نحن من أرضنا على منطاد

التفعيلة : البحر الخفيف

نحن من أرضنا على منطاد

جائلٍ في شواسع الأبعاد

طائرٍ في الفضاء عرضاً وطولاً

بجناح من القوى غير باد

أيها الأرض سرتِ سيرك مثنى

ذا نتاجين في زمان أحاد

فتقلبت في نهار وليل

ذا مضلٌ وذاك للناس هاد

في بلاد يكون سيرك تأوي

باً على أنه سرىً في بلاد

فيك دفع وفيك يا أرض جذب

لكِ ذا سائق وذا لك حاد

فلك دائر على الشمس طوراً

في اقتراب وتارة في ابتعاد

ليت شعري وما حصلت من الآ

راء إلاّ على خلاف السداد

لبقاءٍ تقلنا الأرض في تس

يارها أم تقلنا لنفاد

نحن في عالم تقصف فيه

عارض النائبات بالإرعاد

شأننا العجز فيه توجد أنّى

قذفتنا يد الخطوب الشداد

ضاع جذر الحياةعنا فخلنا

أنها كالأصمّ في الاعداد

شغلتنا الدنيا بلهوٍ ولعبٍ

فغفلنا والموت بالمرصاد

ضلّ من رام راحةً في حياة

نحن منها في معرك وجلاد

إنما هذه الحياة جروحٌ

أثخنتنا والموت مثل الضِماد

كل أسر يهون إن أطلقت أر

واحنا الموثقات بالأجساد

لا تملني إذا جزعت فإني

ما ملكت الخيار في إيجادي

طال عتبي على عدات الليالي

مثلما طال مطلها بمرادي

كدّرت عيشي الحوادثُ حتى

لا أرى الصفو غير وقت الرقاد

صاح ما دلّ في الأمور على الأش

كال إلا تفحّص الأضداد

فاعتبر بالسفيه تمس حليماً

وتعرف بالغي طرق الرشاد

واللبيب الذي تعلَّم إتيا

ن المعالي من خسّة الأوغاد

أيها الغِرّ لا تغرّك دنيا

ك بكون مصيره لفساد

خفّ من غاص في الغرور كما في

لجّة الماء حفّ ثقل الجماد

يا خليليّ والخليل المواسي

منكما من يقوم في أسعادي

خاب قوم أتوا وغى العيش عزلاً

من سلاحي تعاون واتحاد

قد جَفتَنا الدنيا فهلاّ اعتصمنا

من جفاء الدنيا بحبل وِداد

لو عقلنا لما اختشى قط محسو

دون وقع الأذاة من حسّاد

فمتاع الحياة أحقر من أن

يستفزّ القلوب بالأحقاد

أنا والله لا أريد بأن أو

قع شراً ولو على من يعادي

أن لي أن سمعت أنّة محزو

نٍ أنيناً مرجّعاً في فؤادي

إن نفسي عن همّها ذات شغلٍ

بهموم العباد كلّ العباد

لا أحبّ النسيم إلا إذا هب

ب على كل حاضر أو بادي

أيها الناس إن ذا العصر عصر ال

علم والجد في العلا والجهاد

عصر حكم البخار والكهربائي

ة والماكنات والمنطاد

بُنيت فيه للعلوم المباني

واقيمت للبحث فيها النوادي

فاض فيض العلوم بالرغم ممّن

ضربوا دونهنّ بالأسداد

إن للعلم في الممالك سيراُ

مثل سير الضياء في الأبعاد

أطلع الغربُ شمسَه فحبا الشر

قَ اقتباساً من نورها الوقاد

إن للعلم دولةً خضعت دو

ن علاها عوالم الأضداد

ما استفاد الفتى وإن ملك الأر

ض بأعلى من علمه المستفاد

لا تسابق في حلبة العزّ ذا العل

م فما للهجين شأو الجواد

إن أموات أمة العلم أحيا

ءٌ حياة الأرواح والأجساد

وكأيّن في الناس من ذي خمول

صار بالعلم كعبة القُصّاد

ربّ يوم وردت دجلة فيه

مَورداً خالياً عن الوراد

حيث ينصبّ في سكوتٍ عميق

ماؤها لاثماً ضغاف الوادي

وهبوب النسيم يكتب في الما

ء سطوراً مهتزّة في إطراد

ينمحي بعضها ويظهر بعضٌ

فهي تنساب بين خاف وباد

وتئنّ المياه لي بخرير

كأنين السقيم للعُوّاد

قمت في وجهها اردّد طرفي

ساكتاً والضمير منّي ينادي

واقفاً تحت سرحةٍ ناح فيها

طائر فوق غصنها الميّاد

منشداُ في النواح شعراً غَرِيز

ياًحزيناً كأنه إنشادي

جاوبته أفنانها بأنين

من حفيف الأوراق والأعواد

أيها الطائر المُرَجّع فوق الغص

ن هل أنت نائح أم شاد

بين ماءٍ جارٍ ولحن شجيّ

منك يا طائر استطير فؤادي

يا مياهاً جرت بدجلة تجتا

ز مروراً بجانبي بغداد

إن نفسي إلى الحقيقة عطشى

أفتشفين غلّةً من صاد

كنت تجرين والرُصافة والكر

خ خلاءٌ من رائح أو غاد

أيها الماء أين تجري ضياعاً

وحواليك قاحلات البوادي

فمتى تفطن النفوس فتحيا

بك سقياً موات هذي البلاد

لو زرعنا بك البقاع حبوباً

لحصدنا النضار يوم الحصاد

أنت والله عسجد ولجين

لو أتينا الأمور باستعداد

فاجرِ يا ماء إن جربتَ رويداً

بأناةٍ ومهلةٍ واتئاد

علّنا نستفيق من رقدة الفق

ر فنَغنَى بفيضك المزداد

سلكتك السما ينابيع في الأر

ض أمدتك أيّما امداد

فتفجرت في السفوح عيوناً

نبعت من مخازن الأطواد

وإذا ما انتهيت في جريان

عدت للبدء في متون الغوادي

هكذا دار دائر الكون من حي

ث انتهى عاد راجعاً للمبادي


نوع المنشور:

شارك على :

المنشور السابق

من أين من أين يا ابتدائي

المنشور التالي

أجدك يا كواكب لا ترينا

اقرأ أيضاً