عارضننا أصلا فقلنا الربرب

التفعيلة : البحر الكامل

عارَضنَنا أُصُلاً فَقُلنا الرَبرَبُ

حَتّى أَضاءَ الأُقحُوانُ الأَشنَبُ

وَاِخضَرَّ مَوشِيُّ البُرودِ وَقَد بَدا

مِنهُنَّ ديباجُ الخُدودِ المُذهَبُ

أَومَضنَ مِن خَلَلِ الخُدورِ فَراعَنا

بَرقانِ خالٌ ما يُنالُ وَخُلَّبُ

وَلَوَ اَنَّني أَنصَفتُ في حُكمِ الهَوى

ماشِمتُ بارِقَةً وَرَأسي أَشيَبُ

وَلَقَد نَهَيتُ الدَمعَ يَومَ سُوَيقَةٍ

فَأَبَت غَوالِبُ عَبرَةٍ ماتُغلَبُ

وَوَراءَ تَسدِيَةِ الوُشاةِ مَلِيَّةٌ

بِالحُسنِ تَملُحُ في القُلوبِ وَتَعذُبُ

كَالبَدرِ إِلّا أَنَّها لا تُجتَلى

وَالشَمسِ إِلّا أَنَّها لا تَغرُبُ

راحَت لِأَربُعِكِ الرِياحُ مَريضَةً

وَأَصابَ مَغناكِ الغَمامُ الصَيِّبُ

سَأَعُدُّ ما أَلقى فَإِن كَذَّبتِني

فَسَلي الدُموعَ فَإِنَّها لا تَكذِبُ

أَعرَضتِ حَتّى خِلتُ أَنّي ظالِمٌ

وَعَتَبتِ حَتّى قُلتُ أَنّي مُذنِبُ

عَجَباً لِهَجرِكِ قَبلَ تَشتيتِ النَوى

مِنّا وَوَصلُكِ في التَنائي أَعجَبُ

كَيفَ اِهتَدَيتِ وَما اِهتَدَيتِ لِمُغمَدٍ

في لَيلِ عانَةَ وَالثُرَيّا تُجنَبُ

عَفَتِ الرُسومُ وَما عَفَت أَحشاؤُهُ

مِن عَهدِ شَوقٍ ما يَحولُ فَيَذهَبُ

أَتَرَكتِهِ بِالحَبلِ ثُمَّ طَلَبتِهِ

بِخَليجِ بارِقَ حَيثُ عَزَّ المَطلَبُ

مِن بَعدِ ما خَلُقَ الهَوى وَتَعَرَّضَت

دونَ اللِقاءِ مَسافَةٌ ما تَقرُبُ

وَرَمَت بِنا سَمتَ العِراقِ أَيانِقٌ

سُحمُ الخُدودِ لُغامُهُنَّ الطُحلُبُ

مِن كُلِّ طائِرَةٍ بِخَمسِ خَوافِقٍ

دُعجٍ كَما ذُعِرَ الظَليمُ المُهذِبُ

يَحمِلنَ كُلَّ مُفَرَّقٍ في هِمَّةٍ

فُضُلٍ يَضيقُ بِها الفَضاءُ السَبسَبُ

رَكِبوا الفُراتَ إِلى الفُراتِ وَأَمَّلوا

جَذلانَ يُبدِعُ في السَماحِ وَيُغرِبُ

في غايَةٍ طُلِبَت فَقَصَّرَ دونَها

مَن رامَها فَكَأَنَّها ما تُطلَبُ

كَرَماً يُرَجّى مِنهُ مالا يُرتَجى

عُظماً وَيوهَبُ فيهِ مالا يوهَبُ

أَعطى فَقيلَ أَحاتِمٌ أَم خالِدٌ

وَوَفى فَقيلَ أَطَلحَةٌ أَم مُصعَبُ

شَيخانِ قَد عَقَدا لِقائِمِ هاشِمٍ

عَقدَ الخِلافَةِ وَهيَ بِكرٌ تُخطَبُ

نَقَضا بِرَأيِهِما الَّذي سَدّى بِهِ

لِبَني أُمَيِّةَ ذو الكَلاعِ وَحَوشَبُ

فَهُما إِذا خَذَلَ الخَليلُ خَليلَهُ

عَضُدٌ لِمُلكِ بَني الوَلِيِّ وَمَنكِبُ

وَعَلى الأَميرِ أَبي الحُسَينِ سَكينَةٌ

في الرَوعِ يَسكُنُها الهِزَبرُ الأَغلَبُ

وَلِحَربَةِ الإِسلامِ حينَ يَهُزُّها

هَولٌ يُراعُ لَهُ النِفاقُ وَيَرهَبُ

تِلكَ المُحَمِّرَةُ الَّذينَ تَهافَتوا

فَمُشَرِّقٌ في غَيِّهِ وَمُغَرِّبُ

وَالخُرَّمِيَّةُ إِذ تَجَمَّعَ مِنهُمُ

بجِبالِ قُرّانَ الحَصى وَالأَثلَبُ

جاشوا فَذاكَ الغَورُ مِنهُم سائِلٌ

دُفَعاً وَذاكَ النَجدُ مِنهُم مُعشِبُ

يَتَسَرَّعونَ إِلى الحُتوفِ كَأَنَّها

وَفرٌ بِأَرضِ عَدُوِّهِم يُتَنَهَّبُ

حَتّى إِذا كادَت مَصابيحُ الهُدى

تَخبو وَكادَ مُمَرُّهُ يُتَقَضَّبُ

ضَرَبَ الجِبالَ بِمِثلِها مِن رَأيِهِ

غَضبانُ يَطعَنُ بِالحِمامِ وَيَضرِبُ

أَوفى فَظَنّوا أَنَّهُ القَدَرُ الَّذي

سَمِعوا بِهِ فَمُصَدِّقٌ وَمُكَذِّبُ

ناهَضتَهُم وَالبارِقاتُ كَأَنَّها

شُعَلٌ عَلى أَيديهُمُ تَتَلَهَّبُ

وَوَقَفتَ مَشكورَ المَكانِ كَريمَهُ

وَالبيضُ تَطفو في الغُبارِ وَتَرسُبُ

ما إِن تَرى إِلّا تَوَقُّدَ كَوكَبٍ

في قَونَسٍ قَد غارَ فيهِ كَوكَبُ

فَمُجَدَّلٌ وَمُرَمَّلٌ وَمُوَسَّدٌ

وَمُضَرَّجٌ وَمُضَمَّخٌ وَمُخَضَّبُ

سُلِبوا وَأَشرَقَتِ الدِماءُ عَلَيهِمُ

مُحمَرَّةً فَكَأَنَّهُم لَم يُسلَبوا

وَلَوَ اَنَّهُم رَكِبوا الكَواكِبَ لَم يَكُن

لِمُجِدِّهِم مِن أَخذِ بَأسِكَ مَهرَبُ

وَشَدَدتَ عَقدَ خِلافَتَينِ خِلافَةً

مِن بَعدِ أُخرى وَالخَلائِفُ غُيَّبُ

حينَ التَوَت تِلكَ الأُمورُ وَرُجِّمَت

تِلكَ الظُنونُ وَماجَ ذاكَ الغَيهَبُ

وَتَجَمَّعَت بَغدادُ ثُمَّ تَفَرَّقَت

شِيَعاً يُشَيِّعُها الضَلالُ المُصحِبُ

فَأَخَذتَ بَيعَتَهُم لِأَزكى قائِمٍ

بِالسَيفِ إِذ شَغِبوا عَلَيكَ فَأَجلَبوا

وَاللَهُ أَيَّدَكُم وَأَعلى ذِكرَكُم

بِالنَصرِ يُقرَأُ في السَماءِ وَيُكتَبُ

وَلَأَنتُمُ عُدَدُ الخِلافَةِ إِن غَدا

أَو راحَ مِنها مَجلِسٌ أَو مَوكِبُ

وَالسابِقونَ إِلى أَوائِلِ دَعوَةٍ

يَرضى لَها رَبُّ السَماءِ وَيَغضَبُ

وَمُظُفَّرونَ إِذا اِستَقَلَّ لِواءُهُم

بِالعِزِّ أَدرَكَ رَبُّهُ ما يَطلُبُ

جَدٌّ يَفوتُ الريحَ في دَرَكِ العُلا

سَبقاً إِذا وَنَتِ الجُدودُ الخُيَّبُ

ما جُهِّزَت راياتُكُم لِمُخالِفٍ

إِلّا تَهَدَّمَ كَهفُهُ المُستَصعَبُ

وَإِذا تَوَثَّبَ خالِعٌ في جانِبٍ

ظَلَّت عَلَيهِ سُيوفُكُم تَتَوَثَّبُ

وَإِذا تَأَمَّلتُ الزَمانَ وَجَدتُهُ

دُوَلاً عَلى أَيديكُمُ تَتَقَلَّبُ


نوع المنشور:

شارك على :

المنشور السابق

رحلوا فأية عبرة لم تسكب

المنشور التالي

أيها الأعرج المحجب مهلا

اقرأ أيضاً