أَما وَهَواكِ حَلفَةَ ذي اِجتِهادِ
يَعُدُّ الغَيَّ فيكِ مِنَ الرَشادِ
لَقَد أَذكى فِراقُكِ نارَ وَجدي
وَعَرَّفَ بَينَ عَيني وَالسُهادِ
فَهَل عُقَبُ الزَمانِ يَعُدنَ فينا
بِيَومٍ مِن لِقائِكِ مُستَزادِ
هَنيئاً لِلوُشاةِ غُلُوُّ شَوقي
وَأَنّي حاضِرٌ وَهَوايَ بادِ
وَكانَ شِفاءُ ما بي في مَحَلٍّ
نُرَدُّ إِلَيهِ أَو زَمَنٍ مُعادِ
فَلازالَت غَوادي المُزنِ تَهمي
خِلالَ مَنازِلِ الظُعُنِ الغَوادي
نَأَينَ بِحاجَةٍ وَجَذَبنَ قَلباً
تَأَبّى ثُمَّ أَصحَبَ في القِيادِ
وَما نادَيتِني لِلشَوقِ إِلّا
عَجِلتُ بِهِ فَلَبَّيتُ المُنادي
خَطيأَةَ لَيلَةٍ تَمضي وَلَمّا
يُؤَرِّقني خَيالٌ مِن سُعادِ
وَهَجرُ القُربِ مِنها كانَ أَشهى
إِلى المُشتاقِ مِن وَصلِ البِعادِ
سَتُلحِقُني بِحاجاتي المَطايا
وَتُغنيني البُحورُ عَنِ الثَمادِ
وَأُكبَرُ أَن أُشَبَّهَ جودَ فَتحٍ
بِصَوبِ غَمامَةٍ أَو سَيلِ وادِ
كَريمٌ لايَزالُ لَهُ عَطاءٌ
يُغيرُ سُنَّةَ السَنَةِ الجَمادِ
وَلا إِسرافَ غَيرُ الجودِ فيهِ
وَسائِرُهُ لِهَديٍ وَاِقتِصادِ
رَبيبُ خَلائِفٍ لَم يَألُ مَيلاً
إِلى التَوفيقِ مِنهُم وَالسَدادِ
إِذا الأَهواءُ شَيَّعَها ضَلالٌ
أَبى إِلّا التَعَصُّبَ لِلسَوادِ
شَديدُ عَداوَةٍ وَقَديمُ ضِغنٍ
لِأَهلِ المَيلِ مِنهُم وَالعِنادِ
تَعُدُّ بِهِ بَنو العَبّاسِ ذُخراً
لِيَومِ الرَأيِ أَو يَومِ الجِلادِ
لَهُم مِنهُ مُكاتَفَةٌ بِتَقوى
وَسَطوٌ يَختَلي قَصَرَ الأَعادي
وَنُصحٌ لَم تَجِدهُ عَبدُ شَمسٍ
لَدى الحَجّاجِ قَبلُ وَلا زِيادِ
مَليءٌ أَن يُقِلَّ السَيفَ حَتّى
يَنوسَ إِذا تَمَطّى في النِجادِ
مَهيبٌ يُعظِمُ العُظَماءُ مِنهُ
جَلالَةَ أَروَعٍ وَري الزِنادِ
يُؤَدّونَ التَحِيَّةَ مِن بَعيدٍ
إِلى قَمَرٍ مِنَ الإيوانِ بادِ
قِيامٌ في المَراتِبِ أَو قُعودٌ
سُكونٌ في أَناةٍ وَاِتِّئادِ
فَلَيسَ اللَحظُ بِالمَكرورِ شَزراً
إِلَيهِ وَلا الحَديثُ بِمُستَعادِ
كَفاني نائِباتِ الدَهرِ أَنّي
عَلى الفَتحِ بنِ خاقانَ اِعتِمادي
وَصَلتُ بِهِ عُرى الآمالِ إِنّي
أُحِبُّ شَمائِلَ الفَهِمِ الجَوادِ
جَفَوتُ الشامَ مَرتَبَعي وَأُنسي
وَعَلوَةَ خُلَّتي وَهَوى فُؤادي
وَمِثلُ نَداكَ أَذهَلَني حَبيبي
وَأَكسَبَني سُلُوَّن عَن بِلادي
وَكَم لَكَ مِن يَدٍ بَيضاءَ عِندي
لَها فَضلٌ كَفَضلِكَ وَالأَيادي
وَمِن نَعماءَ يَحسُدُني عَلَيها
أَداني أُسرَتي وَذَوُو وِدادي
لَقيتُ بِها المُصافي كَالمُلاحي
وَأَلفَيتُ المُوالي كَالمُعادي
وَلي هَمّانِ مِن ظَعنٍ وَلَبثٍ
وَكُلٌّ قَد أَخَذتُ لَهُ عَتادي
فَإِن أوطِن فَقَد وَطَدتُ رُكني
وَإِن أَرحَل فَقَد وَفَّرتُ زادي