سَقى أَريِحاءَ الغَيثُ وَهيَ بَغيضَةٌ
إِلَيَّ وَلَكِن بي لِيُسقاهُ هامُها
مِنَ العَينِ مُنحَلُّ العَزالي تَسوقُهُ
جَنوبٌ بِأَنضادٍ يَسُحُّ رُكامُها
إِذا أَقلَعَت عَنها سَماءٌ مُلِحَّةٌ
تَبَعَّجَ مِن أُخرى عَلَيكَ غَمامُها
فَبِتُّ بِدَيرَي أَريِحاءَ بِلَيلَةٍ
خُدارِيَّةٍ يَزدادُ طولاً تَمامُها
أُكابِدُ فيها نَفسُ أَقرَبِ مَن مَشى
أَبوهُ لِنَفسٍ ماتَ عَنّي نِيامُها
وَكانَ إِذا أَرضٌ رَأَتهُ تَزَيَّلَت
لِرُؤيَتِهِ صَحراؤُها وَإِكامُها
تَرى مَزِقَ السِربالِ فَوقَ سَمَيدَعٍ
يَداهُ لِأَيتامِ الشِتاءِ طَعامُها
عَلى مِثلِ نَصلِ السَيفِ مَزَّقَ غِمدَهُ
مَضارِبُ مِنهُ لا يُفَلَّ حُسامُها
وَكانَت حَياةَ الهالِكينَ يَمينُهُ
وَلِلنَيبِ وَالأَبطالِ فيها سِمامُها
وَكانَت يَداهُ المِرزَمَينِ وَقِدرُهُ
طَويلاً بِأَفناءِ البُيوتِ صِيامُها
تَفَرَّقُ عَنها النارُ وَالنابُ تَرتَمي
بِأَعصابُها أَرجاؤُها وَاِهتِزامُها
جِماعٌ يُؤَدّي اللَيلُ مِن كُلِّ جانِبٍ
إِلَيها إِذا وارى الجِبالَ ظَلامُها
يَتامى عَلى آثارِ سودٍ كَأَنَّها
رِئالٌ دَعاها لِلمَبيتِ نَعامُها
لِمَن أَخطَأَتهُ أَريِحاءُ لَقَد رَمَت
فَتىً كانَ حَلّالَ الرَوابي سِهامُها