أَلا أَبلِغ بَني عَوفِ بنِ كَعبِ
وَهَل قَومٌ عَلى خُلُقٍ سَواءُ
عُطارِدَها وَبَهدَلَةَ بنَ عَوفٍ
فَهَل يَشفي صُدورَكُمُ الشِفاءُ
أَلَم أَكُ نائِياً فَدَعَوتُموني
فَجاءَ بِيَ المَواعِدُ وَالدُعاءُ
أَلَم أَكُ جارَكُم فَتَرَكتُموني
لِكَلبي في دِيارِكُمُ عُواءُ
وَآنَيتُ العَشاءَ إِلى سُهَيلٍ
أَوِ الشِعرى فَطالَ بِيَ العَشاءُ
وَلَمّا كُنتُ جارَكُمُ أَبَيتُم
وَشَرُّ مَواطِنِ الحَسَبِ الإِباءُ
وَلَمّا كُنتُ جارَهُمُ حَبَوني
وَفيكُم كانَ لَو شِئتُم حِباءُ
وَلَمّا أَن مَدَحتُ القَومَ قُلتُم
هَجَوتَ وَما يَحِلُّ لَكَ الهِجاءُ
أَلَم أَكُ مُحرِماً وَيَكونَ بَيني
وَبَينَكُمُ المَوَدَّةُ وَالإِخاءُ
فَلَم أَشتُم لَكُم حَسَباً وَلَكِن
حَدَوتُ بِحَيثُ يُستَمَعُ الحُداءُ
فَلا وَأَبيكَ ما ظَلَمَت قُرَيعٌ
بِأَن يَبنوا المَكارِمَ حَيثُ شاؤوا
فَلا وَأَبيكَ ما ظَلَمَت قُرَيعٌ
وَلا بَرِموا لِذاكَ وَلا أَساؤوا
بِعَثرَةِ جارِهِم أَن يَجبَروها
فَيَغبُرَ حَولَهُ نَعَمٌ وَشاءُ
فَيَبني مَجدَها وَيُقيمَ فيها
وَيُمشي إِن أُريدَ بِهِ المَشاءُ
وَإِنَّ الجارَ مِثلُ الضَيفِ يَغدو
لِوِجهَتِهِ وَإِن طالَ الثَواءُ
وَإِنّي قَد عَلِقتُ بِحَبلِ قَومٍ
أَعانَهُمُ عَلى الحَسَبِ الثَراءُ
هُمُ المُتَضَمِّنونَ عَلى المَنايا
بِمالِ الجارِ ذَلِكُمُ الوَفاءُ
هُمُ الآسونَ أُمَّ الرَأسِ لَمّا
تَواكَلَها الأَطِبَّةُ وَالإِساءُ
هُمُ القَومُ الَّذينَ إِذا أَلَمَّت
مِنَ الأَيّامِ مُظلِمَةٌ أَضاؤوا
هُمُ القَومُ الَّذينَ عَلِمتُموهُم
لَدى الداعي إِذا رُفِعَ اللِواءُ
إِذا نَزَلَ الشِتاءُ بِدارِ قَومٍ
تَجَنَّبَ دارَ بَيتِهِمُ الشِتاءُ
فَأَبقوا لا أَبا لَكُمُ عَلَيهِم
فَإِنَّ مَلامَةَ المَولى شَقاءُ
فَإِنَّ أَباهُمُ الأَدنى أَبوكُم
وَإِنَّ صُدورَهُم لَكُمُ بُراءُ
وَإِنَّ سُعاتَهُم لَكُمُ سُعاةٌ
وَإِنَّ نَمائَهُم لَكُمُ نَماءُ
وَإِنَّ سَنائَهُم لَكُمُ سَناءٌ
وَإِنَّ وَفائَهُم لَكُمُ وَفاءُ
وَإِنَّ بَلائَهُم ما قَد عَلِمتُم
عَلى الأَيّامِ إِن نَفَعَ البَلاءُ
وَثَغرٍ لا يُقامُ بِهِ كَفَوكُم
وَلَم يَكُ دونَهُم فيكُم كِفاءُ
بِجُمهورٍ يَحارُ الطَرفُ فيهِ
يَظَلُّ مُعَضِّلاً مِنهُ الفَضاءُ
وَلَمّا أَن دَعَوتُ لَهُ بَغيضاً
أَتاني حينَ أَسمَعَهُ الدُعاءُ
فَضَلتَ بِخَصلَتَينِ عَلى رِجالٍ
وَرِثتَهُما كَما وُرِثَ الوَلاءُ
فَجُدتَ بِنائِلٍ سَبِطٍ جَزيلٍ
تُخالِطُهُ الحَفيظَةُ وَالحَياءُ
فَأَمضى مِن سِنانٍ أَثرَبيٍّ
طَعَنتَ بِهِ إِذا كُرِهَ المَضاءُ
إِذا بَهَشَت يَداهُ إِلى كَمِيٍّ
فَلَيسَ لَهُ وَإِن زُجِرَ اِنتِهاءُ
وَقَد قالَت أُمامَةُ هَل تَعَزّى
فَقُلتُ أُمامَ قَد غُلِبَ العَزاءُ
إِذا ما العَينُ فاضَ الدَمعُ مِنها
أَقولُ بِها قَذىً وَهُوَ البُكاءُ
إِذا ما المَرءُ باتَ عَلَيهِ وَكفٌ
مِنَ الحِدثانِ لَيسَ لَهُ كِفاءُ
لَعَمرُكَ ما رَأَيتُ المَرءَ تَبقى
طَريقَتُهُ وَإِن طالَ البَقاءُ
عَلى رَيبِ المَنونِ تَداوَلَتهُ
فَأَفنَتهُ وَلَيسَ لَها فَناءُ
إِذا ذَهَبَ الشَبابُ فَبانَ مِنهُ
فَلَيسَ لِما مَضى مِنهُ لِقاءُ
يَصَبُّ إِلى الحَياةِ وَيَشتَهيها
وَفي طولِ الحَياةِ لَهُ عَناءُ
فَمِنها أَن يُقادَ بِهِ بَعيرٌ
ذَلولٌ حينَ تَهتَرِشُ الضِراءُ
وَمِنها أَن يَنوءَ عَلى يَدَيهِ
وَيَنهَضَ في تَراقيهِ اِنحِناءُ
وَيَأخُذُهُ الهِداجُ إِذا هَداهُ
وَليدُ الحَيِّ في يَدِهِ الرِداءُ
وَيَنظُرُ حَولَهُ فَيَرى بَنيهِ
حِواءً مِن وَرائِهِمِ حِواءُ
وَيَحلِفُ حَلفَةً لِبَني بَنيهِ
لَأَمسَوا مُعطِشينَ وَهُم رِواءُ
وَيَأمُرُ بِالجِمالِ فَلا تُعَشّى
إِذا أَمسى وَإِن قَرُبَ العَشاءُ
إِذا كانَ الشِتاءُ فَأَدفِؤوني
فَإِنَّ الشَيخَ يَهدِمُهُ الشِتاءُ
وَأَمّا حينَ يَذهَبُ كُلُّ قَرٍّ
فَسِربالٌ خَفيفٌ أَو رِداءُ
تَقولُ لَهُ الظَعينَةُ أَغنِ عَنّي
بَعيرَكَ حينَ لَيسَ بِهِ غَناءُ