عَهدي بِرَبعِكَ مَأنوساً مَلاعِبُهُ
أَشباهُ آرامِهِ حُسناً كَواعِبُهُ
يُشِبنَ لِلصَبِّ في صَفوِ الهَوى كَدَراً
إِن وَخطُ شَيبٍ أُعيرَتهُ شَوائِبُهُ
إِمّا رَدَدتِ عَنِ الحاجاتِ مُفتَقِداً
جادَ الشَبابِ الَّذي قَد فاتَ ذاهِبُهُ
فَكَم غَنَيتُ أَخا لَهوٍ يُطالِبُني
بِهِ أُناسِيُّ مِمَّن لا أُطالِبُهُ
قَد نَقَّلَت نُوَبُ الأَيّامُ مِن شِيَمي
لِكُلِّ نائِبَةٍ رَأيٌ أُجانِبُهُ
تَجارِبٌ أَبدَلَتني غَيرُ ما خُلُقي
وَتوسِعُ المَرءَ أَبدالاً تَجارِبُهُ
إِذا اِقتَصَرتَ عَلى حُكمِ الزَمانِ فَقَد
أَراكَ شاهِدُ أَمرٍ كَيفَ غائِبُهُ
كَلَّفتَني قَدَراً غَلَّت ضَرورَتُهُ
عَزيمَتي وَقَضاءً ما أُغالِبُهُ
وَظَلتَ تَحسِبَ رَبَّ المالِ مالِكَهُ
عَلى الحُقوقِ وَرَبُّ المالِ واهِبُهُ
وَما جَهِلتَ فَلا تَجهَل مُحاجَزَتي
لِصاحِبِ البابِ يَرمي عَنهُ حاجِبُهُ
الأَرضُ أَوسَعُ مِن دارٍ أُلِطُّ بِها
وَالناسُ أَكثَرُ مِن خِلٍّ أُجاذِبُهُ
أُعاتِبُ المَرءَ فيما جاءَ واحِدَةً
ثُمَّ السَلامُ عَلَيهِ لا أُعاتِبُهُ
وَلَو أَخَفتُ لَئيمَ القَومِ جَنَّبَني
أَذاتَهُ وَصَديقُ الكَلبِ ضارِبُهُ
وَلَن تُعينَ اِمرَأً يَوماً وَسائِلُهُ
إِن لَم تُعِنهُ عَلى حُرٍّ ضَرائِبُهُ
أَلا فَتىً كَأَبي العَبّاسِ يُسعِدُهُ
عَلى النَوالِ فَلا تُكدي مَطالِبُهُ
وَالبَحرُ لَو زيدَ مِثلاً يَستَعينُ بِهِ
لَطَبَّقَ الأَرضَ باديهِ وَثائِبُهُ
مُكَثَّرٌ هِمَّةً في المَكرُماتِ فَما
تُقضى مِنَ الشَرَفِ الأَعلى مَآرِبُهُ
يَضيقُ أَرضاً إِذا فاتَتهُ مَكرُمَةٌ
وَلَم يَبِت ذِكرُها غُنماً يُناهِبُهُ
وَلَن تَرى مِثلَ كِنزِ المَجدِ مُكتَسَباً
يَرعاهُ صَوناً مِنَ الإِنفاقِ كاسِبُهُ
باتَ بنُ بَدرِ لَنا بَدراً نَهُدُّ بِهِ
سُدَّ لِظَلّامٍ إِذا اِمتَدَّت غَياهِبُهُ
مُناكِبٌ لِدَنيآتِ الأُمورِ تُقىً
يَزوَرُّ عَن جانِبِ الفَحشاءِ جانِبُهُ
يُحَبُّ أَن يَتَراءى مِن طَلاقَتِهِ
إِذا اللَئيمُ كَريمُ الوَجهِ قاطِبُهُ
وَعِندَ إِشراقُ ذاكَ البِشرِ دَرءُ شَذاً
كَمُنتَضى السَيفِ آجالٌ مَضارِبُهُ
جِدٌّ يُطارُ فُضاضُ الهَزلِ عَنهُ إِلى
حِلمٍ مُقيمٍ وَبَعضُ الحِلمِ عازِبُهُ
شَديدُ إِحصادِ فَتلِ الرَأيِ يَنكُلُ عَن
جَريٍ إِلى الغايَةِ القُصوى مُخاطِبُهُ
جَنى عَلى نَفسِهِ أَو زادَها سَفَهاً
إِلى الجَهالَةِ مَغرورٌ يُوارِبُهُ
مُطالِبٌ بُغيَةً في كُلِّ مَكرُمَةٍ
مَرحولَةٌ لِتَقَصّيها رَكائِبُهُ
عَبدُ المَدانِ لَهُ جَيشٌ يُسانِدُهُ
بِبنَي جُوانٍ إِذا جاشَت حَلائِبُهُ
فَفي العُمومَةِ سَعدٌ أَو عَشيرَتُهُ
وَفي الخُؤولَةِ كِسرى أَو مَرازِبُهُ
قَومٌ إِذا أَخَذوا لِلحَربِ أُهبَتَها
رَأَيتَ أَمراً قَدِ اِحمَرَّت عَواقِبُهُ
يُرَنِّقُ النَسرُ في جَوِّ السَماءِ وَقَد
أَوما إِلَيهِ شُعاعُ الشَمسِ ياذِبُهُ
إِن كانَ عِندَكَ خَيرُ القَولِ صادِقُهُ
فَواجِبٌ أَنَّ شَرَّ القَولِ كاذِبُهُ
وَما حَبَوتَ أَبا العَبّاسِ مَنقَبَةً
في المَدحِ حَتّى اِستَحَقَّتها مَناقِبُهُ
وَما تَبَرَّعتُ بِالتَقريظِ مُبتَدِئً
حَتّى اِقتَضَتني فَأَحفَتني مَواهِبُهُ
دُرٌّ مِنَ الشِعرِ لَم يَظلِمهُ ناظِمُهُ
وَلَم يَزُغ مُخطِىءَ التَوسيطِ ثاقِبُهُ
فيهِ إِذا ما أَضَلَّتهُ العُقولُ هُدىً
هُدى أَخي اللَيلِ أَدَّتهُ كَواكِبُهُ
اللَهُ جارَكَ جارٌ لِلحَريبِ وَإِن
غَدا وَراحَ لَنا وَالجودُ حارِبُهُ
أَزائِدي أَنتَ في جَدواكَ مُنتَسِباً
إِلى الوَجيهِ وَجيهاتٌ مَناسِبُهُ
يَختالُ في مَشيِهِ حَتّى يُزايِدَهُ
إِلى المَخيلَةِ دونَ الرَكبِ راكِبُهُ
وَلَن تَفوتَ المُغالي في المَديحِ بِهِ
حَتّى أَفوتَ عَلَيهِ مَن أُواكِبُهُ