةٌ وَمِنَ العُم

رِ شَبابٌ وَفي الحُسامِ غِرارُ

جاءَنا آخِرَ الزَمانِ كَما تَع

بَقُ عِندَ الأَصائِلِ الأَزهارُ

وَذُبابُ الهِندِيِّ أَشرَفُهُ لَي

سَ عَلَيهِ مِنَ التَأَخُّرِ عارُ

حَسُنَت ذاتُهُ وَلَم تَخشَ ذاماً

فَهيَ كَالنورِ لَم يُخالِطهُ نارُ

أَحمَدَت خَلقَهُ بَديّاً وَعَوداً

فَهيَ كَالخَمرِ لَم يَشِنها الخِمارُ

هُوَ ظِلٌّ فَإِن دَجا وَجهُ خَطبٍ

عادَ شَمساً بِضَوئِها يُستَنارُ

بَطشُهُ في سَنا البَوارِقِ خَطفٌ

وَتَأَنّيهِ في الجِبالِ وَقارُ

هَيبَةٌ لَو لَم يَغتَدِ بِسِواها

لَعَنَت دونَها القَنا الخَطّارُ

وَقَبولٌ لَو لَم يَفُز ما سِواهُ

لَتَفَشَّت بِهِ الأَماني الحَرارُ

طَبَّقَ الأَرضَ ذِكرُهُ فَلَهُ في

كُلِّ أُفقٍ مَعَ الهَواءِ اِنتِشارُ

وَمَعَ الشَمسِ أَينَ لاحَت شُروقٌ

وَمَعَ الريحِ حَيثُ طارَت مَطارُ

لَقَبُ المَجدِ فيهِ حَقٌّ وَلَكِن

هُوَ لَفظٌ لِغَيرِهِ مُستَعارُ

زارَنا وَهوَ سؤلُنا وَكَذا الغَي

ثُ يَزورُ الثَرى وَلَيسَ يُزارُ

فَلَو أَنَّ البُروجَ قامَت إِلى البَد

رِ اِشتِياقاً قامَت إِلَيهِ الدِيارُ

نَزَلَت نَحوَهُ النِجادُ خُضوعاً

وَتَعالَت شَوقاً لَهُ الأَغوارُ

حَيثُما حَلَّ فَالزَمانُ رَبيعٌ

وَقَتادُ الثَرى بِهِ نُوّارُ

وَهَجيرُ الأَيّامِ مِنهُ مَقيلٌ

وَاللَيالي بِطيبِها أَسحارُ

وَالحَصى تَحتَ وَطءِ نَعلَيهِ دُرٌّ

وَتُرابُ البَطحاءِ مِسكٌ مُثارُ

وَثَنائي حَدائِقٌ وَعُلاهُ

هَضَباتٌ وَجودُهُ أَنهارُ

يا أَبا عَمرٍ وإِنَّما أَنتَ خَلقٌ

عَجَبٌ جِئتَ مِثلَما تَختارُ

لَو يُنادى أَينَ الجَوادُ بِحَقٍّ

قالَ كُلٌّ إِلى الوَزيرِ يُشارُ

لَو حَوَت مِن جَلالِكَ الشُهُبُ حَظّاً

ما بَدَت في العُيونِ وَهيَ صِغارُ

جُد عَلى يوسُفٍ فَمِصرُ شَريشٌ

وَعَطاياكَ نيلُها المُستَمارُ

نافَسَتها العِراقُ وَالأَرضُ كَالنا

سِ فَبَعضٌ مِنها بِبَعضٍ يَغارُ

بِكَ عَزَّت لِما حَوَتكَ وَلَولا السِ

راحُ لَم تُمتَدَح دِنانٌ وَقارُ

أَيُّهَذا السَحابُ دونَكَ مِنّي

زاهِراً مِن كَمامِهِ الأَفكارُ

بِكَ تَسمو حُلى القَريضِ وَلِلغُن

جِ بِعَينِ الظَبيِ الغَريرِ اِفتِخارُ

قَصَّرَت لَو أَنَّ النُجومَ عُقودٌ

في حُلاها أَو الهِلالَ سِوارُ

لا تَلُم في الحَياءِ هَذي القَوافي

لَيسَ بِدَعاً أَن تَخجَلَ الأَبكارُ


نوع المنشور:

شارك على :

المنشور السابق

لمن خافقات قد تعودت النصرا

المنشور التالي

ذد عن موارد أدمعي طير الكرى

اقرأ أيضاً