فيمَ اِبتِدارُكُمُ المَلامَ وَلوعا
أَبَكَيتُ إِلّا دِمنَةً وَرُبوعا
عَذَلوا فَما عَدَلوا بِقَلبي عَن هَوىً
وَدَعَوا فَما وَجَدوا الشَجِيَّ سَميعا
يا دارُ غَيَّرَها الزَمانُ وَفَرَّقَت
عَنها الحَوادِثُ شَملَها المَجموعا
لَو كانَ لي دَمعٌ يُحَسِّنُ لَوعَتي
لَتَرَكتُهُ في عَرصَتَيكِ خَليعا
لا تَخطُبي دَمعي إِلَيَّ فَلَم يَدَع
في مُقلَتَيَّ جَوى الفِراقِ دُموعا
وَمَريضَةِ اللَحَظاتِ يُمرِضُ قَلبَها
ذِكرُ المَطامِعِ عِفَّةً وَقُنوعا
تَبدو فَيُبدي ذو الصَبابَةِ سِرَّهُ
عَمداً وَتَتَّرِكُ الجَليدَ جَزوعا
كادَت تُنَهنِهُ عَبرَتي عَزَماتُها
لَمّا رَأَت هَولَ الفِراقِ فَظيعا
لِأَبي سَعيدِ الصامِتِيِّ عَزائِمٌ
تُبدي لَها نُوَبُ الزَمانِ خُضوعا
مَلِكٌ لِما مَلَكَت يَداهُ مُفَرِّقٌ
جُمِعَت أَداةُ المَجدِ فيهِ جَميعا
بَذَّ المُلوكَ تَكَرُّماً وَتَفَضُّلاً
وَأَحانَ مِن نَجمِ السَماحِ طُلوعا
مُتَيَقِّظُ الأَحشاءِ أَصبَحَ لِلعِدى
حَتفاً يُبيدُ وَلِلعُفاةِ رَبيعا
سَمحَ الخَلائِقِ لِلعَواذِلِ عاصِياً
في المَكرُماتِ وَلِلسَماحِ مُطيعا
ضَخمَ الدَسائِعِ لِلمَكارِمِ حافِظاً
بِنَدى يَدَيهِ وَلِلتِلادِ مُضيعا
مُتَتابَعَ السَرّاءِ وَالضَرّاءِ لَم
يُخلَق هَيوباً لِلخُطوبِ هَلوعا
تَلقاهُ يَقطُرُ سَيفُهُ وَسِنانُهُ
وَبَنانُ راحَتِهِ نَدىً وَنَجيعا
مُتَنَصِّتاً لِصَدى الصَريخِ إِلى الوَغى
لِيُجيبَ صَوتَ الصارِخِ المَسموعا
وَلَقَد يَبيتُ اللَيلَ ما يَلقى لَهُ
إِلّا الحُسامَ المَشرَفِيَّ ضَجيعا
مُتَيَقِّظاً كَالأُفعُوانِ نَفى الكَرى
عَن ناظِرَيهِ فَما يَذوقُ هُجوعا
لِلَّهِ دَرُّكَ يا اِبنَ يوسُفَ مِن فَتىً
أَعطى المَكارِمَ حَقَّها المَمنوعا
نَبَّهتَ مِن نَبهانَ مَجداً لَم يَزَل
قِدماً لِمَحمودِ الفَعالِ رَفيعا
وَلَئِن بَنَيتَ ذُرى العُلا لَهُمُ لَما اِن
فَكّوا أُصولاً لِلعُلا وَفُروعا
قَومٌ إِذا لَبِسوا الدُروعَ لِمَوقِفٍ
لَبِسَتهُمُ الأَعراضُ فيهِ دُروعا
لا يُطمِعونَ خُيولَهُم في جَولَةِ
إِن نيلَ كَبشُهُمُ فَخَرَّ صَريعا
لِلَّهِ دَرُّكَ يَومَ بابَكَ فارِساً
بَطَلاً لِأَبوابَ الحُتوفِ قَروعا
لَمّا أَتاكَ يَقودُ جَيشاً أَرعَناً
يُمشى عَلَيهِ كَثافَةً وَجُموعا
وَزَّعتَهُم بَينَ الأَسِنَّةِ وَالظُبا
حَتّى أَبَدتَ جُموعَهُم تَوزيعا
في مَعرَكٍ ضَنكٍ تَخالُ بِهِ القَنا
بَينَ الضُلوعِ إِذا اِنحَنَينَ ضُلوعا
ما إِن تَني فيهِ الأَسِنَّةُ وَالظُبا
لِطُلى الفَوارِسِ سُجَّداً وَرُكوعا
حَلَّيتَهُ بِشُعاعِ رَأسٍ رَدَّهُ
لُبسُ التَرائِكِ لِلهِياجِ صَليعا
لَمّا رَأَوكَ تَبَدَّدَت آراؤُهُم
وَغَدا مُصارِعُ حَدِّهِم مَصروعا
فَدَعَوتَهُم بِظُبا الصَفيحِ إِلى الرَدى
فَأَتَوكَ طُرّاً مُهطِعينَ خُشوعا
حَتّى ظَفِرتَ بِبَذِّهِم فَتَرَكتَهُ
لِلذُلِّ جانِبُهُ وَكانَ مَنيعا
وَبِذي الكُلاعِ قَدَحتَ مِن زَندِ القَنا
حَرباً بِإِتلافِ الكُماةُ وَلوعا
لَمّا رَمَيتَ الرومَ فيهِ بِضُمَّرٍ
تُعطي الفَوارِسَ جَريَها المَرفوعا
كُنتَ السَبيلَ إِلى الرَدى إِذ كُنتَ في
قَبضِ النُفوسِ إِلى الحِمامِ شَفيعا
في وَقعَةٍ أَبقى عَلَيهِم غِبُّها
رَخَمَ الفَيافي وَالنُسورَ وُقوعا
هَذا وَأَيُّ مُعانِدٍ ناهَضتَهُ
لَم تُجرِ مِن أَوداجِهِ يَنبوعا