دهش الفؤاد فكان أن يتفطّرا

التفعيلة : البحر الكامل

دهش الفؤاد فكان أن يتفطّرا

والدّمع فاض ولم يزل متحدّرا

فتنكّد العيش الهنئ واظلم الوقت

المضيء لوقته وتكدّرا

وتوالت الأحزان طرّاً وانقضت

عنّا أويقات السرور كما ترى

والهمِّ والغمِّ الممضّ تجدّدا

والأنس ولَّى بالسّرور وأدبرا

كلّ القلوب تنغّصت وتفتت

لمّا نعى الشهم الهزير بلا مرا

العالم المفضال شيخ العصر بل

نور الزّمان لمن غدا متدبّرا

عالي المقام علي ابن محمد

جالي القتام إذا الزّمان تنكّرا

من فاق أهل العلم من أقرانه

بمآثر وفضائل لن تُحصرا

فهو الكريم لمن أتى يبغي الندى

والبدر في أوج الكمال إذا سرى

ذو همّة تعلو الثريا رفعة

وعزيمة عنها الشجاع تقهقرا

وفصاحة وبراعة وبلاغة

خصّت به والغير عنها تأخّرا

هو قطبنا الحاوي لكلّ فضيلة

لا غرو كلّ الصيد في جوف الفرا

أسفي على ذاك الإمام المنتقى

مبدي الصواب إذا اللبيب تحيّرا

رزء تكاد الأرض ترجف دهشةً

والنّاس كادت أن تموت تحسّرا

أسفي على ركن العلوم ورأسها

أسفي على من للدروس مقرّرا

من للتلامذة العفاة مساعداً

من للسؤال موضّحاً ومفسّرا

من للنصيحة باذلاً بتواضع

من في دجى الليل البهيم منوّرا

من للنواهي المعضلات مفرّجاً

من للضعيف المستجير مؤازرا

من آمراً بالعرف حقاً بعدة

وعن المناكر زاجراً ومحذرا

إن المجالس والمحافل أظلمت

لمماته والجوّ عاد مغبراً

فبكت عليه الأنس حزناً بعدما

هتفت به الجنّ المنيعة في العرا

وبكى عليه الدّرس عطّل نحره

والعلم يندبه بدمع أحمرا

والليل أظلم مذ نعى محبوبه

إذ كان يحيى قلبه متفكرا

يا دهر قد أفجعتنا بوفاة من

قد كان كهف اللائذين بلا مرا

يا قبر قد واريت طوداً باذخاً

عجباً لطود ساخ في وسط الثرى

إن تسترنّ الجسم عنا قد بقت

منه علوم بثها لن تسترا

فحياته موجودة بعلومه

والجسم عاد إلى التراب كما ترى

فلقد رضينا ما قضى المولى على

كل الورى ممن قضى وتأخرا

لا بدّ للمخلوق أن يتجرعن

كاس الحمام فكن إذاً متصبرا

يا ربِّ فاسكنه الجنان منعماً

بجوار أحمد خير أصناف الورى

ثم الصلاة مع السلام عليه ما

غنّى الحمائم فوق غصن أخضرا

والآل والأصحاب ما بدر بدا

في الأفق معترضاً وما ركب سرى


نوع المنشور:

شارك على :

المنشور السابق

فرح الزمان فضاء بالأنوار

المنشور التالي

مهلاً فهذا المنى قد جاء والوطر

اقرأ أيضاً