أجدك يا كواكب لا ترينا

التفعيلة : البحر الوافر

أجدَّكِ يا كواكب لا ترينا

بيانًا منك يُخبِرُنا اليقينا؟

كأن العالم العُلوِيَّ سِفرٌ

نطالعهُ ولسنا مفصحينا

نحاول منه إعراب المعاني

بتأويل فنرجع مُعْجِمِينا

كواكب في المجرة عائماتٌ

حكت في بحر فسحتها السفينا

سرت زُهْرُ النجوم وما دراها

فلاسفة مضت ومنجمونا

شموس في السماء عَلتْ وجلَّت

فظنوا في حقيقتها الظنونا

سوابحَ في الفضاء لها شئونٌ

ولمَّا يعلموا تلك الشئونا

وما ارتجفت بجُنح الليل إلا

لتضحك فيه مما يزعمونا

لعلَّ لها بهذا الجو شأنًا

سِوى ما نحن فيه مُرجمونا

تلوح على الدجى متلألئات

فتُبْهِج في تلألُئها العيونا

وأنَّى يدرك الرائي مداها

وإن ألقى لها نظرًا شفونا؟!

تودُّ الغانيات إذا رأتها

لو انتظمت لها عِقْدًا ثمينا

تقَلدُه على اللَّبَّات منها

وتطَّرح الدمالج والبُرينا

**

**

أَلِكْني يا ضياءُ إلى الدراري

رسالةَ مُسهِرٍ فيها الجفونا

لعلَّك راجع منها جوابًا

يزيل عمايةَ المتحيرينا

فقل، إني تحيَّر فيك فكري

كذاك تحير المتفكرونا

فيا أمَّ النجوم وأنتِ أمٌّ

أيولد فيك كالأرض البنونا؟

وهل فيك الحياة لها وجود

فيمكن للرَّدى بك أن يكونا؟

وهل بك مثل هذي الأرض أرضٌ

وفيها مثلنا متخالفونا؟

وهل هم مثلنا خُلقًا وخَلقًا

هناك فيأكلون ويشربونا؟

وهل هم في الديانة من خلاف

نصارى أو يهود ومسلمونا؟

وهل طابت حياة بنيك عيشًا

ففوق الأرض نحن معذبونا؟

وهل حُسِبت بك الأيام حتى

تألَّف من تعاقبها السنونا؟

وهل بالموت نحن إذا خرجنا

عن الأجساد نحوك مرتقونا؟

فتبقى عندك الأرواحُ منَّا

تُصان فلا ترى جَنَفًا وهُونًا

فأحْبِبْ بالمنون إذن وأحبِب

بها إن كان سُلَّمك المنونا!

**

**

أبيني ما وراءَك يا دراري

فنحن نخاله بعدًا شَطونا

قد اتسع الفضاءُ لك اتساعًا

فهل أبعاده بك ينتهينا؟

وصغَّرك ابتعادك فيه حتى

إليك استشرف المتشوِّفونا

فهل كان ابتعادك من دلال

علينا أم بعدت لتخدعينا؟

خوالد في فضائك أنت؟ أم قد

يحلُّ بك الفناءُ فتذهبينا؟

وقالوا: ما لعدَّتك انتهاءٌ

فهل صدقوا أو ارتكبوا المجونا؟

وقالوا: الأرضُ بنتك غيرَ مَيْن

فهل أبناءُ بنتك يصدقونا؟

وقالوا: إن والدك المفدَّى

أثيرٌ في الفضاء أبى السكونا

ترصَّدك الأنام وما أتانا

بعلم كيانك المترصدونا

«فهرشل» ما شفى منا غليلًا

ولا «غاليلُ» أنبأنا اليقينا

و «كبلر» قد هدى أو كاد لما

أبانك يا نجوم تجاذبينا

إلى كم نحن نَلبس فيك لبسًا

ومن جَرَّاكِ ندَّرع الظُّنونا!

لعلَّ النجم في إحدى الليالي

سيبعث للورى نورًا مبينا

تقوم له الهواتف قائلات:

خذوا عني النهَى ودعوا الجنونا


نوع المنشور:

شارك على :

المنشور السابق

نحن من أرضنا على منطاد

المنشور التالي

خبر في الأرض أوحته السما

اقرأ أيضاً

هو يوم شك علي

هُوَ يَوْمُ شَكٍّ عَلِيْ يُ وَشَرُّهُ مُذْ كَانَ يُحْذَرْ وَالجَوُّ حُلَّتُهُ مَمَسْ سَكَةٌ مَمُطْرَفُهُ مُعَنْبَرْ وَالْمَاءُ فِضِّيُّ القَمِيْ…