لِدارِكِ يا لَيلى سَماءٌ تَجودُها
وَأَنفاسُ ريحٍ كُلَّ يَومٍ تَعودُها
وَإِن خَفَّ مِن تِلكَ الرُسومِ أَنيسُها
وَأَخلَقَ مِن بَعدِ الأَنيسِ جَديدُها
مَنازِلُ لا الأَيّامُ تُعدي عَلى البِلى
رُباها وَلا أَوبُ الخَليطِ يُقيدُها
وَعَهدي بِها مِن قَبلِ أَن تَحكُمَ النَوى
عَلى عَينِها أَلّا تَدومَ عُهودُها
بَعيدَةُ ما بَينَ المُحِبّينَ وَالجَوى
وَمَجموعَةٌ غيدُ اللَيالي وَغيدُها
وَساكِنَةُ الأَرجاءِ يُمرِضُ طَرفُها
وَإِن هِيَ لَم تَعلَم وَيُمرِضُ جيدُها
أَساءَت بِنا إِذ كانَ يَبعُدُ وَعدُها
مِنَ النُجحِ أَحياناً وَيَدنو وَعيدُها
لَها الدَهرُ إِضرارٌ فَإِمّا فِراقُها
مُجِدٌّ لَنا وَجداً وَإِمّا صُدودُها
عَذيرِيَ مِن حارِ بنِ كَعبٍ تَعَسَّفَت
مِنَ الظُلمِ صَعداءً مَهولاً صُعودُها
وَدامَت وَإِن دامَت عَلى عُدَوائِها
فَقائِمُها عَمّا قَليلٍ حَصيدُها
وَما كانَ يَرضى بِالَّذي رَضِيَت بِهِ
لِأَنفُسِها دَيّانُها وَيَزيدُها
وَلِلظُلمِ ما أَمسَت وَعَبدُ يَغوثِها
يُخَزّيهِ غاوي مَذحِجٍ وَرَشيدُها
وَلاقَت عَلى الزابِ الصَغيرِ حُماتُها
حِمامَ المَنايا إِذ عِمادٌ عَميدُها
فَإِن هِيَ لَم تَقنَع بِمَكروهِ ما مَضى
عَلَيها فَعِندَ المُرهَفاتِ مَزيدُها
عَلى أَنَّني أَخشى عَلى دارِ أَمنِها
بَني الرَوعِ تَصطادُ الفَوارِسَ صَيدُها
وَإِن تَجلُبِ المَوتَ الذُعافَ إِلَيهِمِ
كَتائِبُ مِن نَبهانَ مُرٌّ يَقودُها
مُغِذٌّ إِلى الدينَورِ تَحتَ عَجاجَةٍ
تَزاءَرُ في غابِ الرِماحِ أُسودُها
يَهُزُّ سُيوفاً ما تَجِفُّ نِصالُها
وَيَزجُرُ خَيلاً ما تُحَطُّ لُبودُها
وَإِن كَلَّفوهُ أَن يُهينَ كِرامَهُم
فَقَد كَلَّفوهُ خُطَّةً ما يُريدُها
غَدا مُمسِكاً عَنهُم أَعِنَّةَ خَيلِهِ
وَلَو أُطلِقَت كَدَّ النُجومَ كَديدُها
وَمُستَظهِراً بِالعَفوِ مِن قَبلِ أَن تُرى
لَهُ سَطَواتٌ ما يُنادي وَليدُها
فَيُصبِحُ في أَفناءِ سَعدِ بنِ مالِكٍ
وُجوهٌ مِنَ المَخزاةِ سودٌ خُدودُها
أَقيموا بَني الدَيّانِ مِن سُفَهائِكُم
فَقَد طالَ عَن قَصدِ السَبيلِ مَحيدُها
أَما آنَ أَن يَنهى عَنِ الجَهلِ وَالخَنا
قِيامُ المَنايا فيكُمُ وَقُعودُها
قَرابَتُكُم لا تَظلِموها فَتَبعَثوا
عَلَيكُم صُدوراً ما تَموتُ حُقودُها
لَها الحَسَبُ الزاكي الَّذي تَعرِفونَهُ
وَفيها طَريفاتُ العُلا وَتَليدُها
فَلا تَسأَلوها عَن قَديمِ تُراثِها
فَعَسجَدُها مِمّا أَفادَ حَديدُها
ذَوُ النَخِلاتِ الخُضرِ في بَطنِ حائِلٍ
وَفي فَلَجٍ خُطبانُها وَهَبيدُها
وَأَهلُ سُفوحٍ مِن شَمائِلَ تَكتَسي
بِهِم أَرَجاً حَتّى يُشَمَّ صَعيدُها
يَنامونَ عَن أَكفائِهِم وَعَلَيهِمُ
مِنَ اللَهِ نُعمى ما يَنامُ حَسودُها
مَقاماتُهُم أَركانُ رَضوى وَيَذبُلٍ
وَأَيديهِمُ بَأسُ اللَيالي وَجودُها
أَبا خالِدٍ ما جاوَرَ اللَهُ نِعمَةً
بِمِثلِكَ إِلّا كانَ جَمّاً خُلودُها
وَجَدنا خِلالَ الخَيرِ عِندَكَ كُلَّها
وَلَو طُلِبَت في الغَيثِ عَزَّ وُجودُها
وَقَد جَزِعَت جَلدٌ وَلَولاكَ لَم يَكُن
لِيَجزَعَ مِن صَرفِ الزَمانِ جَليدُها
فَأَولِهِمُ نُعمى فَكُلُّ صَنيعَةٍ
رَأَيناكَ تُبديها فَأَنتَ تُعيدُها
قَرابَتُكَ الأَدنَونَ مِن حَيثُ تَنتَمي
وَجيرَتُكَ الداني إِلَيكَ بَعيدُها
أَتَهدِمُ جُرفَيها وَطَودُكَ طَودُها
وَتَنحِتُ فَرعَيها وَعودُكَ عودُها
وَلا غَروَ إِلّا أَن تَكيدَ سَراتَها
وَتَغمِسَ نَصلَ السَيفِ فيمَن يَكيدُها
وَتَنهَضَ في الأَبطالِ تُفني عَديدَها
وَسُؤلُكَ في أَنَّ التُرابَ عَديدُها
إِلَيكَ وُقودُ الحَربِ عِندَ اِبتِدائِها
وَلَيسَ إِذا تَمَّت إِلَيكَ خُمودُها
فَأَقصِر فَفي الإِقصارِ بُقيا فَإِنَّها
مَكارِمُ حَيَّي يَعرُبٍ تَستَفيدُها
وَدونَكَ فَاِختَر في قَبائِلِ مَذحِجٍ
أَتَقهَرُها عَن أَمرِها أَم تَسودُها
أَبَت لَكَ أَن تَأبى المَكارِمَ أُسرَةٌ
أَبوها عَنِ الفِعلِ الدَنِيِّ يَذودُها
وَهَل طَيِّئٌ إِلّا نُجومُ تَوَقَّدَت
عَلى صَفحَتَي لَيلٍ وَأَنتُم سُعودُها
تَطوعُ القَوافِيَ فيكُمُ فَكَأَنَّما
يَسيلُ إِلَيكُم مِن عُلوٍّ قَصيدُها
وَكَم لِيَ مِن مَحبوكَةِ الوَشيِ فيكُمُ
إِذا أُنشِدَت قامَ اِمرُؤٌ يَستَعيدُها