طرب الشعر أن يكون نسيبا

التفعيلة : البحر الخفيف

طرب الشعر أن يكون نسيبا

مذ أجالت لنا القوام الرطيبا

وتجلّت في مسرح الرقص حتى

أرقصت بالغرام منّا القلوبا

أقبلت تنثني بقدٍّ رشيقٍ

ألبسته البرد القصير قشيبا

قصّرت منه كمّه عن يديها

وأطالت إلى النهود الجيوبا

حبس الخصر حيث ضاق ولكن

أطلق النحر بادياً والتريبا

هو زيّ يزيد في الحسن حسناً

من تزيّا به وفي الطيب طيبا

خطرت والجمال يخطر منها

في حشا القوم جيئةً وذهوبا

وعلى رؤس الأصابع قامت

تتخطّى تبختراً ووثوبا

يعبس الأنس أن تروح ذهاباً

ويعيد ابتسامه أن تؤوبا

فهي أن أقبلت رأيت ابتساماً

وهي أن أدبرت رأيت قطوبا

نحن منها في الحالتين ترانا

نرقب الشمس مطلعاً ومغيبا

تضحك الجوّ في الصباح طلوعاً

ثم تبكيه في المساء غروبا

أظهرت في المجال من كل عضو

لعباً كان بالقلوب لعوبا

حيّرتنا لما أرتنا عجيباً

فعجيباً من رقصها فعجيبا

شابهت عظفة الغصون انثناءً

وحكت خطرة النسيم هبوبا

تلفت الجيد للرجوع انصياعاً

كفطيم رأى على البعد ذيبا

تثب الوثبة الخفيفة كالبر

ق صعوداً في رقصها وصبوبا

حركات خلالها سكنات

يقف العقل بينهنّ سليبا

وخطاً تفضح العقود اتساقاً

نظمتها تسرعاً ودبيبا

بسمت كوكباً ومرّت نسيماً

وشدت بليلاً وفاهت خطيبا

لو غدا الشعر ناطقاً لسان

لتغنّى بوصفها عندليبا

أو غدا الحسن شاعراً ينظم الحبّ

قريضاً أبدى بها التشبيبا

هي كالشمس في البعاد وأن كا

ن إلينا منها الشعاع قريبا

عمّت الناس بالغرام فكلّ

قد غدا عاشقاً لها ورقيبا

زهرة تبهج النواظر حسناً

ورواءً وتنعش الروح طيبا

هي دائي إذا شكوت من الدا

ء وطبّي إذا أردت طبيبا

وأتت بعدها من الغيد أخرى

يقتفى أثرها الجمال جنيبا

فأرتنا من الجبين صباحاً

ومن الخدّ كوكباً مشبوبا

حملت بندقيّة صوّبتها

نحو مستهدفٍ لها تصويبا

واستمرّت رمياً بها عن بنان

لطفه ضامن له أن يصيبا

تحشن الرميَ تارةً مستقيما

وإلى الخلف تارة مقلوبا

وانكباباً إلى الأمام واقعا

ساً كثيراً إلى الوراء عجيبا

وهي في كل ذا تصيب الرمايا

مثلما طرفها يصيب القلوبا

لو أردات رميَ الغيوب وأغضت

لأصابت خفيّها المحجوبا

مشهد فيه للحياة حياة

تترك الواله الحزين طروبا

قد شهدناه ليلة جعلتنا

نحمد الدهر غافرين الذنوبا

بين رهطٍ شمّ العرانين ينفى ال

همّ عنّي حديثهم والكروبا

كرُموا أنفساً وطابوا فعالا

وسمَوا محتداً وعفّوا جيوبا

تلك والله ليلة لست أدري

في بلادي قضيتها غريبا

كدى أنسى بها العراق وأن أب

قى ندوباً بمهجتي فندوبا

يا سواد العراق بيّضك الده

ر فأشبهت مقلتي يعقوبا

شملت ريحك العقيم وقد كا

نت لقوحاً تهبّ فيك جنوبا

أين أنهارك التي تملأ الأر

ض غلالا بسيحها وحبوبا

إذ حكت أرضك السماء نجوماً

ما حياتٍ أنوارهنّ الجدوبا

لهف نفسي على نضارة بغدا

د استحالت كدورةً وشحوبا

أين بغداد وهي تزهو علوماً

وزروعاً وأربعا ودروبا

أقفرت أرضها وحاق بها الجه

ل فجاشت دواهياً وخطوبا


نوع المنشور:

شارك على :

المنشور السابق

نزلت تجر إلى الغروب ذيولا

المنشور التالي

ذهبت لحي في فروق تزاحمت

اقرأ أيضاً