زَاحفتُ أيامي وزاحفنني
دهراً فلم أنكل ولم تنكل
لا عزمها واهٍ ولا عزمتي
تصادَمَ الجندلُ بالجندلِ
رمت فلم تُبقِ على مفصِلٍ
لكنَّها طاشَت عن المقتلِ
وليتَها أصمت فما أبتغي
من عيشها إن أنا لم أقتلِ
لا خير في الصبر على غمرَةٍ
لا يأمَلُ الصابِرُ أن تنجلي
صبرتُ في البأساءِ صَبرَ الذي
قِيدَ إلى القتل فلم يحفِل
لا فضلَ في الصبرِ لمستسلمٍ
عي عن الفعلِ فلم يفعَلِ
عِشرونَ عاماً لم تَحُل حالتي
ما أشبه الآخرَ بالأَوّلِ
أغدُو إلى المَعمل في شَملَةٍ
خَرقَاءَ لم تَكسُ ولَم تَشمَل
تنمُّ عن جِسمي كما نَمّ عَن
نَفسِي غزيرُ المدمَع المُرسَلِ
كأنَّها بُرقعُ مِصريةٍ
لا يَحجُبُ الوجه عن المُجتلى
يميلُ بي الهمُّ مَمِيلَ النَّقَا
بين جنوبِ الرّيح والشَمأَل
فمن رآنِي ظنَّ بي نشوةً
أجل بكأسِ الحُزنِ لا السّلسَل
أَقضى نهاري مُقبلاً مُدبراً
كأنَّني الآلةُ في المَعمل
وصاحبُ المَعمل لا يرتَضي
منِّي بِغَيرِ الفادِح المُثقِل
فإِن شكوتُ النَّزر مِن أُجرةٍ
برَّح بي شتما ولم يَجمُل
حتَّى إذا عدتُ إلى مِنزلي
وجدتُ سوءَ العَيشِ في المنزلِ
أرى أيامي يَشتكينَ الطَّوى
إلى يتامى جُوَّعٍ نُحَّلِ
أبيتُ والأجفانُ في سُهدها
كأنَّما شُدَّت إلى يَذبُلِ
بين صغارٍ سُهَّدٍ في الدجى
يُذرون دمع الثاكِل المُرمِل
بين ضعيفِ الخطوِ لم يَعتَمد
وشاخص في المهد لم يحول
يدعون أما تتلظى أسى
حذارَ يوم الحادث المثكل
ووالداً عيا بإسعافهم
في العيش عي الفارس الأعزلِ
ما زال ريب الدهر ينتابني
بالمعضل الفادح فالمعضلِ
حتى رماني بالتي لم تدع
إلا بقايا الروح في هيكَلِ
فها أنا اليومَ طريحُ الضنى
وليس غيرَ الصبر من معقل
في لفحةِ الرمضاءِ لا أتقي
وهبةِ النكباءِ لا أصطلي
هذا هو البؤسُ فهل من فتىً
تم له في البؤس ما تم لي
فيا قرير العين في دهره
عش ناعماً في جدكِ المُقبلِ
واسقِ مواتي قطرةً فَذَّةً
من بينِ ذاك العارضِ المُسبلِ
وارحم صغاراً كفراخ القطا
من نادِبٍ حولي ومن مُعوِلِ
أحسِن إليهم بحياتي وفُز
فيهم بأجر المنعم المفضِلِ
قد بح صوتي وانقضى خاطري
ونالَ ذاك النحسُ من مقولي