ملامك إنه عهد قريب

التفعيلة : البحر الوافر

مَلامَكَ إِنَّهُ عَهدٌ قَريبُ

وَرُزءٌ ما عَفَت مِنهُ النُدوبُ

تُعَلِّلُني أَضاليلُ الأَماني

بِعَيشٍ بَعدَ قَيصَرَ لا يَطيبُ

تَوَلّى العَيشُ إِذ وَلّى التَصابي

وَماتَ الحُبُّ إِذ ماتَ الحَبيبُ

نَصيبي كانَ مِن دُنيايَ وَلّى

فَلا الدُنيا تُحَسُّ وَلا النَصيبُ

ضَجيعُ مُسَنَّدينَ بِكَفرِ توثى

خُفوتاً مِثلَ ما خَفَتَ الشُروبُ

هُجودٌ لَم يَسَل بِهِمِ حَفِيٌّ

وَلَم تُقلَب لِضَجعَتِهِم جُنوبُ

تُغَلَّقُ دورَهُم عَنهُم عِشاءً

وَقَد عَزّوا بِها زَمَناً وَهيبوا

تُقِضُّ أَضالِعي أَنفاسُ وَجدٍ

لِمُختَضَرٍ كَما اِختُضِرَ القَضيبُ

أُرَثّيهِ وَلَو صَدَقَ اِختِياري

لَكانَ مَكانَ مَرثِيَتي النَسيبُ

وَكُنتُ وَتُربُهُم يُحثى عَلَيهِم

كَنِضوِ الداءِ آيَسَهُ الطَبيبُ

كَفى حَزَناً بِأَنَّ الحُزنَ يَخبو

ذَكِيُّ الجَمرِ عَنهُ وَاللَهيبُ

أَأَنسى مَن يُذَكِّرُنيهِ أَلّا

نَديدَ يَنوبُ عَنهُ وَلا ضَريبُ

وَأَترُكُ لِلثَرى مَن كُنتُ أَخشى

عَلَيهِ العَينَ تومِئُ أَو تَريبُ

وَأَصفَحُ لِلبَلى عَن ضَوءِ وَجهٍ

غَنيتُ يَروعُني مِنهُ الشُحوبُ

وَمِن حَقِّ الأَحِبَّةِ لَو أَجَنَّت

رَمائِمَها الجَوانِحُ وَالقُلوبُ

سَقى اللَهُ الجَزيرَةَ لا لِشَيءٍ

سِوى أَن يَرتَوي ذاكَ القَليبُ

مُلَطٌّ بِالطَريقِ وَلَيسَ يُصغي

لِأَنجِيَةِ الطَريقِ وَلا يُجيبُ

تَعودُ الباكِياتُ مُجاوِريهِ

وَيُزوى النَوحُ عَنهُ وَالنَحيبُ

وَأَيُّهُمُ يُعيرُ عَلَيكَ دَمعاً

وَآلِسُ دونَ أَهلِكَ وَالدُروبُ

وَما كانَت لِتَبعُدَ عَنكَ عَينٌ

سَفوحُ الدَمعِ لَو أَنّي قَريبُ

يُرينيكَ المُنى خَلساً وَأَنّى

بِرُؤيَةِ مَن تُغَيِّبُهُ الغُيوبُ

وَكَيفَ يَؤوبُ مَن تُمضي المَنايا

وَقَد يَمضي الشَبابُ فَما يَؤوبُ

أُلامُ إِذا ذَكَرتُكَ فَاِستَهَلَّت

غُروبُ العَينِ تَتبَعُها الغُروبُ

وَلَو أَنَّ الجِبالَ فَقَدنَ إِلفاً

لَأَوشَكَ جامِدٌ مِنها يَذوبُ

لَعَمري إِنَّ دَهراً غالَ إِلفي

وَمالي لِلخَؤونُ لَنا الشَعوبُ

فَإِن سِتٌّ وَسُتّونَ اِستَقَلَّت

فَلا كَرَّت بِرَجعَتِها الخُطوبُ

لَقَد سَرَّ الأَعادي فِيَّ أَنّي

بِرَأسِ العَينِ مَحزونٌ كَئيبُ

وَأَنّي اليَومَ عَن وَطَني شَريدٌ

بِلا جُرمٍ وَمِن مالي حَريبُ

تَعاظَمَتِ الحَوادِثُ حَولَ حَظّي

وَشُبَّت دونَ بُغيَتِيَ الحُروبُ

عَلى حينِ اِستَتَمَّ الوَهنُ عَظمي

وَأُعطِيَ فِيَّ ما اِحتَكَمَ المَشيبُ

وَقَد يَرِدُ المَناهِلَ مَن يُحَلّا

عَلى ظَمَإٍ وَيَغنَمُ مَن يَخيبُ

وَأَيسَرُ فائِتٍ خَلَفاً سَريعاً

رِقابُ المالِ يُرزَؤُها الكَسوبُ

فَمَن ذا يَسأَلُ البَجَلِيَّ عَمّا

يَذُمُّ مِنَ اِختِياري أَو يَعيبُ

يُعَنِّفُني عَلى بَغَتاتِ عَزمي

وَكُنتُ وَلا يُعَنِّفُني الأَريبُ

وَقَد أَكدى الصَوابُ عَلَيَّ حَتّى

وَدِدتُ بِأَنَّ شانِيَّ المُصيبُ

لَعَلَّ أَخاكَ يَرقُبُ هَل تُطاطي

لَهُ مِنّي النَوائِبُ إِذ تَنوبُ

فَأَينَ النَفسُ ذاتُ الفَضلِ عَمّا

تَسَكَّعُ فيهِ وَالصَدرُ الرَحيبُ

فَأَولى لِلظَلومِ لَوَ أَنَّ نَفسي

بِشَيءٍ مِن مَوَدَّتِهِ تَطيبُ

أَيَغضَبُ أَن يُعاتَبَ بِالقَوافي

وَفيها المَجدُ وَالحَسَبُ الحَسيبُ

وَكَم مِن آمِلٍ هَجوي لِيَحظى

بِذِكرٍ مِنهُ يَصعَدُ أَو يَصوبُ

فَكَيفَ بِسُيَّرٍ مُتنَخَلّاتٍ

تَجوبُ مِنَ التَنائِفِ ما تَجوبُ

يُنافِسُ سامِعٌ فيها أَباهُ

إِذا جَعَلَت بِسُؤدُدِهِ تُهيبُ

بَلَغنَ الأَرضَ لَم يَلغُبنَ فيها

وَبَعضُ الشِعرِ يُدرِكُهُ اللُغوبُ

فَإِلّا تُحسَبِ الحَسَناتُ مِنّا

لِصاحِبِها فَلا تُحصَ الذُنوبُ

أَتوبُ مِنَ الإِساءَةِ إِن أَلَمَّت

وَأَعرِفُ مَن يُسيءُ وَلا يَتوبُ


نوع المنشور:

شارك على :

المنشور السابق

نعتبت دهرا فلما رجع

المنشور التالي

إن ترج طول عبيد الله لا تخب

اقرأ أيضاً

خليلي بالله لا تحفرا

خَليلَيَّ بِاللَهِ لا تَحفِرا لِيَ القَبرَ إِلّا بِقُطرُبُّلِ خِلالَ المَعاصِرِ بَينَ الكُرومِ وَلا تُدنِياني مِنَ السُنبُلِ لَعَلِّيَ أَسمَعُ…